الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان الشيخ حسن الكبير أولاً زوج الخاتون بغداد بنت جوبان، فلم يزل به بوسعيد القان إلى أن أخذها منه بعدما أتت من الشيخ حسن بابنه الأمير إيلكان، ولم يزل الشيخ حسن مبعداً إلى أن توفي بوسعيد رحمه الله تعالى، فملك بغداد ونزل بها، وأقام فيها، وجرت له مع المذكورين حروب كثيرة ونصره الله عليهم، ولم يزل مروعاً من أولاد تمرتاش وهو المنصور، ثم إنه تزوج الخاتون دلشاذ بنت دمشق خواجا بن جوبان الآتي ذكرها إن شاء الله تعالى في مكانه.
وجرى في أيامه ببغداد الغلاء العظيم، حتى أبيع الخبز على ما قيل بصنج الدراهم، ونزح الناس عن بغداد؛ وعدم منها حتى الورق، وكان يجلب منها إلى الشام ومصر وغيرهما، ولما أظهر العدل وأمن الناس تراجع الناس إليها وذلك سنة ثمان وأربعين وسبع مئة.
وفي أوائل سنة تسع وأربعين وسبع مئة توجه إلى ششتر ليأخذ من أهلها قطيعة كان قد قررها عليهم، فلما أخذها وعاد وجد نوابه في بغداد قد وجدوا في رواق العزيز ببغداد ثلاث جباب نحاساً مثل جباب الهريسة، طول كل جب ما يقارب الذراعين والنصف، وهي مملوءة ذهباً مصرياً وصورياً ويوسفياً، وفي بعضه سكة الإمام الناصر، وكان زنة ذلك أربعة آلاف رطل بالبغدادي، يكون ذلك مثاقيل خمس مئة ألف مثقال.
الحسن بن تمرتاش بن جوبان
المعروف بالشيخ حسن، تقدم ذكر والده وجده في مكانهما.
كان هذا الشيخ حسن داهية ولم يكن ذاهبه، بعيد الغوص في الفكر والغور،
مخادعاً، لا جرم أن أمست أيامه ذاهبه، ويشتغل بحيل ما تحكى عن البطال، ويفكر ذب خدع سحابه منه هطال، وكان يدخل إلى الحمام ويخلو بنفسه فيها اليوم واليومين والثلاث، وهو يفكر فيما يرتبه من المكر والاجتهاد والاكتراث، وقيل إنه مرة شرب دماً وقاءه، ليرتب على ذلك حيلا، وينال بها ممن يريد مقصوداً وأملا، وزاد بطشه، وصح في الحيل نقشه، وأفنى جماعة من كبار المغول، واغتالهم من فتكه غول، وشوش على المسلمين، قتل أهل تلك البلاد، وأضجر قومه من الإغارات والجلاد.
ولم يزل على حاله إلى أن قيل: إنه تهدد زوجته مرة فخبأت عندها خمسة من المغل فأصبح مخنوقا، وأظهر أنه وجد مشنوقا، فوضع في تابوت ودفن بتربته التي أنشأها بتوريز، وراح كما راح أمس الدابر، ودخل في زمرة من دخل في الزمن الغابر، ولم ينتطح في أمره عنزان ولا اختلفت فيها مقادير ولا أوزان، وكفى الله المسلمين منه شراً كبيراً، " وكان الله على كلِّ شيء قديراً ".
وجاء الخبر بوفاته في شهر رجب سنة أربع وأربعين وسبع مئة.
وكان يقول أولاً: ما يمنعني من دخول الشام ودوسه إلا هذا تنكز، وقد حصلت له إحدى عشرة حيلة إن لم يرح بهذه وإلا راح بهذه! فما كان إلا أن جاء رسوله القاضي تاج الدين قاضي شيراز، وتوجه إلى السلطان الملك الناصر محمد، وكان مما قاله: إن تنكز طلب الحضور إلى عندي، فاستوحش السلطان من تنكز رحمه الله تعالى وتغير عليه، وكان السبب في ذلك هذا الكلام، والله أعلم، ولما أمسك تنكز، قال: والله أنا كنت أعتقد أن قلع هذا تنكز صعب، وقد راح الآن بأهون حيلة، وعند الله تجتمع الخصوم.