الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان يعرف القراءات، وله مشاركة في العلم.
توفي رحمه الله تعالى في مستهل شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وسبع مئة.
اللقب والنسب
ابن سلامة قاضي القضاة المالكي أحمد بن سلامة.
السنباطي قطب الدين محمد بن عبد الصمد.
سنجر
الأمير الكبير العالم المحدث أبو موسى الأمير علم الدين التركي البرلي بالباء الموحدة والراء واللام، الدواداري.
قدم من الترك في حدود الأربعين وست مئة. وكان شكله مليحا ووجهه صبيحا، خفيف اللحيه، ربعة من الرجال في البنيه، صغير العين، صناع اليدين، حسن الخلق، سهل الخلق، شجاعاً فارساً، مجادلاً لأهل العلم ممارسا، خيرا دينا، كاملاً صينا، مليح الكتابه، سريع الإقبال والإجابه، يحفظ الكتاب العزيز، ويؤثر تلاوته على الإبريز، فيه اصطناع للفضلاء، وتقديم للنبلاء، أنشأ جماعة من الأفاضل وقدم زمرة ممن يناظر أو يناضل.
ولم يزل على حاله إلى أن انجر الموت إلى سنجر، وأصبح من تحت التراب والمحجر.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة تسع وتسعين وست مئة في شهر رجب بحصن الأكراد، ودفن هناك.
وكان قد التجأ في الكسرة أيام غازان إليها.
ومولده سنة نيف وعشرين وست مئة.
قرأ القرآن على الشيخ جبريل الدلاصي وغيره. وحفظ الإشارة في الفقه لسليم الرازي، وحصل له عناية بالحديث وسماعه سنة بضع وخمسين، وسمع الكثير، وكتب بخطه وحصل الأصول.
وخرج له المزي جزأين عوالي. وخرج له البرزالي معجماً ضخماً في أربعة عشر جزءاً، وخرج له ابن الظاهري قبل ذلك شئياً.
وحج مرات. وكان يعرف عند المكيين بالستوري، لأنه أول من سار بكسوة للبيت بعد أخذ بغداد من الديار المصرية، وقبل ذلك كانت تأتيها الستور من الخليفة. وحج مرة هو واثنان على الهجن من مصر.
وكان أميراً في الأيام الظاهرية، ثم أعطي أمرية بحلب، ثم قدم دمشق، وتولى شد الدواوين مدة، ثم كان من أصحاب سنقر الأشقر، ثم أمسك، ثم أعيد إلى رتبته وأكثر، وأعطي خبزاً وتقدمةً على ألف في أيام الأشرف، وجعل مشد الدواوين بالقاهرة في ذي القعدة سنة أحدى وتسعين وست مئة، وتنقلت به الأحوال وعلت رتبته في دولة الملك المنصور حسام الدين لاجين، وقدمه على الجيوش في غزوة سيس.
وكان لطيفاً مع أهل الصلاح والحديث، يتواضع لهم ويؤانسهم ويحادثهم
ويصلهم، وله معروف كثير وأوقاف بالقدس ودمشق، وكان مجلسه عامراً بالعلماء والشعراء والأعيان.
وسمع الكثر بمصر والشام والحجاز، وروى عن الزكي عبد العظيم، والرشيد العطار، والكمال الضرير، وابن عبد السلام، والشرف المرسي، وعبد الغني بن بنين، وإبراهيم بن بشارة، وأحمد بن حامد الأرتاحي، وإسماعيل بن عزون، وسعد الله بن أبي الفضل التنوخي، وعبد الله بن يوسف بن اللمط، وعبد الرحمن بن يوسف المنبجي، ولاحق الأرتاحي، وأبي بكر بن مكارم، وفاطمة بنت الملثم بالقاهرة، وفاطمة بنت الحزام الحميرية بمكة، وابن عبد الدايم، وطائفة بدمشق. وهبة الله بن زوين، وأحمد بن النحاس بالإسكندرية، وعبد الله بن علي بن معزوز، وبمنية بني خصيب، وبأنطاكية، وحلب، وبعلبك، والقدس، وقوص، والكرك، وصفد، وحماة، وحمص، وينبع، وطيبة، والفيوم، وجدة، وقل من أنجب من الترك مثله وسمع من خلق.
