الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِيَ، أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مَعْلُومَةً، أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، أَوْ زَرْعَ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُسَاقَاةُ، وَمَتَى فَسَدَتْ فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ صَاحِبِهِ.
وَ
حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ
فِيمَا ذَكَرْنَا، وَالْحَصَادُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَيَتَقَاصَّانِ بِقَدْرِ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَيَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِالْفَضْلِ، وَإِنْ شَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي الزَّرْعِ فَظَاهِرٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَعَلَى الْفَسَادِ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْبَذْرِ، وَيَتَرَاجَعَانِ كَمَا ذَكَرْنَا.
(وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِيَ) لَمْ يَصِحَّ كَأَنَّهُ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ قُفْزَانًا مَعْلُومَةً، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ تَفْسَدُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ ; لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تُخْرِجْ إِلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَخْتَصُّ بِهِ الْمَالِكُ، وَرُبَّمَا لَا تُخْرِجُهُ، وَمَوْضُوعُهَا عَلَى الِاشْتِرَاكِ (أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مَعْلُومَةً) لِمَا ذَكَرْنَا (أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً) لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا تُخْرِجُ الْأَرْضُ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ، فَيُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ (أَوْ أَوْ زَرَعَ نَاحِيَةً مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَسَدَتِ الْمُزَارِعَةُ وَالْمُسَاقَاةُ) بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ كَأَنْ يَشْتَرِطَ مَا عَلَى الْجَدَاوِلِ، قِيلَ: وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا، أَوْ شَرَطَهُ مَعَ نَصِيبِهِ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ الصَّحِيحَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ غَيْرُ مُعَارَضٍ وَلَا مَنْسُوخٍ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَ مَا عُيِّنَ لَهُ دُونَ الْآخَرِ، فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَّةِ دُونَ صَاحِبِهِ (وَمَتَّى فَسَدَتِ فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ يَنْقَلِبُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَيَنْمُو فَهُوَ كَصغار الشَّجَرِ إِذَا غَرَسَ (وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَا سُمِّيَ لَهُ، فَإِذَا فَاتَ رَجَعَ إِلَى بَدَلِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْضَ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا، فَعَلَى الْمَذْهَبِ إِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنَ الْعَامِلِ فَهُوَ لَهُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِرَبِّهَا وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَهُوَ لَهُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا، وَيَتَرَاجَعَانِ بِالْفَاضِلِ.
فَرْعٌ: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جِنْسِ الْبُذُورِ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَقَدَّرَهُ، فَلَوْ دَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِ أَرْضٍ لِيَزْرَعَهُ فِيهَا وَمَا يَخْرُجُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ فَاسِدٌ ; لِأَنَّ الْبَذْرَ لَيْسَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَلَا مِنَ الْعَامِلِ، فَالزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ، وَالْعَمَلِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، مَأْخُوذٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاشْتِرَاكِ.
[حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ حَكَمُ الْمُسَاقَاةِ]
(وَحُكْمُ الْمُزَارَعَةِ حُكْمُ الْمُسَاقَاةِ فِيمَا ذَكَرْنَا) أَيْ مِنَ الْجَوَازِ، وَاللُّزُومِ، وَأَنَّهَا لَا تَجُوزُ
عَلَى الْعَامِلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْجِذاذ، وَعَنْهُ: أَنَّ الْجِذاذ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَزْرَعُ الْأَرْضَ بِبَذْرِي وَعَوَامِلِي وَتَسْقِيهَا بِمَائِكَ وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا، فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ فِي نَصِيبِهِ صَحَّ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِلَّا بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ لِلْعَامِلِ وَمَا يَلْزَمُهُ وَرَبِّ الْأَرْضِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهَا ; لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ عَلَى الْأَرْضِ بِبَعْضِ نَمَائِهَا (وَالْحَصَادُ عَلَى الْعَامِلِ، نَصَّ عَلَيْهِ) لِقِصَّةِ خَيْبَرَ، وَلِأَنَّهُ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَقِيلَ: عَلَيْهِمَا لِلِاشْتِرَاكِ فِيهِ، وَفِي " الْمُوجَزِ " فِيهِ وَفِي دِيَاسٍ وَبَذْرِهِ وَحِفْظِهِ بِبَيْدَرِهِ رِوَايَتَا جِدَادٍ، وَاللِّقَاطُ كَالْحَصَادِ، وَيُكْرَهَانِ لَيْلًا، نَصَّ عَلَيْهِ (وَكَذَلِكَ الْجِذاذ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ ; لِأَنَّهُ مِنَ الْعَمَلِ، فَكَانَ عَلَيْهِ كَالتَّشْمِيسِ (وَعَنْهُ أَنَّ الْجِذاذ عَلَيْهِمَا) وَهُوَ الْأَصَحُّ بِصِحَّتِهِمَا ; لِأَنَّهُ يُوجَدُ بَعْدَ تَكَامُلِ النَّمَاءِ، أَشْبَهَ نَقْلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَنَصَرَه فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " الْأَوَّلَ وَنَقَضَ دَلِيلَ الثَّانِيَةِ بِالتَّشْمِيسِ، وَفَارَقَ النَّقْلَ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَزَوَالِ الْعَقْدِ أَشْبَهَ الْمُخَزَّنَ (وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَزْرَعُ الْأَرْضَ بِبَذْرِي وَعَوَامِلِي وَتَسْقِيهَا بِمَائِكَ وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا، فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ " إِحْدَاهُمَا لَا تَصِحُّ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " ; لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُزَارَعَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ، وَمِنَ الْآخَرِ الْعَمَلُ، وَصَاحِبُ الْمَاءِ لَيْسَ مِنْهُ أَرْضٌ وَلَا عَمَلٌ وَلَا بَذْرٌ، وَلِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُسْتَأْجَرُ، فَكَيْفَ تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ بِهِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى، نَقَلَهَا يَعْقُوبُ وَحَرْبٌ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ ; لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الزَّرْعُ، فَجَازَ جَعْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالْأَرْضِ وَالْعَمَلِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ إِيجَارُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ مَجْهُولٌ جَازَ أَنْ يُجْعَلَ عِوَضُ الْمَاءِ كَذَلِكَ، وَرُدَّ بِالْمَنْعِ فِي الْعِلَّةِ الْأَخِيرَةِ، وَبِتَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ، فَمَا الْجَامِعُ.
فَرْعٌ: آجَرَ أَرْضَهُ لِلزَّرْعِ، فَزَرَعَهَا، فَلَمْ تُنْبِتْ، ثُمَّ نَبَتَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مُدَّةَ احْتِسَابِهَا.
(وَإِنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ فِي نَصِيبِهِ صَحَّ) فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الشَّرِيكِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِي الزَّرْعِ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نِصْفَيْنِ، فَيَجْعَلُ لِلْعَامِلِ الثُّلُثَيْنِ، فَيَصِيرُ السُّدْسُ حِصَّتَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: زَارَعْتُكَ عَلَى نَصِيبِي بِالثُّلُثِ فَصَحَّ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي: لَا تَصِحُّ ; لِأَنَّ النِّصْفَ لِلْمُزَارِعِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُزَارِعَ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا فَسَدَ فِي نَصِيبِهِ، فَسَدَ فِي الْجَمِيعِ، كَمَا لَوْ جَمَعَ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ، مِنْ أَحَدِهِمُ الْبَذْرُ، وَمِنَ الْآخَرِ الْأَرْضُ، وَمِنَ الثَّالِثِ الْعَمَلُ عَلَى أَنَّ مَا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمْ فَهُوَ فَاسِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمُزَارَعَةِ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوِ الْعَامِلِ، وَلَيْسَتْ شَرِكَةً وَلَا إِجَارَةً، فَعَلَى هَذَا الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ لِصَاحِبَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِمَا، وَفِي الصِّحَّةِ تَخْرِيجٌ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ.
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ، فَإِنْ كَانَ الْبَقَرُ مِنْ رَابِعٍ، فَحَدِيثُ مُجَاهِدٍ وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْبَذْرِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ.
الثَّانِيَةُ: اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْضٍ لَهُمْ عَلَى أَنْ يَزْرَعُوهَا بِبَذْرِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَأَعْوَانِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا لَهُمْ، جَازَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
الثَّالِثَةُ: مَا سَقَطَ مِنْ حَبٍّ وَقْتَ حَصَادٍ فَنَبَتَ عَامًا آخَرَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الْمُبْهِجِ " وَجْهٌ لَهُمَا، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": لِرَبِّ الْأَرْضِ مَالِكًا، أَوْ مُسْتَأْجِرًا، أَوْ مُسْتَعِيرًا، وَقِيلَ: لَهُ حُكْمُ عَارِيَةٍ، وَقِيلَ: غَصْبٍ، وَكَذَا نَصَّ فِيمَنْ بَاعَ فَصِيلًا فَحَصَدَ وَبَقِيَ يَسِيرٌ فَصَارَ سُنْبُلَا، فَلِرَبِّ الْأَرْضِ.
الرَّابِعَةُ: لَا خِلَافَ فِي إِبَاحَةِ مَا يَتْرُكُهُ الْحَصَادُ، وَكَذَا اللِّقَاطُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَحْرُمُ مَنْعُهُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ، وَنُقِلَ عَنْهُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ مَزْرَعَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَقَالَ: لَمْ يَرَ بَأْسًا بِدُخُولِهِ يَأْخُذُ كَلًّا وَشَوْكًا لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرًا، وَعُرْفًا، وَعَادَةً.