الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لبنها ويجبن، ويصنع لها في الغداء والعشاء المقلو السخن، وناهيك بمن وصل إلى هذين النوعين البقل والجبن، وهما أحسن ما يذكر، فما عساه يكون بعد ذلك. ثم إنه حج بها الأمير سيف الدين بشتاك في سنة تسع وثلاثين وسبع مئة، إلا أن هذه الحجة دون تلك.
أخبرني من لفظه القاضي علم الدين بن قطب الدين ناظر الجيوش، وكان أولاً مستوفي ديون تنكز، قال: إذا جهز الأمير - يعني تنكز - إلى مصر تقادم ما يكتب على أحد شيئاً، إلا على السلطان وعلى قوصون وعلى الخوندة طغاي. وبالجملة فقد رأت ما يراه غيرها، وعظمت بعد زوجها في أيام ملوك مصر أولاد زوجها كثيراً إلى الغاية، إلى أن توفيت - رحمها الله تعالى.
طغاي تمر
الأمير سيف الدين الناصري الساقي.
لم يكن بعد طغاي الكبير أحسن منه، ولا من يروي القمران الجمال البارع إلا عنه. وكان طغاي تمر هذا أظرف وأمشق، وما تدري إذا نظر إليك أسلبك فؤادك أم شق، وطغاي كان أبيض مشرباً حمره، وهذا مع حمرته تعلوه سمره، مع لطف
الحركة إذا تثنى، وخفة الهيف، فلولا جوارح طرفه غرد الحمام على غصن قده وتغنى.
زوجه السلطان ابنته، وكان في وقته منيته ومحنته، فهو أحد الأربعة الذين يبيتون عند السلطان، وتخرب بهم الدور وتعمر بهم الأوطان. وكان ساكناً عاقلاً مهيبا، وادعاً للشر لبيبا، وما كان يلازم السلطان مثل غيره، ولا يتطرح عليه، ولا يرى الناس أنه ممن يشار إليه.
ولم يزل راقياً في مطالع سعوده، ومعارج صعوده، إلى أن خسف قمره، وذوى من غصنه ثمره.
وتوفي - رحمه الله تعالى - في أوائل سنة أربع وثلاثين وسبع مئة، أو أواخر سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة.
ولما زوجه السلطان ابنته، لم يعمل له زفة، لكنه رسم للقاضي تاج الدين إسحاق ناظر الخاص أن يعمل ورقه بمكارمة الأمراء لقوصون في عرسه، فعمل بها ورقة وأحضرها إلى السلطان، فقال: كم الجملة. قال: خمسون ألف دينار. فقال: أعط نظيرها لطغاي تمر، فإنا عملنا له زفة قال الأمراء: هؤلاء يصادروننا بحسن عبارة.
وكان أحد الأربعة الخواص المقرين هو وبكتمر الساقي وقوصون وبهادر التمرتاشي.
ولما توفي - رحمه الله تعالى - وجد السلطان عليه وجداً عظيماً، وكتب إلى تنكز يعرفه بموته في جملة كتاب، فذهل هو وكاتب السر عن الجواب عن هذا الفصل، فجاء الجواب من السلطان إلى تنكز بالإنكار عليه، وقال: أكتب إليك أعرفك بموت صهري، وما تجهز الجواب إلي عن ذلك، ولا تعزيني فيه.
طغاي تمر
الأمير سيف الدين النجمي الدوادار.
كان دوادار الصالح إسماعيل والكامل شعبان والمظفر حاجي. كان من أحسن الأشكال وأتمها، وأبدع الوجوه وأجملها في بسطها وضمها، مديد القامه، يكاد إذا خطا تسجع عليه الحمامه، تقدم في الدول؛ وصارت له وجاهة وعظمه، ونضد السعد دره على جيده ونظمه، وخدمه الناس وقدموا، وعكموا الحمول إلى بابه وقدموا.
ولم يزل على حاله إلى أن عبث به أغرلو فيمن عبث، ولم يقدر على دفع حادث حدث منه، ولا على إزالة خبث ولا خبث، فأخرجه إلى الشام، وألحقه بمن أخذه في غزة على غره، وأجراه على عادة سفكه المستمره، وفصل رأسه عن جسده، وشفى منه غلة غيظه وحسده، وذلك في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبع مئة.
وطغاي تمر هذا أول دوادار أخذ إمرة مئة، وتقدمة ألف، وذلك في أول دولة