الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شحم يراه في الورى ورم، وليصل باع من لاله إلى الحق وصول، وليتذكر قوله عليه الصلاة والسلام كلكم راع وكل راع مسؤول، فليكن تقوى الله عز وجل ركنه السديد، وذخره العتيد، وكنزه الذي ينمي على الإنفاق، وكل كنز على طول المدى يبيد، والله يحرس سرحه، ويرعاه، ويوفق لكل خير مسعاه، والاعتماد في ذلك على الخط الكريم أعلاه، والله الموفق بمنه وكرمه. إن شاء الله تعالى.
طشبغا
بفتح الطاء المهملة وسكون الشين المعجمة وباء موحدة وغين معجمة بعدها ألف: الأمير سيف الدين الدوادار الناصري.
كان شكلاً حسناً إلى الغايه، ووجهه في الجمال آيه، يكتب خطاً كأن سطوره جداول قد ترقرقت، أو عقود جواهر قد تنظمت وتنسقت.
وباشر الوظيفة في المرة الأولى بصلف زانه لما زاد، وأمانة فاز بها الجنيد لما قاربها أو قد كاد، إلى أن وقع بينه وبين القاضي علاء الدين بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء، فأخرج إلى دمشق بطالا، وجرى غمام دمعه على ما فارق من مصر هطالا، وأقام بها.
ثم أعطي إمره، وقدم في دمشق على زمره، وتزوج ابنة الأمير سيف الدين أيتمش نائب دمشق فتعلى، وجاء إليه إقبال كان عنه تولى، ثم أعيد إلى الدوادارية بمصر، فأقام فيها مدة يسيره، وأعيد إلى دمشق على تلك الوتيره، فأقام بها قليلاً إلى أن محيت آيته، وانتهت من الحياة غايته.
وتوفي رحمه الله بدمشق ثاني عيد رمضان سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة.
كان هذا طشبغا أولاً عند آنوك ابن السلطان الملك الناصر جمداراً صغيراً، وكان صورة بديعة الحسن، كان آنوك - على ما قيل - يحمل سر موزة طشبغا هذا على جسده تحت قميصه، ويقول له: يا طشبغا أنا جمدارك، ما أنت جمداري. ثم إنه كان دواداراً صغيراً في أيام الملك الصالح. ولم يزل إلى أن أخرج الأمير سيف الدين جرجي من الدوادارية في أول دولة الملك الناصر حسن في شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبع مئة، فعمل الدوادارية بصلف زائد، وضبط موقعي الدست والقصص التي تدخل إلى دار العدل والتي تخرج، والكتب التي تكتب والتواقيع قبل دخولها في العلامة وبعدها، فإذا تأملها أولاً وآخراً أعطاها من يده لأربابها، ولم يسمع عنه في تلك المدة أنه قبل لأحد شيئاً.
ولم يزل على حاله إلى أن وقع بينه وبين القاضي علاء الدين كاتب السر بسبب شخص من الموقعين يعرف بابن البقاعي، انتصر له طشبغا، وحضر إلى الديوان في حفدته، وسل عليه السيف، وأساء أدبه عليه، وضربه بيده، فتشاكيا إلى الأمراء
وإلى النائب، فرسم بإخراج الدوادار إلى دمشق، فوصلها على البريد في يوم عيد الأضحى سنة تسع وأربعين وسبع مئة، فأقام بها مديدة بطالاً، ثم أعطي طبلخاناه بدمشق، وزوجه نائب دمشق الأمير سيف الدين أيتمش بابنته بعدما شاور السلطان والأمراء في ذلك، وأقام بدمشق إلى أن أمسك الوزير منجك، فطلب إلى مصر لأن الأمير علاء الدين مغلطاي كان زوج أخت امرأة طشبغا، فتوجه إليها يوم السبت ثاني عشري القعدة سنة إحدى وخمسين وسبع مئة، ولما دخل على السلطان أقبل عليه إقبالاً كبيرا، وولاه الدوادارية، وقدم المصريون له شيئاً كثيرا.
ولما جرى للأمير سيف الدين أرغون الكاملي ما جرى، وحضر إلى دمشق من حلب، أرسل السلطان طشبغا الدوادار إليه بناءً على أنه في حلب، فوجده في الرملة متوجهاً إلى باب السلطان، فعاد به إلى مصر، وحضر معه إلى نيابة حلب، فوصلا إلى دمشق في يوم الأحد بعد العصر خامس صفر سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة، فأعطاه نائب حلب شيئاً كثيراً إلى الغاية وفي يوم الاثنين سابع عشري صفر توجه من دمشق عائداً إلى مصر.
ثم إنه لما جرى ما جرى، وخلع الملك الناصر وتولى الملك الصالح صالح أقام على الدوادارية مديدة، ثم إنه حضر إلى دمشق في حادي عشري شعبان سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة، وأقام بها بطالاً.
ومرض مدة، ثم توفي - رحمه الله تعالى - في التاريخ المذكور.
وكان يكتب كتابة حسنة منسوبة، وكان فيه ميل إلى الفضلاء، كان بدمشق يسير يستعير مني التذكرة التي لي جزءاً بعد جزء يطالعها.