الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمان بن حسن
ابن أحمد بن عمرون البعلبكي الصدر شرف الدين.
ولد بحماة، وحدث عن الحافظ شرف الدين اليونيني وغيره، واختلط في سنة أربع وخمسين وسبع مئة.
باشر عدة ولايات بطرابلس وغزة وبعلبك ودمشق، وولي الأقطار الكبار في دمشق مثل الربوة وغيرها.
وكان لين العريكه، لا يذم صاحبه ولا يخون شريكه، رافق في طرابلس لأسندمر النائب، وكان يحكي عنه الغرائب والعجائب، إلا أنه نزل به الوقت، وآل أمره بعد المحبة إلى المقت، وبطل من المباشره، وتخلى عن الاختلاط بالناس والمعاشره، وعبس الدهر في وجهه بعد المكاشره، وانكمش عن الصحبة بعدما كان عنده فيها شره، وجلس مع الشهود في الساعات، وخلع وقاره على الخلاعات، إلى أن أصبح الشرف في الحضيض، وغمض الموت طرفه وكان غير غضيض.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة خمس وخمسين وسبع مئة، عن نيف وثمانين سنة.
وتولى نظر غزة والساحل ونابلس في وقت، وحضر من غزة إلى نابلس ليكشف أمرها، فحصل له مباشروها خمسة آلاف درهم على عادة الكتاب، فلما طلعوا وتلقوه، انفرد بالناظر خلوةً وقال: يا مولانا: عندكم فرد كناب من هذا النابلسي وقليل صابون وزيت؟ فقال له: نعم، فقال: دبره لنا وجهزه إلى غزة، وكان جميع ما طلبه ما يقارب الثلاث مئة، وراحت تلك الخمسة آلاف، وتوفرت على المباشرين، وكذا
كان يفعل في نظر الزكاة، يطلع إلى القابون ويتلقى القفول، فيحصل له كبار القفول التفاصيل الحرير والتحف والذهب والدراهم، فيقول لهم: الوقت مضرور إلى منيشفات بغدادية، فيعرف التجار أن ذلك رضاه، فيوفرون ما حصلوه لأنفسهم، ويعطونه ذلك القدر النزر.
وكنت قد كتبت له توقيعاً بنظر غزة والساحل ونابلس في ثالث عشري صفر سنة تسع وثلاثين وسبع مئة وهو:
رسم بالأمر العالي، لا زالت شموس سعوده تحل بالشرف، وعروس وعوده تثمر بالتحف، لمن ارتدى بظلها والتحف، أن يرتب المجلس السامي القضائي الشرفي في كذا وكذا، ثقة بكفايته التي شهرت، ونامت عيون من دونه عنها وسهرت، وملأت القلوب إعجاباً بها وبهرت، لأنه الرئيس الذي كبت الجياد عن بلوغ مداه، وكبت الحساد بما حازه من الفضل الذي تقمص برده وارتداه، والماجد الذي جاذب في السيادة لما امتطاها أعنةً وأرسانا، والماهر الذي يملأ المعاملات حسناً وإحسانا، والكاتب الذي طالما جادل فجدل من العمال أبطالاً وفرسانا، والناظر الذي أصبح لناظر الزمان على الحقيقة إنسانا. فليباشر ما فوض إليه مباشرةً، يظهر بها عزه، في وجه غرة غزه، ويغرق بحره الساحل بالعين والغله، حتى يكون كل ذرة في لجه درة، ويفيض على نواحي بره بره، وليضبط ما تحصل منها بأقلام الفكر في دفاتر الجنان، ويضع على متحصلاتها ختم مراعاته حتى لا يصل إليها ولا الجان، وكيف وعليها خاتم سليمان؟! على أن هذه النواحي عش دب منه ودرج، وعرين دخل غابه فغاب وخرج، وأفق طالما ترقى في مطالعه وعرج، وبر وبحر خلط علمه معرفتيهما ومرج، وبلاد تحقق مقاصد أهلها فما يبدون ولا يعيدون، ومباشرات لما دبرها قصرت عن أوصاف ابن عمرون فيها بلاغة ابن زيدون، والتقوى ملاك الأمور، فلينزلها ربوع فكره، وليجعلها نجي سره وجهره، والله تعالى يوفق مساعيه، ويجمل بمحاسنه أيامه ولياليه، بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.