وشهد الوقعة وهو ضعيف، ثم التجأ بأصحابه إلى حصن الأكراد فتوفي به هناك، هذا ما أخبرني به شيخنا الذهبي عنه.
وأما ما أخبرني به شيخنا أبو الفتح من لفظه، وكان به خصيصاً ينام عنده ويسامره، قال: كان الأمير علم الدين قد لبس بالفقيري وتجرد وجاور بمكة، وكتب الطباق بخطه، وكانت في وجهه آثار الضروب من الحروب، وكان إذا خرج إلى غزوة خرج طلبه وهو فيه إلى جانبه شخص يقرأ عليه جزءاً من أحاديث الجهاد، وقال: إن السلطان حسام الدين لاجين رتبه في شد عمارة جامع ابن طولون، وفوض أمره إليه، فعمره وعمر وقوفه، وقرر فيه دروس الفقه والحديث والطب، وجعل من جملة ذلك وقفاً يختص بالديكة التي تكون في وسط سطح الجامع في مكان مخصوص بها، وزعم أن الديكة تعين الموقتين وتوقظ المؤذنين في السحر، وضمن ذلك كتاب الوقف، فلما قرئ على السلطان أعجبه ما اعتمده في ذلك، ولما انتهى إلى ذكر الديكة أنكر ذلك، وقال: أبطلوا هذا، لا يضحك الناس علينا.
وكان سبب اختصاصه بفتح الدين أنه سأل الشيخ شرف الدين الدمياطي عن وفاة البخاري فما استحضر تاريخها، ثم إنه سأل أبا الفتح عن ذلك فأجابه، فحظي عنده وقربه، فقيل له: إن هذا تلميذ الشيخ شرف الدين فقال: وليكن.
قلت: وغالب رؤساء دمشق وكبارها وعلمائها نشؤه.
وجمع الشيخ كمال الدين الزملكاني مدائحه في مجلدتين بخطه أو واحدة.
وكتب إليه علاء الدين الوداعي يعزيه في ولد اسمه عمر، ومن خطه نقلت:
قل للأمير وعزه في نجله
…
عمر الذي أجرى الدموع أجاجا
حاشاك يظلم ربع صبرك بعد من
…
أمسى لسكان الجنان سراجا
وقال فيه، ومن خطه نقلت:
علم الدين لم يزل في طلاب العل
…
م والزهد سائحاً رحّالاً
فترى الناس بين راوٍ وراءٍ
…
عنده الأربعين والأبدالا
وقال لما أخذ له في دويرة السميساطي بيتاً:
لدويرة الشيخ السميساطيّ من
…
دون البقاع فضيلة لا تجهل
هي موطنٌ للأولياء ونزهةٌ
…
في الدين والدنيا لمن يتأمّل
كملت معاني فضلها مذ حلّها ال
…
علم الفريد القانت المتبتّل
أني لأُنشد كلّما شاهدتها
…
ما مثل منزلة الدويرة منزل
وأنشدني إجازةً الحافظ شيخنا الفريد فتح الدين قال: أنشدني علم الدين الدواداري لنفسه:
سلوا عن موقفي يوم الخميس
…
وعن كرّات خيلي في الخميس
شربت دم العدى ورويت منه
…
فشربي منه لا خمر الكؤوس
وجاورت الحجاز وساكنيه
…
وكان البيت في ليلي أنيسي
وأتقنت الحديث بكلّ قطرٍ
…
سماعاً عالياً ملء الطّروس
أُباحث في الوسيط لكلّ حبرٍ
…
وألقى القرم في حرّ الوطيس
فكم لي من جلادٍ في الأعادي
…
وكم لي من جدالٍ في الطّروس