الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولياء تخشى أن تجود بأنفسها قبل أن ترى وجودها، فالحمد لله على هذه المنن التي أجابت من سأل، وتركت المملوك وأمثاله من الأولياء يصحبون الدنيا بلا أمل، وأعادت على النواظر نضارة نورها وإضاءة نورها، وردت إلى القلوب ما بعد من آمالها أو نفر من سرورها، وفسحت للأولياء في أرجاء الرجاء مجالا، وأجرت سوابق الإحسان في مضمار المعنى فغدت لها المحامد غررا، والأثنية المشرقة أحجالا، ثم الحمد لله على هذه المنة التي لا يقدر الشكر قدرها، ولا يدرك سرار الانتهاء بدرها، ولا تزال الأقدار تعاضد نهيها وأمرها، والسعادة ترفه بيمن خياطتها الممالك بيض جيوشها المرهفة وسمرها، والمملوك فقد اجتنى ثمر دعائه الصالح، وأخذ من هذه التهنئة حظ المقيم الملازم بالأبواب العالية مع أنه النائي النازح، والله يجعل هذه المنة فاتحة ما يستقبل من أمثالها، ويمتع الأولياء كافة بما أنجزت لها الأيام من وعود آمالها بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.
عبد الله بن جعفر
بن علي بن صالح
محيي الدين الأسدي الكوفي النحوي الحنفي، ابن الصباغ.
أجاز له رضي الدين الصاغاني، والموفق الكواشي، وبالعامة من ابن الخير، وألقى الكشاف مرات دروسا، وجلا من آدابه، على الطلبة عروسا، وسقى من فضائله المتنوعة غروسا، وكانت له جلالة وأبوة وأصالة، عرض عليه تدريس المستنصرية فأبى، وصار له بهذا الإعراض حديث ونبا، وكانت فضائله موصوفه، وهو في ذلك الزمان فاضل الكوفه.
ولم يزل على حاله إلى أن أصبح الموت بابن الصباغ صبا، وصبت الأحزان عليه سحائب الدموع صبا.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة سبع وعشرين وسبع مئة.
ومولده سنة تسع وثلاثين وست مئة.
كان فيه عبادة وزهادة، وكتب عنه عفيف الدين المطري، وأجاز للشيخ تقي الدين بن رافع، ونظم الفرائض.
عبد الله بن جعفر
عفيف الدين التهامي أحد كتاب الإنشاء للملك المؤيد صاحب اليمن، كان دينا حسن السيره، طاهر السريره.
نقلت من خط الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليمني، قال: كان عفيف الدين يملي على أربعة قريضاً من فيه، على غرض طالبه ومستفتيه، من غير لعثمه، ولا فأفأة ولا تمتمه، في أوزان مختلفه، وقواف غير مؤتلفه، وبلغ السبعين، وهو مشتمل برداء الدين.
وقال: توفي سنة أربع عشرة وسبع مئة ببلده من أعمال الجثة.
قال يمدح المؤيد وقد سار إلى عدن من تعز، وعيد بها:
أعلمت من قاد الجبال خيولا
…
وأفاض من لمع السيوف سيولا
وأماج بحراً من دلاصٍ سابحٍ
…
جرّت أسود الغاب منه ذيولا
ومن القسىّ أهلةً ما تنقضى
…
منها الخضاب عن النصول نصولا
وتزاحمت سمر القنا فتعانقت
…
قرباً كما يلقى الخليل خليلا
فالغيث لا يلقى الطريق إلى الثرى
…
والريح فيها لا تطيق دخولا
سحبٌ سرت فيها السيوف بوارقاً
…
وتجاوبت فيها الرعود صهيلا
طلعت أسنّتها نجوماً في السما
…
فتبادرت عنها النجوم أُفولا
تركت ديار الملحدين طلولا
…
مما تبيح بها دماً مطلولا
والأرض ترجف تحتها من أفكلٍ
…
والجوّ يحسب شلوه مأكولا
حطمت جحافلها الجحافل حطمةً
…
تدع الحمام مع القتيل قتيلا
طلبوا الفرار فمّد أشطان القنا
…
فأعاد معقلهم بها معقولا
عرفوا الذي جهلوا فكلّ غضنفرٍ
…
في النّاس عاد نعامة إجفيلا
ملك إذا هاجت هوائج بأسه
…
جعل العزيز من الملوك ذليلا
بحر إلى بحر يسير بمثله
…
والملح أحقر أن يكون مثيلا
وقال: وقد أمر المؤيد أن تطرح دراهم في بركة صافية، وأن ينزل الخدام والحاضرون للغوص عليها:
أرى بركة قد طما ماؤها
…
وفي قعرها ورقٌ منتثر
فيا ملك الأرض هذي السّما
…
وهذي النجوم وأنت القمر