الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا ضنّ الحيا خلفت نداه
…
أكفّهم فعاد العسر يسره
أتيت دمشق إذ جازت إليها
…
كتائب من أعزّ الله نصره
وكان مجرّداً وفقدت حظّي
…
برؤيته وعدت بألف حسره
أعزّ الدّين دعوى ذي دعاءٍ
…
يواليه لكم سرّاً وجهره
تذكّر عصر أُنسٍ في حماكم
…
أتى وقضى فحيّى الله عصره
وسطّرها وماء الدمع منكم
…
إذا ما خطّ سطراً بلّ سطره
هجرت دمشق فالورقاء تبكي
…
أسىً وعلت على الأوراق صفرة
وجئت الثغر تكلؤه وتحمي
…
سواحله سطاً وتصدّ بحره
فخار لك المهيمن في رباط
…
أقمت بساحتيه فحزت أجره
فلا زالت جيادك حيث سارت
…
تسايرها السعادة والمسرّه
فحيث حللت كنت رفيع قدرٍ
…
لراجيه على الإحسان قدره
الحسين بن محمّد
ابن الحسين محمد بن الحسين بن زين الحسين بن مظفر بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله العوكلاني، بالعين المهملة المفتوحة والواو الساكنة، وبعدها كاف مفتوحة ولام ألف، ونون وياء النسبة: ابن موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
القاضي الكاتب الناظم الناثر شهاب الدين أبو عبد الله الحسيني المعروف بابن قاضي العسكر، موقع الدست الشريف بالقاهرة.
إن نظم قلت: البحر يلتطم، وإن نثر قلت: السيل يحتد ويحتدم كأنه يترسل، ومترسل يتوصل بالبلاغة ويتوسل، بديهته تسبق قلمه، ورويته تلحق بالدر كلمه، ذو نفس ممتد، وفكر محتد، وإنشاء معناه مبيض في خلال السطر المسود. كم أنشأ من تقليد، وكتب من توقيع نسخ بين دفتي التجليد، وقضي لذكره بالتخليد، وراسل إخوانه بكتاب ألقى إليه البيان بالإقليد، وولد معانيه الغامضة فتضرج خد البلاغة من توريد ذلك التوليد، وكان قد أنشأ شيئاً كثيراً، وخلد منه ما لا يعرف له نظيراً، وباشر كتابة السر في حلب، ولم تطل المدة حتى انقلب، فرجع إلى وطنه باختياره، وفرحت مصر بازدياده.
ولم يزل على حاله على وظيفته إلى أن تلاشى كيانه، وأودى بيانه، وسكتت الشقائق، وقرطست تلك الأسهم الرواشق.
وتوفي رحمه الله تعالى في سابع عشر شعبان يوم الاثنين سنة اثنتين وستين وسبع مئة.
وسألته عن مولده فذكر أنه في سنة ثمان وتسعين وست مئة بالقاهرة في سويقة الصاحب.
اجتمعت به ورافقته في ديوان الإنشاء بقلعة الجبل، وبدمشق لما قدم متوجهاً لكتابة سر حلب، وأنشدني كثيراً من نظمه إلى الغاية، وأسمعني من إنشائه ما يزيد على الوصف، ورأيته يكتب وهو ينشي ما يكتبه، وينشدني من شعره غير ما يكتبه،
وكان مطيقاً على فني النظم والنثر، له قدرة تامة. كتب بديوان الإنشاء من التقاليد والتواقيع شيئاً كثيراً إلى الغاية. وأجاز لي، على ما ذكره من لفظه، الشيخ شرف الدين الدمياطي وقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد والأبرقوهي. قال: وحفظت التنبيه وبحثته، واشتغل على الشيخ علاء الدين القونوي، ورسم له بالتوقيع بين يدي السلطان الملك الكامل شعبان في سنة ست وأربعين وسبع مئة عوضاً عن القاضي زين الدين محمد بن الخضر لما خرج لكتابة سر الشام، وكان بيده خطابة وتدريس فيما أظن.
