الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ إِجَابَتُهُمْ وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ، وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ.
فَصْلٌ وَيَتَعَلَّقُ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ أَحَدُهَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ، فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إِلَّا الْعِتْقُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(فَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ إِجَابَتُهُمْ) ، لِأَنَّهُ عليه السلام حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ لَمَّا سَأَلَهُ غُرَمَاؤُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ طَلَبَ الْبَعْضِ كَالْكُلِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْغُرَمَاءِ، لَكِنْ لَوْ طَلَبَهُ الْمُفْلِسُ وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ، الْمَذْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ إِجَابَتُهُ (وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ) أَيْ: إِظْهَارُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِعْلَامًا لِلنَّاسِ بِحَالِهِ، فَلَا يُعَامِلُهُ أَحَدٌ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ وَلِيَثْبُتَ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ابْتِدَاءِ حَجْرٍ ثَانٍ، وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَشْفَعَ فِي إِسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
[أَحْكَامٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْحَجْرِ]
[الْأَوَّلُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ]
فَصْلٌ (وَيَتَعَلَّقُ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: أَحَدُهَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ، وَلِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي دُيُونِهِمْ فَكَانَتْ حُقُوقُهُمْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ كَالرَّهْنِ (فَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ) ، لِأَنَّ حُقُوقَ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَعْيَانِ مَالِهِ، فَلَمْ يُقْبَلِ الْإِقْرَارُ عَلَيْهِ كَالْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ (وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) ، لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، أَشْبَهَ السَّفِيهَ. وَمُرَادُهُمْ بِالتَّصَرُّفِ إِذَا كَانَ مُسْتَأْنَفًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَأْنَفٍ كَرَدٍّ بِعَيْبٍ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ وَفَسَخَهُ بِالْخِيَارِ الْمُشْتَرَطِ قَبْلَ الْحَجْرِ نُفِّذَ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَحَظِّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَالَهُ فِي " الْبُلْغَةِ "(إِلَّا الْعِتْقُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) كَالتَّدْبِيرِ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، لِأَنَّهُ عِتْقٌ مِنْ مَالِكٍ فَنُفِّذَ كَالرَّاهِنِ، لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إِلَيْهِ وَلِذَلِكَ صَحَّ مُعَلَّقُهُ وَكُمِّلَ مُبَعَّضُهُ، زَادَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَصَدَّقَهُ بِيَسِيرٍ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُنَفَّذُ، اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُؤُوسِ الْمَسَائِلِ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " وَهِيَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ
ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ، أَوْ ضَمَانٍ، أَوْ إِقْرَارٍ، صَحَّ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ، وَإِنْ جَنَى شَارَكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءَ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَمْنُوعٌ مِنَ التَّبَرُّعِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، فَلَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُهُ كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَسْتَغْرِقُ بِدَيْنِهِ مَالَهُ، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يُنْشِئِ الْحَجْرَ إِلَّا لِلْمَنْعِ مِنَ التَّصَرُّفِ، وَفِي صِحَّةِ الْعِتْقِ إِبْطَالٌ لِذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ رَشِيدٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ الْحَجْرُ، فَلَا يَتَقَدَّمُ سَبَبُهُ، وَقِيلَ: لَا يُنَفَّذُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَعَنْهُ: لَهُ مَنْعُ ابْنِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ إِنْ أَضَرَّهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْرُمُ إِنْ أَضَرَّ بِغَرِيمِهِ، ذَكَرَهُ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ.
فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى جَمَلًا بِعَيْنِهِ، أَوْ دَارًا لَمْ يَنْفَسِخْ بِالْفَلَسِ، وَالْمُكْتَرِي أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّتُهُ.
آخَرُ: يُكَفِّرُ هُوَ وَسَفِيهٌ بِصَوْمٍ، فَإِنْ فُكَّ حَجْرُهُ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ، وَقَدَرَ كَفَّرَ بِغَيْرِهِ.
(وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي ذِمَّتِهِ بِشِرَاءٍ، أَوْ ضَمَانٍ، أَوْ إِقْرَارٍ، صَحَّ) ، لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ فَالْحَجْرُ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِهِ لَا بِذِمَّتِهِ مِنْهُ، فَوَجَبَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ فِي ذِمَّتِهِ عَمَلًا بِأَهْلِيَّتِهِ السَّالِمَةِ عَنْ مُعَارَضَةِ الْحَجْرِ (وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ) ، لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَالِهِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، فَوَجَبَ أَنْ يُتْبَعَ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ لِزَوَالِ الْعَارِضِ، وَلَيْسَ لِأَرْبَابِ هَذِهِ الْحُقُوقِ مُشَارَكَةُ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ بِفَلَسِهِ وَعَامَلَهُ، فَقَدْ رَضِيَ بِالتَّأْخِيرِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَقَدْ فَرَّطَ أَمَّا إِنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَقٌّ بِبَيِّنَةٍ شَارَكَ صَاحِبُهُ الْغُرَمَاءَ، لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَهِدَ بِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ (وَإِنْ جَنَى) الْمُفْلِسُ (شَارَكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءَ) ، لِأَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ عَلَى الْجَانِي بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ، وَلَمْ يَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ كَمَا قَبْلَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، وَحُكْمُ الْجِنَايَةِ إِذَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ وَصُولِحَ عَلَى مَالٍ - حُكْمُ الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ ابْتِدَاءً، لَا يُقَالُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ هُنَا يُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، كَمَا تُقَدَّمُ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، لِأَنَّ دَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ فِيهِمَا بِالذِّمَّةِ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، فَإِنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ تَفُوتُ بِفَوَاتِهَا (وَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ) ، لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالذِّمَّةِ