الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبقي في مصر مدة، ثم جهز إلى حلب فأقام بها أميراً مدة، ثم حضر إلى دمشق أميراً في أوائل سنة أربع وخمسين وسبع مئة، وأقام بها إلى أن مرض.
وتوفي رحمه الله تعالى في ثالث عشر شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وسبع مئة، وترك عليه ديوناً كثيرة، ولم يخلف شيئا.
وكان الأمير سيف الدين طقطاي الدوادار قد زوج ابنته من بنت أمير حسين، ثم إنه طلقها بعد مدة.
كان الأمير شهاب الدين شكلاً ظريفا، قريباً على القلوب خفيفا، تقلبت به الأحوال، ومرت عليه في الأنكاد أعوام وأحوال، وكان إذا حكاها أشجى القلوب وأنكاها، وأقذى العيون وأبكاها.
ولم يزل في سعده خاملا، ولثقل الديون حاملا، إلى أن راح إلى الله بحملته وذهب بجملته، رحمه الله تعالى.
شعبان بن محمد بن قلاوون
السلطان الملك الكامل سيف الدين، ابن السلطان الملك الناصر محمد، ابن السلطان الملك المنصور.
كان ملكاً مهيبا، وسلطاناً لو ترك أضرم الدهر لهيبا، يتوقد ذكاءً وفطنه، وينفذ نظره في المصالح نفوذ النار في القطنه، متطلعاً إلى الملك وسياسة الرعايا، ويعجز بذهنه من ناظر أو عايا، لم يخل بالجلوس للخدمة طرفي النهار مع لعبه ولهوه، ولا رمي أمر من مهمات الملك بذهوله عنه وسهوه.
وكان مستبداً برأيه جازما، آخذاً بالاحتياط حازما، وكان متطلعاً إلى جمع المال وإحرازه، وادخاره واكتنازه. وأقام ديواناً يرأسه للبذل، ولم يقبل في ذلك برهان لوم ولا حجة عذل.
وحليته دون إخوته أنه أشقر أزرق العين، محدد الأنف ليس بالشين.
ولم يزل على حاله إلى أن استراح له التعبان، وفتح من خلعه فك ثعبان لشعبان، وذلك يوم الاثنين مستهل جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وسبع مئة.
وكانت مدة ملكه سنةً واحدة وسبعة عشر يوماً، لأنه لما مات أخوه الصالح إسماعيل، على ما تقدم في ترجمته قيل: إنه أوصى له بالملك بعده، لأنه كان شقيقه، فاختلفت الخاصكية عليه، ومالت فرقة إلى أخيه حاجي المقدم ذكره، وفرقة إلى شعبان، فذكره الأمير سيف الدين أرغون العلائي للأمير سيف الدين ألملك النائب بمصر، فقال له: بشرط ألا يلعب بالحمام، فبلغه ذلك، فنقم هذا الأمر عليه.
ولما جلس على كرسي الملك أخرجه إلى الشام نائبا، ثم إنه من الطريق جهزه إلى صفد نائبا، وطلب الأمير طقزتمر نائب الشام ليبقى في نيابة مصر.
وكان جلوسه على تخت الملك يوم الخميس بعد دفن أخيه، وحلفوا له يوم الجمعة ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة ست وأربعين وسبع مئة. وحضر الأمير سيف الدين بيغرا إلى الشام، وحلف له أمراء دمشق، ثم إنه أخرج الأمير سيف الدين قماري أخا بكتمر إلى طرابلس، وأخرج الأمير حسام الدين طرنطاي البشمقدار إلى الشام.
وهابه الناس وأعظموه وخافوه، وفتح باب قبول البذل في الإقطاعات والوظائف، وجعل لذلك ديواناً قائم الذات. وكان يعين البذل في المناشير، وهو مبلغ ثلاث مئة درهم فما فوقها، فما استحسن الناس منه ذلك، وكانت نفسه في هذا الباب ساقطة.
وأنشدني من لفظه لنفسه الأديب جمال الدين محمد بن نباتة:
جبين سلطاننا المرجّى
…
مبارك الطالع البديع
يا بهجة الدهر إذ تبدّى
…
هلال شعبان في ربيع
ولم يزل على حاله إلى أن برز الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي إلى ظاهر دمشق، على ما سيأتي في ترجمته، وجرى من الأمير سيف الدين ملكتمر والأمير شمس الدين آقسنقر ما تقدم في ترجمته وترجمة المظفر حاجي، فخلع من الملك، ودخلوا به إلى السجن، وأخرجوا أخاه المظفر حاجي وأجلسوه على تخت الملك.
أخبرني من لفظه سيف الدين أسنبغا دوادار الأمير سيف الدين أرغون شاه، وكان أرغون شاه يومئذ أستاذ دار السلطنة، قال: مددنا السماط على أن يأكله الكامل، وجهزنا طعام حاجي إليه ليأكله في سجنه، لأن الكامل أخاه كان قد أمسكه واعتقله، فخرج حاجي أكل طعام السلطان، ودخل الكامل فأكل طعام حاجي في