الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فورد المرسوم بذلك، فتوجه الأمير شمس الدين سنقر إلى طرابلس، فأقام بها ضعيفاً تقدير شهرين أو أكثر. ثم إنه قضى، ومر شخصه وانقضى.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في أول شهر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وسبع مئة.
سنقر الأمير شمس الدين
المنصوري الأعسر
كان من كبار الأمراء في مصر والشام، وممن تجمل به الدول والأيام، عارفاً بما يتحدث فيه، خبيراً بالكلام الذي يخرج من فيه. وكانت له في الشام صورة كبيره، وعزمة شهيره، ومباشرة للأموال مثيره.
ركب الأهوال ونكب، وسلب ماله وبين يديه سكب، ثم إنه انتصر، وشره في المباشرات وما اقتصر. وندب في المهمات مرات، وتولى الشد كرات.
ولم يزل إلى أن ثبت إعسار الأعسر من حياته، وأصبح ثمر روحه في يدي جناته.
وتوفي - رحمه الله تعالى - سنة تسع وسبع مئة.
كان مملوك الأمير عز الدين أيدمر الظاهري النائب بالشام، ودواداره، وكانت نفسه تكبر عن الدواداريه. ولما عزل مخدومه، وأرسل إلى مصر في الدولة المنصوريه، عرضت مماليكه على السلطان، فاختار منهم جماعة، منها سنقر هذا، فاشتراه وولاه نيابة الأستاذ درايه.
وفي سنة ثلاث وثمانين وست مئة أمره بالشام، ورتبه في شد الديوان والأستاذ دارية. وأقام بالشام، وله سمعة زائدة وعظمة إلى أن توفي الملك المنصور، وتولى الأشرف، فكان في خاطر الوزير شمس الدين بن السلعوس منه، فطلب إلى مصر، وعوقب وصودر، فتوصل بتزويج ابنة الوزير، وكتب صداقها بألف وخمس مئة دينار، فأعاده إلى الحالة الأولى.
ولم يزل إلى دولة الملك العادل كتبغا ووزارة الصاحب فخر الدين بن الخليلي، فقبض على الأمير شمس الدين المذكور وعلى الأمير سيف الدين أسندمر، وصودرا وأخذ من الأعسر قريباً من خمس مئة ألف درهم، وأهانه الوزير غير مرة، وعزله عن الشد بفتح الدين بن صبرة، وتوجه الأعسر صحبتهم إلى مصر.
ولما وثب حسام الدين لاجين على كتبغا في ذي الحجة سنة ست وتسعين وست مئة، ورسم للأمير سيف الدين قبجق بنيابة الشام، ولي الأعسر الوزارة وشد الدواوين في شهر رجب سنة ست وتسعين وست مئة، ثم إنه قبض عليه، ثم ولي الوزارة بعد ذلك، وعامل الناس بالجميل، وتوجه لكشف الحصون في سنة سبع مئة أو في آخرها، ورتب عوضه في مصر عز الدين أيبك البغدادي. فاستمر الأعسر أمير مئة وعشرة مقدم ألف. وحج صحبة الأمير سيف الدين سلار.
وتوفي بمصر بعد أمراض اعترته.
وغالب مماليكه تأمروا بعده.
وفيه يقول علاء الدين الوداعي لما سبق الناس والأمراء أجمعين في عمارة الميدان، ومن خطه نقلت:
لقد جاد شمس الدين بالمال والقرى
…
فليس له في حلبة الفضّل لاحق
وأعجز في هذا البناء بسبقه
…
وكلّ جواد في الميادين سابق
وفيه يقول لما أمره السلطان بقطع الأخشاب من وادي مربين للمجانيق، ومن خطه نقلت:
مربّين شكراً لإحسانها
…
فقد أطربتنا بعيدانها
ولولا الولاء لما واصلت
…
ولا طاوعت بعد عصيانها
أتانا بها وهي مأسورةٌ
…
وآسرةٌ أسد غيطانها
ولم نر من قبله غائراً
…
أتى بالدّيار وسكّانها
ولا عدمت عدله ملّةٌ
…
يدبّر دولة سلطانها
وفيه يقول الشيخ صدر الدين بن الوكيل موشحاً، وهو:
دمعي روى مسلسلا بالسّ
…
ند عن بصري أحزاني
لما جفا من قد بلا بالرّم
…
د والسّهر أجفاني
غزال أُنسٍ نافر
…
سطت به التّمائم
وغصن بانٍ ناضر
…
أزهاره المباسم
قلبي عليه طائر
…
تبكي له الحمائم
إن غاب فهو حاضر
…
بالفكر لي ملازم
كم قد لوى على الولا من موع
…
د لم يفكر في عان
وقد كفا ما قد بلى بالكم
…
د والفكر ذا الجاني
أزرى بغزلان النّقا
…
وبانه وحقفه
كم حلّ من عقد تقىً
…
بطرفه وظرفه
لم أنسه لمّا سقى
…
من ثغره لإلفه
سلاف ريقٍ روّقا
…
في ثغره لرشفه
قد احتوى على طلا وشه
…
د ودرر مرجاني
قد رصّفا وكلّلا ب
…
البرد والزّهر للجاني
أماله سكر الصّبا
…
ميل الصّبا لقدّه
وفكّ أزرار القبا
…
وحلّ عقد بنده
وسّدته زهر الرّبا
…
وساعدي لسعده
وبتّ أرعى زغبا
…
من فوق ورد خدّه
مثل الهوى هبّ على روضٍ
…
ندي من طررٍ ريحاني
قد لطفا حتى غلا م
…
ورّد مزهّر نعماني
خدٌّ به خدّ البكا
…
في صحن خدّي غدرا
وردّ لمّا أن شكا
…
سائل دمعي نهرا
كم مغرمٍ قد تركا
…
بين البرايا عبرا
يا من إليه المشتكى
…
الحال تغني النّظرا
زاد الهوى فانهملا دمع
…
الصّدي كالمطر هتّان
وما انطفا واشتعلا في
…
كبدي كالشّرر نيراني