الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ملاحظتي طوراً مسارقةً
…
وتراةً جهرة للفاتر المقل
من كلّ أحوى حوى رقّي ورقّ له
…
قلبي وقد راق لي في وصفه غزلي
من أحسن الناس وصفا قد شغفت به
…
وهو الذي حسنه العصيان حسّن لي
فالشمس تفخر إن قيست ببهجته
…
والبدر منه وغصن البان في خجل
فجلّ جامع ما في الناس من حسن
…
ومن على كلّ قلب الجمال ولي
عبد الله بن ريحان
ابن عبد الله، الشيخ جمال الدين التقوى القليوبي.
سمع من ابن المقير، والساوي، وابن الصابوني، وابن رواج، وابن الجميزي، وسبط السلفي، وغيرهم. وقرأ بنفسه على بعضهم، وكان يسكن بالمدرسة الكاملية بالقاهرة، وينادي بقيسارية التجار، وكان عسراً في التحديث.
قال شيخنا علم الدين البرزالي: قرأت عليه جزء الصولي عن ابن رواج بجامع الحاكم.
وتوفي في نصف صفر سنة عشر وسبع مئة.
ومولده سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين وست مئة بالقاهرة.
عبد الله بن سعيد الدولة
الوزير موفق الدين.
أول ما علمته من أمره أنه كان رحمه الله ناظر البيوت في آخر أيام الملك الناصر محمد، ثم إنه بعد ذلك تولى نظر الدولة، وأمسك مع القاضي جمال الدين جمال الكفاة، ونجاه الله من تلك الفتنة وكانت واقعة عجيبة، وصودر فيها جماعة، ومات آخرون وهلك جماعة من العقوبة.
ثم إنه تولى نظر الخاص بعد جمال الكفاة، ولما تولى نظر الخاص كتب اسمه: عبد الله، وقبل ذلك إنما كان اسمه: هبة الله، وكذا كان يكتبه، فلما ولي الخاص كتب: عبد الله، واستمر على ذلك إلى آخر وقت، ثم إنه طلب الإعفاء من نظر الخاص، وأعيد إلى نظر الدولة، وتولى علم الدين بن زنبور نظر الخاص، ولم يزل موفق الدين على نظر الدولة إلى أن أمسك ابن زنبور الوزير، فتولى موفق الدين الوزارة، وأقيم معه الأمير ناصر الدين محمد بن المحسني مشيراً، وكان يجلس معه إلى آخر وقت.
وكان القاضي موفق الدين خيرا، باطنه لا يزال بمحبة الفقراء نيرا، يميل إلى الصلحاء ويبرهم، ويحسن إليهم بما يستروح إليه سرهم، ولا يرد فقيرا، ولو كان ما يعطيه نقيرا، ولا يزال على مصالحهم يثابر، وليس كمن يأخذ من نهاوش ويضعه في نهابر.
وكانت أخلاقه سهله، وغضبه مثل ثم تقتضي التراخي والمهله، دائم البشر، فائح النشر، وكان يحب الفضلاء ويدنيهم، ويود قربهم ويعينهم ويغنيهم، وخطه
حسن جيد نقش، حلو الأوضاع رقش. وكان من غريب الاتفاق، أنه تزوج باتفاق، وهي جارية سوداء أظنها كانت من حظايا الصالح إسماعيل، اتصل بها بعده لأن صبره فيها عيل، ودخلت إليه بخدم كثير، وفرش وثير وجد منه عثير، وكان يتكلف في النفقة عليها كل يوم جمله، وينهض من ذلك بما لا يطيق غيره حمله، ولعله لمح منها ما هاله فحصل له الهلع، وأراد الله أن يختار له من السعود سعد بلع، وليس ذلك بدعاً فلولا الأغراض الفاسدة ما نفقت السلع، وما الوزير موفق الدين فرداً في هذه المسأله، ولا هو بأول من نصر حجة مبطله، فقد صنف ابن الجوزي كتاباً سماه تنوير الغبش في فضائل الحبش وقصيدة ابن الرومي القافية التي يصف بها السوداء تقارب المئتي بيت، وأحسنها:
أكسبها الحبّ أنها صبغت
…
صبغة حبّ القلوب والحدق
وقال الشريف الرضي من أبيات:
وما كان سهم الطّرف لولا سواده
…
ليبلغ حبّات القلوب إذا رمى
إذا كنت تهوى الظبي ألمى فلا تلم
…
جنوني على الظبي الذي كلّه لمى
ولم يزل الوزير موفق الدين في الوزاره، إلى أن جاءه الأجل وزاره، وأبعد من اتفاق مزاره.
وتوفي رحمه الله تعالى في ثاني عشري ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وسبع مئة، وتأسف الناس عليه وعدمه الفقراء، فإنه كان لهم ثمالاً، وبدعائهم له سلم من آفات أصابت غيره.