الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومولده في ثلاث وأربعين وست مئة.
جاور بضعاً وعشرين، حج من مصر، ولم يزر النبي صلى الله عليه وسلم، فعيب ذلك عليه مع جلالة قدره، وكان لجماعة كثيرة فيه اعتقاد عظيم.
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن
الصدر الفاضل جمال الدين بن قاضي القضاة جلال الدين القزويني، وسوف يأتي ذكر جماعة من إخوته، وذكر والده وعمه كل منهم في مكانه.
كان قبل ما يتعلج، ويدخل في السمن ويتولج، ذا صورة في الحسن بديعه، وطلعة تترك قلوب من رآها صديعه، تتيم فيه جماعة وهاموا، وغرقوا في دموعهم وعاموا، ولما طلب السلطان والده ليوليه قضاء الشام كتب فيه تنكز أن هذا ولده يتعب الناس بسببه، فقال السلطان: أنا أترك ولده عندي بالقاهرة، فجهز والده، وأقام عبد الله المذكور بالديار المصرية، فخدمه الناس، وتقربوا إليه بمجالس اللهو والإيناس، وصحب الناس وعرفهم، ورافقهم وألفهم.
ولما حضر والده قاضي قضاة الديار المصرية زاد وجاهه، وارتفع عظمةً ونباهه، وحصل أموالاً جمه، وأملاكاً لا تذم لها ذمه، واقتنى من الخيل ما كثار بعدته وعدته نجوم الليل، وكانت له خبرة في معرفة جيادها، ودربة تامة في اقتنائها واقتيادها، وذهنه في غاية الحسن، وذكاؤه تعرفه القالة اللسن.
وحفظ التنبيه في الفقه وغيره من كتب العلم، ودرب الأحكام الشرعية كما يراه أولو الحلم.
ولما توجه والده مع السلطان إلى الحجاز ناب عنه في إلقاء الدروس، وعجب الناس منه، وحركوا له الرؤوس، ثم إنه خرج مع والده إلى الشام، وترك وراءه ملكاً كم لمح بارقه، وكم شام.
ولما كان الفخري على خان لاجين بدمشق قرره في ديوان الإنشاء كاتبا، وأجرى له معلوماً على ذلك وراتبا.
ولم يزل على ذلك إلى أن برك جمله فما قام، وثوى بعد تنعمه في ذل التراب وأقام.
وتوفي رحمه الله تعالى في سنة ثلاث وأربعين وسبع مئة.
ومولده
…
وكان قد حصل له فالج ووالده بدمشق خطيب، فتعب عليه وعالجه أمين الدين سليمان إلا بقايا منه.
وكان شكلاً ضخماً، كبير البطن، ثقيل الحركة، يتعذر عليه المشي إلا بكلفة.
وحضر إلى دمشق بخيول عظيمة، وجوار كثيرة مبدعات الحسن، وكان يحتاج لجماعته ومن حوله في كل يوم خمسة أرطال لحم بالدمشقي، وكان يبالغ في اقتناء الخيل المسومة، ويسابق عليها أولاد الأمراء والأمراء ومماليك السلطان، وأخرجه السلطان لذلك من مصر، وأقام بدمشق مدة، ثم سأل والده فيه السلطان، وضمنه، فأذن له في العود، ثم أخرجه، ثم أعاده مرتين، وأنا شاك في الثالثة، وعمر بمصر على النيل بالقرب من جزيرة الفيل عمارةً عظمى أنفق عليها ما يزيد على ألف ألف درهم،
ولما خرجوا من مصر اشتراها الأمير سيف بشتاك بأربعين ألف درهم، وأباع له النشو منها شبابيكها النحاس بأربعين ألف درهم، وكانت له دار أخرى داخل القاهرة عند دكة المحتسب أباعها بدون العشرين ألف درهم، أقل ما أنفق عليها ستون ألف درهم.
وأما الجواري فذكر لي من لفظه بالقاهرة: هن ما يبرحن عشرة، أربع منهن أمهات أولاد، وست أبيعهن وأشتري بدلهن دائماً.
وأما عدد خيله ومراكيبه وما يحتاج ذلك من السروج المرصعة واللجم والفكوك باليشم واليصم والأقواس والبرذنبات والكنافيش عمل الدار والمقصبه والعبي، وغير ذلك فشيء كثير جداً، لكل فرس بذلتان وثلاث، وقال لي في وقت: عندي تسع عشره حجراً غير البغال والأكاديش والفحول الثمينة.
وأما الكتب المجلدة من الأدبيات والدواوين وغيرها من كل فن فكان عنده وحده خارجاً عن أبيه وإخوته فوق الثلاثة آلاف مجلدة، ولكن كل نسخة ما يقع مثلها في عمر مديد.
وأما الصيني من القطع النفيسة الجليلة الغريبة فشيء عظيم، إلى غير ذلك من سائر الأصناف النفيسة البديعة الثمينة.
وبالجملة فما كان إلا في عداد الملوك، وكان يحفظ ديوان ابن الفارض بكماله، ومن شعر الأرجاني وابن النبيه والحاجري والبهاء زهير وابن عربي والسراج الوراق