وكتبت إليه من رحبة مالك بن طوق:
ما لقلبي عن حبّكم قطّ سلوه
…
كلّ حالٍ منكم لدى الصبّ حلوه
إن بخلتم حاشاكم بوفاءٍ
…
أو ثنتكم بعد التّعطّف قسوه
فلكم قد قضى وما نقض العه
…
د محبٌّ ولي بذلك أُسوه
يا ابن بنت النّبي قل لي وقولي
…
يا بن بنت النبي أفضل دعوه
هل بدا في الوفاء منّي نقضٌ
…
أو جرى في الحفاظ منّي هفوه
فعلام الإعراض والصّدّ عمّن
…
لم يجد في سوى معاليك صبوه
كيف أنسى ساعات وصل تقضّت
…
وبعطفي منها بقيّة نشوه
ما خلت خلوة ولم ألق فيها
…
من عذارى حديثك العذب جلوه
حيث لي من حديثك النظم والنث
…
ر متى ما أردت كاسات قهوه
ومعانٍ كالحور زفّ حلاها
…
منطقٌ تشخص الأفاضل نحوه
كان في مصر لي بقربك أنسٌ
…
عن أُناسٍ لهم عن الخير نبوه
وأرى رقّة الحواشي التي عن
…
دك تغنى عمّن غدا فيه جفوه
وإذا ما أتيت ألفيت صدراً
…
منك لي في حماه حظٌّ وحظوه
واقتعدت الفخار بين البرايا
…
وتسنّمت في السّيادة ذروه
وأرى أن لي إذا زرت أرضاً
…
أنت فيها التشريف في كلّ خطوه
كيف لا والولاء في قومك الغرّ
…
أراه في الدين أوثق عروه
منيتي أن أرى حماك بعيني
…
لا أراك الحمى ولا دار علوه
آه لو تنصف الليالي إذ ما
…
حكمت بالبعاد من غير عنوه
أو لوانّ الفراق يقبل مني
…
في اقتراب الدّيار من مصر رشوه
يا زماناً بمصر ولّى حميداً
…
هل يجيب الإله لي فيك دعوه
فكتب إلي الجواب عنها تسعةً وستين بيتاً:
أنسيم الصّبا على الروض غدوه
…
سحبت ذيلها على كلّ ربوه
وسرى لطفها إلى الدّوح فارتا
…
ح فكم رنّحت معاطف سروه
أم سقيط النّدى على الورد كاليا
…
قوت إذ يجعل اللآلئ حشوه
أم تثنّي الغصون في حلل الزّه
…
ر سقاها السحاب كاسات قهوه
أم مسيل المياه بين رياضٍ
…
بنضار الأصيل أمست تموّه
أم غناء الحمام غرّد في البا
…
ن وأضحى به يرجّع شدوه
أم نجوم السماء زهرٌ أم البد
…
ر منيرٌ أم مشرق الشمس ضحوه
أم وصال الحبيب بعد صدودٍ
…
فأتى ذا لذا فأسرع محوه
أم حديث العذيب يعذب في ك
…
ل لهاةٍ لمن تذكر لهوه
أم كتابٌ قد جاءني من خليلٍ
…
بارع فالخليل لم ينج نحوه
رحب باعٍ لرحبة الشام وافى
…
ذو وفاء وعفّة وفتوّه
سامقٌ فوق هضبة المجد والع
…
ز سبوق لم يدرك الناس شأوه
ناظمٌ ناثرٌ بليغٌ بديعٌ
…
ماهرٌ باهر المقالة أفوه
حيثما حلّ في الممالك حلّى
…
وغدا وارداً من الحمد صفوه
بعد حولين قد أتاني فأهلا
…
وحباني عذب الكلام وحلوه
وعناني من عبد دارٍ ولكن
…
غصبته أيدي الحوادث عنوه
وأرادوا حمول ذكري فغاروا
…
منه لمّا أعلى بذكري ونوّه
حجبوه عني فأظهره الل
…
هـ لعيني، أتحجب الشّمس هبوه
منها:
يا صلاح الدين البديع نظاماً
…
والذي من انشائه لي نشوه
لا تلمني على تأخّر كتبي
…
إذ ألمّت بحدّ ذهني نبوه
كنت في شدّةٍ وقد فرّج الل
…
هـ ونجّى، فصرت منها بنجوه
منها:
أنا سبط النّبي وابن عليّ
…
شرفٌ باذخٌ لأرفع ذروه
وإذا ما اعتراني الدّهر بالعد
…
وان أمسكت منهما أيّ عروه
وطلب مني بشتا أسود، فجهزته إليه وكتبت معه:
يا سيّداً ما زال يدعى سيّدا
…
حاز المكارم والعلا والسّؤددا
شرّفتني بأوامرٍ دأبي لها
…
مهما أتى مرسومها أن أسجدا
وطلبت بشتاً أسوداً من جلّقٍ
…
ولو اقتصرت لبست حظّي الأسودا
لبس العباءة والعيون قريرةٌ
…
خيرٌ من الحلل الحرير مع الرّدى