الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
91 - كتاب التعبير
1 - باب أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ
6982 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِىُّ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَاّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ،
ــ
كتاب التعبير
يقال عبّر الرؤيا بالتشديد والتخفيف، أي: أولها بما تؤول إليه، أخذها من العبور وهو التجاوز؛ لأنها أكثر ما تكون على خلاف الظاهر، وقد أكثر الناس الكلام في سبب الرؤيا، والذي يعوَّل عليه أن رؤية البصر إنما هي بخلق الله تعالى، فكما يخلق في حال النوم على ما ألفه الشخص من الأمور اللائقة به، وحال النوم تابعة لليقظة، ولذلك أصدق المنامات كما ذكره علماء التعبير منامات الملوك وهلم جرًا على النسبة، ولذلك لا ترى منامات العوام تصدق إلا نادرًا.
(أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي) من تباشير النبوة، وقد سلف في أول الكتاب أنه كان من أيام نبوته ستة أشهر بالرؤيا الصالحة أي الصادقة كما في الرواية الأخرى.
6982 -
(بكير) بضم الباء مصغر، وكذا (عقيل)، روى حديث عائشة أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة، وقد سلف الحديث في أول الكتاب مع شرحه بما لا مزيد عليه وأشرنا إلى أن الحديث من مراسيل الصحابة، فإن عائشة لم تدرك أوائل النبوة، ونشير إلى بعض ألفاظ الحديث لبعد العهد (كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) فلق الصبح ضياؤه، ويطلق على نفس الصبح كما في قوله تعالى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}
فَكَانَ يَأْتِى حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهْوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ اقْرَأْ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِى. فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِى فَغَطَّنِى الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ. فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَغَطَّنِى الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّى الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ» . حَتَّى بَلَغَ (مَا لَمْ يَعْلَمْ) فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ «زَمِّلُونِى زَمِّلُونِى» . فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ «يَا خَدِيجَةُ مَا لِى» . وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ «قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى» . فَقَالَتْ لَهُ كَلَاّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَىٍّ - وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِىَّ فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ
ــ
[الفلق: 1](فكان يأتي حراء) بكسر الحاء والمد والقصر تصرف ولا تصرف، قيل كان مجيئه إلى حراء لأن المعتكف بها يشاهد الكعبة، وكان قبله يعتكف بها عبد المطلب في رمضان (فيتحنث) أي: يتجنب الحنث، وهو الإثم، فسره بالتعبد لأنه من لوازمه (الليالي ذوات العدد) أي ليالي كثيرة أو قليلة، ويؤيد الأول وصفه بذوات العدد، أي: أيامًا لها قدر، والتردد والاشتياق إلى أهله وهو ظرف للحنث، وما في. . . . تفسير له (حتى فجئه الحق) بفتح [الفاء] وكسر الجيم، يقال فجئ، وفجأ والمصدر منه فجأة بضم الفاء، أي: جاء بغتة، وكذا فاجأه (فغطني حتى بلغ مني الجهد) الغطّ: العصر الشديد، ويجوز في الجهد الرفع أي: بلغ المشقة مني غايته، والنصب، أي: بلغ الملك من المشقة، أو طاقتي، أو وسعي فسقط ما قيل: إن البشر لا تقوى على قوة الملك فلا وجه للنصب، على أنه لو حمل على طاقة الملك فلا وجه لذلك القول؛ لأنه لم يكن في صورة الملك، وسلف منا أن الحكمة في ذلك الغط الشديد ابتلاؤه في الأمانة والديانة، هل يخترع من عند نفسه قراءة كما يفعل واحد منا إذا وقع في بلية (بوادره) بالباء جمع بادرة، لحم بين المنكب والعنق، قال الجوهري: جمع لا مفرد له (زملوني) أي دثروني، يقال زملته، أي: لففته (لا يخزيك الله)
شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِىَ - فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَىِ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ وَرَقَةُ ابْنَ أَخِى مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِى فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيًّا، حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ» . فَقَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَاّ عُودِىَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِى يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّىَ، وَفَتَرَ الْوَحْىُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَىْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَىْ يُلْقِىَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْىِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ
ــ
بالخاء المعجمة من الخزي، ويروى بالحاء المهملة من الحزن (هذا الناموس الذي أنزل على موسى) الناموس فاعول من لمست السِّرَّ: كتمته، يقال لصاحب سر الخير: ناموس، كما يقال لصاحب سر الشر جاسوس (يا ليتني فيها جَذعًا) -بفتح الجيم وذال معجمة- أي: شابًا قويًّا، والضمير لأيام النبوة، وانتصاب جذعًا على الحال من الضمير الذي في الظرف، أو نُصب بليت على لغة من ينصب الخبرين بحرف التشبيه كقوله:
.........................
…
إن حراسنا أسدا
(أنصرك نصرًا مؤزرًا) أي قويًّا يقال: آزره وأزره بالمد والقصر، وأزَّره بالتشديد بمعنى، من الأزر، وهو القوة (ثم لم ينشب ورقة) أي لم يلبث (أن توفي) بدل اشتمال من ورقة (وفتر الوحي) أي انقطع (حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال) جمع شاهق وهو أعلى الجبل، وفواعل جمع فاعل شاذ (فكلما أوفى بذروة جبل) أي: وصل وضمَّنه معنى اللصوق فَعَدَّاها بالباء، وذِروة الشيء بكسر الذال المعجمة أعلاه (تبدى له جبريل) بفتح المثناة فوق، وتشديد الموحدة من البدو وهو الظهور، وصيغة الفعل