الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن سلامة
بهاء الدين موسى بن عبد الرحمن.
سليمان بن إبراهيم بن سليمان
القاضي علم الدين أبو الربيع، المعروف بابن كاتب قرا سنقر، في الديار المصرية.
وكان في الشام يعرف بالمستوفي، وورد من الديار المصرية أولاً مستوفي النظر بدمشق، ثم عزل في أيام الصاحب أمين الدين، وصودر، وذلك في سنة خمس وثلاثين وسبع مئة، فيما أظن، ثم إنه باشر نظر البيوت والخاص.
ثم إنه في أيام قطلوبغا باشر صحابة الديوان، وكان في مصر أولاً في زكاة الكارم، ثم إنه باشر عند الأمير سيف الدين منكلي بغا الناصري السلاح دار. وكان أولاً مع والده عند قرا سنقر، وهو خصيص به، وتوجه معه إلى البرية، وعاد منها.
وكان من ذوي المروءات، وأولي الرغبة في الفتوات، يخدم الناس بجاهه وماله، ويولي الإحسان قبل سؤاله.
وكان النظم عنده أهون من التنفس، وأسرع من القطر عند التبجس، فكنت أتعجب من أمره، ويحصل لي نشوة من كؤوس خمره، مع أنه نظم عذب أمضى من عضب، قد خلا من التعقيد والتعاظل المكروه، وانسجم فلا يظهر عليه كلف تكلف، ولا يعروه.
وكان فصيحاً في اللغة التركيه، وما يورده من عباراتها المحكيه، وكان للكتب جماعه، ونفسه في الاستكثار منها طماعه، حصل منها شيئاً كثيرا، واقتنى منها أمراً كبيرا.
وكان خطه أبهى من الرياض، وأبهج من ترقرق المياه في الحياض. وكتب بخطه كثيراً من المجلدات، وجمع مجاميع هي بين الأدباء مخلدات.
وكان في صناعة الحساب بارعا، وفي عقد الجمل للبرق مسارعا.
وصحب الشيخ صدر الدين بن الوكيل، وجمع شعره ودونه ورواه عنه. وروى من شعر ابن سيد الناس وأكثر منه.
ولم يزل على حاله إلى أن زال من الحياة ملك سليمان، وراح ولم ينفعه مما جمع غير التوحيد والإيمان.
وتوفي رحمه الله تعالى في يوم الأحد سابع عشري جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وسبع مئة.
ومولده ثامن عشر المحرم سنة سبع وسبعين وست مئة.
كتب هو إلي وأنا بالقاهرة سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة:
يا غائباً غاب عن عيني فلم تنم
…
وذاهباً فضله قد شاع في الأُمم
سافرت عنا فطال الليل في سهدٍ
…
فنحن بعدك في ظلم وفي ظلم
آنست مصر وأوحشت الشآم فيا
…
خلوّه من حلى الآداب والكرم
ليهن مصر صلاح الدين كونك في
…
أرجائها كاتباً في أشرف الخدم
جمّلت ديوان إنشاءٍ حللت به
…
يا خير حبر يوشّي الطّرس بالقلم
فما محيّاك إلا بدر داجيةٍ
…
وما يمينك إلاّ ركن مستلم
سقياً لأيام أنسٍ كان رونقها
…
بفضل أنسك فينا وافر القسم
نجني فضائلك الغرّ الحسان ولا
…
نعبا بروضٍ سقاه وابل الدّيم
أقسمت لا فرق ما بين الجواهر في
…
عقدٍ وبين الذي تبدي من الكلم
فالله يبقيك ما ناحت مطوّقةٌ
…
فيما نرجّيه من سعد ومن نعم
فكتبت أنا الجواب إليه:
بالغت في الجود والإحسان والكرم
…
وزدت في شرف الأخلاق والشيم
وما رضيت بغايات الأولى سبقوا
…
إلى المعالي ولا ترضى بعزمهم
حتى تحوز على الجوزاء مرتقياً
…
إلى معاني لم تخطر بفكرهم
وتدرك المجد سبّاقا وشغلهم
…
في عثرة القول أو في عثرة الكلم
كم اجتهدت لعليّ أن أفوز فلم
…
أفز سوى مرةٍ في الدهر بالخدم
وأبعدتني الليالي بعد ذاك وفي
…
قلبي حلاوة ذاك اللطف والشيم
فكنت كالمتمنّي أن يرى فلقا
…
من الصباح فلما أن رآه عمي
فليت دهري يسخو لي بثانيةٍ
…
حتى أعود إليها عود مغتنم
وأجتلي أوجه اللذات سافرةً
…
عن كل مغنىً حوى صنفاً من النّعم
فما خلائقك الحسنى التي بهرت
…
عقلي سوى زهرٍ في الروض مبتسم
أو نسمةٍ خطرت بالبان نفحتها
…
ولا أقول سرت بالضّال والسّلم
وما عبارتك المثلى سوى دررٍ
…
والناس تحسبها ضرباً من الكلم
كم التقطت ومولانا يسامرني
