الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معروفه، وسواذخ بالإتقان موصوفه، كل ساذخ كأنه قول أو شيء ما نسخ المتقدمون له على نول، لما فيه من الرنانات المختلفه، والإيقاعات المؤتلفه. ولقد رأيت بمصر جماعة من أرباب هذا الفن وأستاذيه، ومن يعرف هادي طريقته من هاذيه يعترفون له ويعظمونه، ويأخذون در قوله وينظمونه، وقالوا: هذا خالد، ذكره إلى يوم القيامة خالد، لأن علم النغم قال له دون الناس: نعم.
ولم يزل بدمشق على حاله إلى أن حمل على عود المنايا، ولم يسمع الناس بعده شبابة ولا ناياً.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة خمس وثلاثين وسبع مئة تقريباً.
وقلت أنا في رثائه تضميناً:
قد مضى خالد المغنّي وولّى
…
وعليه الدموع وقفاً جوار
كم له نوبة، وما كان فينا
…
بأميرٍ، تدقّ في الأسحار
ولأقواله المطاعة يعنو
…
كلّ من جاء باقي الأعصار
هكذا فلتكن أمارة من أت
…
قن فناً وغيره ذو افتقار
رحمة الجنك والدفوف عليه
…
وصلاة العيدان والمزمار
خالد بن إسماعيل بن محمد
القاضي الرئيس شرف الدين بن القيسراني المخزومي الشافعي، موقع الدست الشريف بدمشق، ابن القاضي عماد الدين - وقد تقدم ذكره في حرف الهمزة وتمام نسبه هناك - وأخو القاضي شهاب الدين يحيى، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف الياء.
كانت فيه رئاسة عظيمه، وسيادة تجلو ظلم الدياجي البهيمه، ومروءة تحمله ما لا يطيق، وعصبية يسير في طريقها مفرداً بلا رفيق، وكرم أنسى خالد به ذكر البرامكة الخالد، وأحيا بطارفه ميت مجده التالد، وقال له كل مؤمل: وبررتني حتى كأنك والد، وإقدام حتى على الأسود والأساود، يذوب عند شمسه الجليد، وشجاعة لا تنكر له فإن ممن ينسب إلى خالد بن الوليد.
وكان في ضميره من الترقي آمال، وله في ذلك نيات صادقة وأعمال، وعنده تشوف إلى وراثة ما لأسلافه من المناصب وله تطلع إلى ارتجاع ما سلبته الليالي بأيديها الغواصب، فحال بينه وبين الوصول إليها حلول أجله، ولم يفرح ذووه وأصحابه ببلوغ سؤله ولا نيل أمله:
تقول له العلياء لو كان نالها
…
وجادل فيها من رآه يجالد
وهبت سراة الناس ما لو حويته
…
لهّنئت الدّنيا بأنّك خالد
ولم يزل في توقيع الدست إلى أن وقع في المحذور، وأغمد القبر منه شبا السيف المطرور.
وتوفي رحمه الله تعالى في بكرة السبت ثالث جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وسبع مئة، ودفن بالقبيبات في تربة الصاحب شمس الدين غبريال.
ومولده
…
وكان والده رحمه الله تعالى لما قدموا إلى دمشق من حلب قد زوجه بابنة الصاحب شمس الدين غبريال، واحتفل به، ورتبه الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى في جملة كتاب الإنشاء بدمشق، وذلك في سنة ثماني عشرة وسبع مئة أو ما قبلها، وقرر
له معلوماً جيداً. ولما توجه الصاحب شمس الدين إلى نظر الدولة بالديار المصرية توجه معه، ولما عاد منها عاد معه إلى دمشق.
وكان مفرط الجود والكرم، تحمل للتجمل من الديون ما بهظه حمله وآده ثقله، لا تليق كفه درهما ولا ديناراً، غزير المروءة، شجاع النفس، كثير الإقدام على الأخطار، سلمه الله تعالى مرات من العطب لصفاء نيته، وحسن سريرته.
ولما ملك الفخري دمشق في نوبة ألطنبغا جعله كاتب سره، ونفع الناس وولاهم الوظائف، ولم يأخذ من أحد شيئاً. ولما صار الفخري في دمشق، وسكن القصر الأبلق ولاه وكالة بيت المال بدمشق، مع توقيع الدست. ولما توجهوا إلى مصر مع الفخري خرجت عنه للقاضي شرف الدين بن الشهاب محمود، ثم إنه في أيام طقزتمر جلس في توقيع الدست بدمشق.
وكان ينفع الناس قدام النواب، ويثني على من يذكر عندهم، لما عنده من المروءة والعصبية.
وكان يصحب الأمراء، وصحب الأمير فخر الدين أياز نائب حلب، ووقع بينه وبين يلبغا، وطلبه يوم الجمعة يوم هروبه من دمشق، ولو أظفره الله به وجد منه شراً كبيراً، ولكن الله سلم.
وصحب الأمير سيف الدين أرغون الكاملي وهو في مصر. ولما صار في حلب نائباً استمر على صحبته إلى أن عمل نيابة الشام، ثم توجه لحلب ثانياً، ومنها إلى مصر، ولما حضر إلى القدس كان هو وكيله، وقصاده تنزل عنده، وتقضي أشغاله.