الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جوبان
الأمير سيف الدين المنصوري.
أحد أمراء الشام وكباره، ومن إذا جرى في ميدان الشجاعة لا يطمع ملاعب الأسنة في شق غباره. قوي النفس لا يصبر على ذله، شديد البطش، لا يعبأ بما يترتب على الأهوار المضله، وكانت له عظمة في النفوس، وجلالة تجعل موضعه على الرؤوس، ولم يزل على ذلك إلى أن جرى بينه وبين تنكز مقاوله، كادت تصل إلى مصاوله، فأودعه في القلعة معتقلاً ليلة والثانيه، وقال حساده:" يا ليتها كانتِ القاضية " ثم إنه حمل إلى مصل ورسم له بالإقامة هناك، وقال له محبه: أبشر ظفرت بالسلامة هناك.
وكانت واقعته مع تنكز في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبع مئة، وأقام بمصر على إقطاع، وفي العشرين من شوال سنة اثنتين وعشرين وسبع مئة عاد من مصر أميراً على ما كان عليه، وتوجه أمير الركب سنة ست وعشرين وسبع مئة، وأقام بدمشق على إمرته، إلى أن توفي - رحمه الله تعالى - في عشري صفر سنة ثمان وعشرين وسبع مئة.
وكان من مماليك الأشرف، أمره الأشرف، وخلف تركة كبيرة من الذهب والفضة والات والأمتعة، وكان قد جاوز السبعين، وأعطي إقطاعه للأمير شهاب الدين قرطاي نائب طرابلس.
جوبان
الأمير سيف الدين، أحد الأمراء أصحاب الطبلخاناة.
كان حسن الصورة، مديد القامة، فهي على الهيف مقصوره، له طلعة إذا فاخرها البدر في تمامه، كانت له منصوره، بمعاطف كالغصون لا تزال بيد النسيم مهصوره، وشمائل راقت لمتأملها فمحاسنها غير محصوره.
تضرّم خدّاه حتى عجب
…
ت لعارضيه كيف لا يضطرم
إلا أن الأيام عبثت بمحاسنه، وأثارت له البلى من مكامنه، فحولت حالاته، وعادته وعادت عن موالاته، وجعلت وجهه للأنام عبره، وأجرت عليه من العيون كل عبره، ولزم منزله لا يدخل ولا يخرج، ولا يرقى في منازل الحركة ولا يعرج، كالبدر إذا كسف، والغصن إذا قصف، ولم يزل على حاله إلى أن تلاشى واضمحل، وجوز اللحد أكل لحمه واستحل.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في يوم السبت رابع عشري جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وسبع مئة.
أول ما عرفت من أمره أنه حضر مع الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي من حلب إلى دمشق، وأظنه كان أمير عشرة، ولم يزل معه مدة نيابته في دمشق، إلى أن جرى له ما جرى على ما سيأتي في ترجمة يلبغا، فاعتقل في جملة من اعتقل من جماعته لأنه كان من ألزامه، على ما في ظني، ثم إنه أفرج عنه، وحضر إلى دمشق وكان بها أمير طبلخاناه، وتحدث في جامع يلبغا، وعمر إلى جانبه عمارة، ونوزع فيها، فأوقفها على الجامع.