الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا سليمان: وقد أوتي مزماراً من مزامير داود، والحافظ الذي يعرب إنشاده، والفصيح الذي يعلو به النظم إن شاده. لو سمعه الصرصري لعلم أنه فيما يورده متبصر، ويحقق أن السامعين له إذا بكوا وخضعوا عرانيق ماء تحت باز مصرصر كم حرك ساكن القلوب بلفظه البديع، وأجرت عبارته العبرات من بحره السريع، وجعل المحافل رياضاً لأنه أبو الربيع، فليؤذن آذاناً إذا سمعه الركب أقام، وقالوا: هذا المؤذن الذي للناس كلهم إمام، والله يرزقنا شفاعة من يجلو علينا مدائحه، ويفيض علينا في الدنيا والآخرة منائحه، بمنه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
وكان قد حضر بعض أفاضل العصر من مصر ورأى ما يفعله علم الدين المذكور من الإنشاد في المجامع، فأنكر ذلك، وأنشدني:
أهل دمشق منهم
…
قد ضاع مالا يوجد
فكلّما تجمّعوا
…
يقوم فيهم منشد
قلت: هذا خطأ فاحش في التصريف، فإنه يقال: نشد الضالة فهو ناشد، وأنشد قصيدة فهو منشد، وأنت هنا تريد من نشدان الضالة فهو حينئذ ناشد.
سليمان بن عمر بن سالم
ابن عمرو بن عثمان الشيخ الإمام قاضي القضاة جمال الدين الزرعي
الشافعي، عرف بذلك لأنه حكم بزرع مدة.
سمع من ابن عبد الدايم، والكمال أحمد بن نعمة، والجمال بن الصيرفي، وجماعة.
وولي قضاء شيزر مدة، وناب عن القاضي بدر الدين بن جماعة بدمشق ومصر، ولما قدم السلطان من الكرك في سنة تسع وسبع مئة عزل قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، وولى القاضي جمال الدين قاضي القضاة بالديار المصرية عوضه، فحكم فيها سنة، ثم إن السلطان أعاد ابن جماعة وبقي القاضي جمال الدين على قضاء العسكر ومدارس بيده. ثم إنه جهزه إلى الشام قاضي القضاة بعد نجم الدين بن صصرى، ثم إنه صرف بعد سنة بقاضي القضاة جلال الدين القزويني، وبقي بيد القاضي جمال الدين بدمشق مشيخة الشيوخ وتدريس الأتابكية، وباشرهما في شهر رجب الفرد سنة أربع وعشرين وسبع مئة، وكان البريد قد جاء بعزله في خامس عشري شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.
وبقي في العادلية خمسة عشر يوماً انتقل إلى الصالحية. ولم يزل على وظائفه إلى أن توجه إلى الديار المصرية في خامس عشري القعدة سنة ست وعشرين وسبع مئة، وولي الأتابكية بعده الشيخ محي الدين بن جهبل، وكان في ولايته بدمشق فيه صرامة وعفة وقلة مخالطة للناس، وعليه سكينة ووقار.