الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تملك على مصابه صبرا، وأقام بها يكابد هواحر هواجرها، ويجري دمعاً لما نزل من عينه محا محاجرها، إلى أن توفي ولده صدقه، وكان يحل منه محل قلبه لا الحدقه، فوجد عليه وجداً شديدا، وأذاب قلبه ولو كان حديدا.
ولم يزل بعد ذلك في حزن يذوي، ودمع يكوي، إلى أن فجع المؤمنون بأميرهم، وباح الحزن عليه بما في ضميرهم.
وتوفي رحمه الله تعالى في مستهل شعبان سنة أربعين وسبع مئة.
ومولده سنة ثلاث وثمانين وست مئة.
وكان له ولد كبير اسمه خضر كان قد جعله ولي عهده، فتوفي في جمادى الآخرة سنة عشر وسبع مئة، وعهد بالأمر إلى ولده الحاكم أحمد، فلم يمضه السلطان وبويع ابن أخيه أبو إسحاق إبراهيم بيعة خفية لم تظهر إلى أن تولى السلطان الملك المنصور أبو بكر، فأحضر ولده أبا القاسم أحمد، وبايعه ظاهراً، وكني أبا العباس، على ما تقدم في ترجمته في الأحمدين.
وأخبرني القاضي شهاب الدين بن فضل الله قال: إن المرتب الذي كان له لم يكن يبلغ خمسين ألف درهم في السنة، فلما خرج إلى قوص قوم غالياً وحسب زائداً، ليكثر ذلك في عين السلطان، وجعل ستة وتسعين ألفاً، فرسم بأن يصرف ذلك إليه بكماله من مستخرج الكارم، فأرادوا نقصه فازداد.
سليمان بن أبي بكر
الأمير علم الدين ابن الأمير سيف الدين بن البابيري، تقدم ذكر والده في حرف الباء.
وكان هذا الأمير علم الدين شاباً حسن الوجه، مبرأ من عدم الحياء وقبح
النجه، حلو الصوره، كأن وجهه للملاحة جامع، والمحاسن عليه مقصوره. تنقل في الولايات وتوقل هضبات النيابات.
ولم يزل على حاله حتى أدرج في كفنه، واستحال بعد صحة تركيبه إلى عفنه.
وتوفي رحمه الله تعالى بحماة، ورد الخبر إلى دمشق بموته في أول شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين وسبع مئة، وعمره يقارب الثلاثين أو يزيد عليها قليلاً.
وكان والده الأمير سيف الدين البابيري يحبه محبة زائدة وإذا قيل له: يا أبا سليمان، يترنح ويتريح، وأخذ له إمرة عشرة في حياته، ثم أخذ إمرة الطبلخاناه بدمشق في سنة سبع وخمسين أو سنة ثمان وخمسين وسبع مئة. وتولى ولاية الولاة القبلية، ووقع في أيامه ذاك العشير، إلى أن حضر الأمير شهاب الدين شنكل من الديار المصرية.
ثم إن الأمير علم الدين سليمان أعطي نيابة ألبيرة في أوائل سنة ستين وسبع مئة، ثم عزل عنها، وحضر مع الأمير سيف الدين بيدمر الخوارزمي من حلب إلى دمشق، فولاه ولاية الولاة بالقبلية، وعزل عنها، ورسم له بنيابة ألبيرة، فتوجه إليها، وأقام بها إلى أن عزل منها بالأمير سيف الدين قراكز أخي الأمير سيف الدين يلبغا، ونقل إلى حماة أمير طبلخاناه، فأقام بها قليلاً، وتوفي رحمه الله تعالى.
وكان يحصل له في بعض الأوقات صرع، حصل له في وقت بحلب وقد حضر