الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علي، فأمسكه في واقعة أمير موسى، ثم أفرج عنه بعد مدة تقارب العشرين سنة، وجهزه أميراً إلى صفد، فأقام بها مدة تزيد على السنة والنصف. ثم إنه نقل إلى دمشق على طبلخاناه، وكان الأمير سيف الدين يرعى له خدمته الأولى، وكان إذا خاطبه قال له: يا صارم.
ولم يزل مقيماً بدمشق إلى أن أمسك الأمير سيف الدين تنكز، فأمسك الأمير سيف الدين بشتاك لما حضر إلى دمشق الأمير صارم الدين
صاروجا
، واعتقل في قلعة دمشق في جملة من أمسك في تلك الواقعة، ثم إنه ورد المرسوم على الأمير علاء الدين ألطنبغا بأن يكحله، فدافع الأمير علاء الدين عنه يويمات يسيرة، ثم إنه خاف، فأمر بكحله، فعمي باصره، وكان ذلك عشية نهار، وفي صبيحة ذلك اليوم ورد المرسوم بالعفو عنه، ثم إنه رتب له ما يكفيه، وجهز إلى القدس، فأقام به مدة.
ثم إنه عاد إلى دمشق وأقام بها إلى أخريات سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة، وتوفي رحمه الله تعالى.
وكان رجلاً خير الطباع، سليم الصدر، كثير المؤانسة والإمتاع، قل أن يكون في خزانته شيء، بل الجميع يفرقه على مماليكه الخواص، والذين هم على خدمته وملازمته غواص. وكان كتابه ومن يتحدث في بابه يشكون من ذلك، ويرون أن أيامهم بهذا مثل الليالي الحوالك.
وكان الأمير سيف الدين قد ولاه الحكم في البندق، ثم عزله منه وتغير عليه قليلاً، ثم عاد إلى الحنو عليه.
صاروجا
الأمير صارم الدين، نقيب النقباء بالديار المصرية.
كان فيه دهاء وخدع، وصد عن الحق وصدع، لا يهاب أميراً ولا وزيرا، ولا يخاف كبيرا ولا صغيرا، له إقدام على السلطان، وعنده تختل ما يهتدي إليه الشيطان. قدمه السلطان وقربه، وأدناه لما عرفه وجر به كثيراً من مراده لما جربه. إلى أن خافه الأمراء، وهابه الكبراء.
ولم يزل على ذلك إلى أن فارق الحياة، فجاءه الموت فجاءه، وقطع من الحياة أصله ورجاءه.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة ست وثلاثين وسبع مئة.
كان نقيباً صغيراً، فلما توفي الأمير عز الدين دقماق نقيب النقباء أمره السلطان وجعله مكانه، وقدمه وعظمه، وصار يدخل إليه على ضوء الشمع، ويتحدث معه في كل ما يريد، حتى خافه الأمراء الكبار وخافه النشو ناظر الخاص، على ما فيه.
ثم إنه توجه مع السلطان في السنة المذكورة، لما وصل في تلك السفرة إلى خانق دندرا وعاد، فلما قارب القاهرة وقف صاروجا على بعض المعادي ليعدي الأطلاب، فوقف على بعض الجسور ومد يده بالعصا ليضرب شخصاً تعدى مكانه، فرفع يده بالعصا، فوقع من أعلى الفرس إلى الأرض ميتا.