الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أم روضةٌ دبّجتها كفّ ذي أدبٍ
…
غضٍّ لغير صلاح الدين ما صلحت
يا فاضلاً فاق في الآفاق كلّ سنا
…
بنور طلعته الغرّاء مذ لمحت
أوحشتنا شهد الله العظيم فكم
…
جوارحٌ بسيوف السّقم قد جرحت
فلا رعى الله أياماً حوادثها
…
على تفرّقنا قدماً قد اصطلحت
أهلاً بغادتك الحسناء إنّ لها
…
محاسناً في بدور التم قد قدحت
أقسمت ما ظفرت يوماً بمشبهها
…
قريحةٌ من أخي نظم ولا فرحت
خريدةٌ ولّدتها فكرةٌ قذفت
…
بالدر من لجّةٍ بالفضل قد طفحت
فلا برحت ترينا كلّ آونةٍ
…
قصيدةً لو رأتها الشمس لافتضحت
وبيني وبينه مراجعات ومكاتبات غير هذه، وقد ذكرت ذلك في كتابي ألحان السواجع.
أبو بكر المدّعي
في يوم الجمعة سلخ جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة ظهر بقرية حطين - وهي من عمل صفد، بها قبر ينسب لشعيب عليه السلام شخص ادعى أنه السلطان أبو بكر المنصور بن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، ومعه جماعة تقدير عشرة أنفار فلاحين، فبلغ ذلك الأمي علاء الدين ألطنبغا برناق نائب صفد، فجهز إليه دواداره شهاب الدين أحمد وناصر الدين بن البتخاصي فأحضراه، فجمع
له النائب المذكور الناس والحاكم، فادعى أنه كان في قوص وأن مؤمن لم يقتله، وأن أطلقه فركب البحر ووصل إلى قطيا، وبقي مختفياً في بلاد غزة إلى الآن، وأن له دادةً مقيمة في غزة عندها النمجا والقبة والطير. فقال النائب: وأنا كنت في تلك الأيام جاشنكيراً أولاً، وكنت أمد السماط بكرةً وعشياً وما أعرفك؟! فأقام مصراً على حاله، وانفسدت له عقول من جماعة وما شكوا في ذلك، فطالع النائب بأمره السلطان، فعاد الجواب بتجهيزه محترزاً عليه في عشرة نفر إلى غزة، فخشبه نائب صفد وجهزه، وحضر من تسلمه إلى مصر، ثم حضر بعد ذلك كتاب السلطان يتضمن أن المذكور ظهر كذبه ووجد مقتولاً بالمقارع، وأنه سمر وقطع لسانه، وكان في هذه الحالة إذا شرب الماء يقول وهو على الخشب: أشرب ششني، وإذا رأى أميراً يقول: هذا مملوكي ومملوك أبي، ويقول: لي أسوة بأخي الناصر أحمد وأخي الكامل وأخي المظفر الكل قتلتموهم.
وظهر أخيراً أنه أبو بكر بن الرماح، وأنه كان يعمل وكيلاً في بلاد صفد، وأن شحنة بعض القرى قتله يوماً فآلمه الضرب فادعى ما ادعى.
قلت: هذا الذي اتفق جرى مثله في سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة، وتسع وثلاثين وسبع مئة، وتسع وثلاثين وما بعدها، وهو ظهور الذي ادعى أنه دمرتاش بن جوبان، وجاء إلى أولاد دمرتاش ونسائه وأهله ووافقوه على ذلك، والتف عليه
جماعة، وصارت له شوكة، وخيف على الشام ومصر منه إلى أن كفى الله أمره وقتل.
وكان ظهوره بعد موت دمرتاش بتسع سنين أو ما حولها، والتبس الحال في أمره حتى على السلطان الملك الناصر حتى إنه نبش قبره وأخرجت عظامه من مكانها برا باب القرافة بقلعة الجبل.
وكان المذكور قد خنق وقطع رأسه وجهز إلى القان بوسعيد، وكان يدعي أنه حصل الاتفاق في أمره وهرب من الاعتقال من سجن القلعة، ووصل إلى البحر وركب فيه مركباً وتغيب إلى أن ظهر، وأن الذي قتل كان غيره. وليس لذلك صحة أصلاً، بل الذي قتل وقطع رأسه بحضور أمناء السلطان ومماليكه الأمناء الخواص الذين لا يتجاسرون مع مهابة أستاذهم على وقوع شيء من ذلك، وهذا أمر اتفق وقوعه إلى حين تعليق هذه الأوراق، وهو شهر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وسبع مئة مرتين، الأولى هذه والثانية واقعة أبي بكر بن الرماح المذكور آنفاً، فلا ينكر على عاقل وقوع مثل هذه الأمور. وقد قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله تعالى في كتابه نقط العروس: أخلوقة لم يسمع بمثلها، أتى رجل يقال له خلف الخضري بعد اثنين وعشرين سنة من موت المؤيد بالله هشام بن الحكم، ادعى أنه هشام، فبويع وخطب له على المنابر بالأندلس، وسفكت الدماء، وتصادمت الجيوش
وأقام نيفاً وعشرين سنةً. وقال أيضاً: فضيحة لم يقع في العالم مثلها: أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام في مثلها تسمى كل منهم بأمير المؤمنين، وهم خلف الخضري بإشبيلية على أنه هشام بن الحكم، ومحمد بن القاسم بن حمود بالجريزة، ومحمد بن إدريس بن حمود بمالقة، وإدريس بن علي بن حمود.
وقال أيضاً في كتاب الملل والنحل: أنذرنا الجفلى لحضور دفن المؤيد هشام بن الحكم المستنصر، فرأيت أنا وغيري نعشاً وفيه شخص مكفن، وقد شاهد غسله رجلان شيخان حكمان من حكام المسلمين من عدول القضاة في بيت، وخارج البيت أبي رحمه الله تعالى وجماعة عظماء البلد، ثم صلينا عليه في ألوف من الناس، ثم لم نلبث إلا شهوراً نحو التسعة حتى ظهر حياً وبويع بالخلافة، ودخلت إليه أنا وغيري وجلست بين يديه، وبقي كذلك ثلاثة أعوام غير شهرين وأيام، حتى لقد أدى ذلك إلى توسوس جماعة لهم عقول في ظاهر الأمر، إلى أن ادعوا حياته حتى الآن، وزاد الأمر حتى أظهروا بعد ثلاث وعشرين سنة من موته على الحقيقة إنساناً قالوا هو هذا، وسفكت بذلك الدماء وهتكت الأستار وأخليت الديار وأثيرت الفتن.
انتهى كلام ابن حزم رحمه الله تعالى.
وقلت أنا في ذلك:
قد قتل المنصور في قوص
…
واقتصّ من القتال في القاهره
وبعد اثني عشر عاماً مضت
…
من صفد في عصبة فاجره
يطلب ملكاً في يدي غيره
…
وهذه أعجوبة ظاهره