…
جواهر الفضل والآداب والحكم
وكم معانٍ كأنّ السحر نضّدّها
…
لم تبق عندي عقابيلا من السقم
نعم وأبيات شعرٍ راق موردها
…
لم أنسهنّ وما بالعهد من قدم
آها لأيّامنا بالخيف لو بقيت
…
عشراً وواهاً عليها كيف لم تدم
يا سيداً بندى يمناه صحّ لنا
…
أنّ الغمام بخيلٌ غير منسجم
وماجداً جدّ في كسب العلى فغدا
…
تخشى الصوارم منه صولة القلم
شوقي إلى لثم ذاك زاد على
…
شوق الرياض إذا جفّت إلى الديم
ووحشتي لمحياك الجميل هل اس
…
توحشت قطّ لبدر التم في الظلم
ووحشتي لفوات القرب منك كما
…
تجسّر الساهد المضنى إلى الحلم
فهذه بعض أشواقٍ أكابدها
…
في وصفها قلمي ساوى لنطق فمي
أظهرت وجدي ولم أكتم لواعجه
…
ومن يطيق خفا نار على علم
وأنشدني غالب نظمه من لفظه لنفسه، فمما أنشدني لنفسه قوله ينحو فيه ما نحاه الشيخ تقي الدين السروجي في أبياته المشهورة:
قصّة الشوق سر بها يا رسولي
…
نحو من قربه مناي وسولي
عند باب الفتوح حارةٌ بها الد
…
ين تحت الساباط قف يا رسولي
وإذا ما حللت تلك المغاني
…
قف بتلك الطلول غير مطيل
وتأمّل هناك تلق غرير الط
…
رف أحوى يرنو بطرفٍ كحيل
من بني الترك فاتر الطرف يرمي
…
بنبال الجفون كل نبيل
ألفيّ القوام قد ألف الهج
…
ر دلالاً على المحبّ الذليل
فإذا قال أُوزي نجك در سلام بر
…
كيف حال المضنى الكئيب العليل
قبّل الأرض ثم قدّم إليه
…
قصةً قدّمت بشرح طويل
فإذا قال أُوزي نجك در سلام بر
…
كيف حال المضنى الكئيب العليل
قل قلن خش دا كل تلاماس دن
…
ادن إلاّ سني بلا تطويل
كال سني كرمسكين كشي شفّه الوج
…
د فأضحى حلف الضنى والنحول
وأما أبيات الشيخ تقي الدين عبد الله بن علي السروجي فأنشدني شيخنا الحافظ فتح الدين أبو الفتح اليعمري والقاضي الرئيس عماد الدين إسماعيل بن القيسراني،
كلاهما قال: أنشدنا من لفظه لنفسه الشيخ تقي الدين السروجي، وأكثر الأبيات أنشدنيها القاضي عماد الدين:
يا ساعي الشوق الذي مذ جرى
…
جرت دموعي فهي أعوانه
خذ لي جواباً عن كتابي الذي
…
إلى الحسينيّة عنوانه
فهي كما قد قيل وادي الحمى
…
وأهلها في الحسن غزلانه
امش قليلاً وانعطف يسرةً
…
يلقاك درب طال بنيانه
واقصد بصدر الدرب دار الذي
…
بحسنه يحسن جيرانه
سلّم وقل يخس من كي من
…
اشت حديثاً طال كتمانه
كنكم كرم ساوم اشي أط كبي
…
فحبّه أنت وأشجانه
واسأل لي الوصل فإن قال يق
…
فقل أُوت قد طال هجرانه
وكن صديقي واقض لي حاجة
…
فشكر ذا عندي وشكرانه
وأنشدني من لفظه لنفسه:
غرامي فيك قد أضحى غريمي
…
وهجرك والتجني مستطاب
وبلواي ملالك لا لذنب
…
وقولك ساعة التسليم طابو
وأنشدني من لفظه لنفسه:
أيا من قد رمى بسهم
…
من الأجفان فهو أشدّ أقجي
أيحسن منك أن أشكو غرامي
…
فتعرض نافراً وتقول يقجي
وأنشدني من لفظه لنفسه:
قلت له كم تشتكي
…
وتشتهي خذ واتكي
فقال: لا قلت: له
…
لا تشتهي وتشتكي
وأنشدني من لفظه لنفسه، وقد توفيت زوجته:
إنّي لأعجب لاصطباري بعدما
…
قد غيّبت بعد التنعّم في الثرى
هذا وكنت أغار حال حياتها
…
من مرّ عاطفة النسيم إذا سرى
وأنشدني من لفظه لنفسه:
أقول لقلبي حين غيّبها الثرى
…
تسلّ فكلٌّ للمنية صائر
وفي كل شيء للفتى ألف حيلة
…
ولا حيلةٌ فيمن حوته المقابر
وأنشدني من لفظه لنفسه:
تقول بحقّ ودّك عدّ عنّي
…
ودعني ما الكؤوس وما العقار
وهاريقي وكاسات الحمّيا
…
وذق هذا وذا ولك الخيار
وأنشدني من لفظه لنفسه:
لا تقل قد قبلت عقد نكاحٍ
…
وبصدق الصّداق لا تك راضي
وإذا ما عجزت قل بالتسرّي
…
لم، وإلاّ بغير علم القاضي
وأنشدني من لفظه لنفسه:
قالت وقد راودتها عن حالة
…
يا جارتي لا تسألي عمّا جرى
إني بليت بعاشق في أيره
…
كبرٌ فلا فلسٌ ويطلب من ورا