الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَ
الْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ
، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْهَلَاكِ وَنَفْيِ التَّفْرِيطِ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ الثَّوْبَ وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ فَتَلِفَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَعَلَيْهَا إِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الدَّفْعِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَذَّبَهُ قُبِلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ ادَّعَى فِعْلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَقَضَائِهِ بِحَضْرَتِهِ، وَعَلَى اعْتِبَارِهَا إِذَا أَشْهَدَ عُدُولًا فَمَاتُوا، أَوْ غَابُوا، فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ، وَإِنْ أَشْهَدَ بَيِّنَةً فِيهَا خِلَافٌ فَوَجْهَانِ.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ كَانَ لِمُوَكِّلِهِ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْوَفَاءِ بِدُونِ الْإِشْهَادِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الْإِشْهَادُ، فَإِنْ تَرَكَهُ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمُوَكِّلِهِ الِامْتِنَاعُ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَا ضَمَانَ بِتَرْكِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَشْهَدْتُ فَمَاتُوا، أَوْ أَذِنْتَ فِيهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، أَوْ قَضَيْتُ بِحَضْرَتِكَ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ لِلْأَصْلِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْأَوْلَى: لَا، وَأَنَّ فِي الثَّانِيَةِ الْخِلَافَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
[الْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ]
فَصْلٌ (وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) ، لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمَالِكِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَانَ الْهَلَاكُ فِي يَدِهِ كَالْهَلَاكِ فِي يَدِ الْمَالِكِ كَالْمُودَعِ، وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لِغَيْرِهِ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ كَالْوَصِيِّ وَنَحْوِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِجُعْلٍ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَلَفِ الْعَيْنِ الْمُوَكَّلِ فِيهَا، أَوْ تَلَفِ ثَمَنِهَا، لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ إِنْ فَرَّطَ بِأَنْ لَا يَحْفَظَ ذَلِكَ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، وَفِي " الْمُغْنِي "، أَوْ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ، أَوْ يَلْبَسُ الثَّوْبَ، أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ الْمَالَ فَيَمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لِأَنَّ التَّعَدِّيَ أَبَلَغُ مِنَ التَّفْرِيطِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْهَلَاكِ وَنَفْيِ التَّفْرِيطِ) أَيْ: إِذَا ادَّعَى الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَوْ كُلِّفَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْأَمَانَاتِ مَعَ دَعْوَى الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى التَّلَفَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ عَامٍّ وَنَهْبِ جَيْشٍ كُلِّفَ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ (وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ الثَّوْبَ وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ فَتَلِفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) .
فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهِ إِلَى الْمُوَكِّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي الْأَجِيرِ وَالْمُرْتَهَنِ، وَإِنْ قَالَ: أَذِنْتُ لَهُ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ، وَالْقَبْضَ فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِمَا كَالْوَلِيِّ الْمُجْبَرِ، وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ وَيَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يُكَلَّفُهَا كَالْمُودَعِ.
وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ فَاشْتَرَاهُ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنِهِ قُبِلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَيَّنَ لَهُ الشِّرَاءَ بِمَا ادَّعَاهُ فَقَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِأَلْفٍ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِهَا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْمُوَكِّلُ، لِأَنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ شَيْءٍ قُبِلَ فِي صِفَتِهِ (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْنَ، أَوْ ثَمَنَهَا (إِلَى الْمُوَكِّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا) قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ لِنَفْعِ مَالِكِهِ فَقَطْ فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ كَالْوَصِيِّ، وَالْمُودَعِ، وَقِيلَ: لَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يُقْبَلُ مَعَ يَمِينِهِ، وَفِي " التَّذْكِرَةِ " أَنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ مِنَ الْأُمَنَاءِ لَمْ يَحْلِفْ، وَالتَّلَفُ كَالرَّدِّ (وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ لِنَفْعِ نَفْسِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَالثَّانِي: بَلَى، لِأَنَّهُ أَمِينٌ (وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي الْأَجِيرِ، وَالْمُرْتَهَنِ) لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي قَبْضِ الْعَيْنِ لِمَنْفَعَةِ الْقَابِضِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي الْمُضَارِبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْمُسْتَعِيرِ، فَلَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ قَبْضَ الْمَالِ، ثُمَّ ثَبَتَ فَادَّعَى الرَّدَّ، أَوِ التَّلَفَ لَمْ يُقْبَلْ لِثُبُوتِ خِيَانَتِهِ بِجَحْدِهِ، وَلَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فِي وَجْهٍ، لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا.
وَالثَّانِي: يُقْبَلُ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي ذَلِكَ قَبْلَ وُجُودِ خِيَانَتِهِ.
الْبَيْعِ نَسَاءً، وَفِي الشِّرَاءِ بِخَمْسَةٍ، فَأَنْكَرَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَإِنْ قَالَ: وَكَّلْتَنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْأَلَةٌ: كُلُّ أَمِينٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَطُلِبَ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ إِنْ قُلْنَا: يَحْلِفُ، وَإِلَّا لَمْ يُؤَخِّرْهُ لِذَلِكَ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَمَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ بِالْأَخْذِ لَمْ يُؤَخِّرْ رَدَّهُ لِلْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: بَلَى، كَمَا لَوْ أَخَذَهُ، وَفِي ذِمَّتِهِ مَالٌ لِزَيْدٍ، أَوْ فِي يَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إِلَى وَكِيلِهِ حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِحُجَّةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُهُ إِلَى رَبِّهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا تَلِفَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ، أَوِ الشِّرَاءِ بِهِ بِتَعَدٍّ، أَوْ تَفْرِيطٍ، أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي بَدَلِهِ بِحَالٍ، وَإِنْ وَزَنَ مِنْ مَالِهِ بَدَلَ الثَّمَنِ وَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ لِمُوَكِّلِهِ مَا أَمَرَهُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا إِنِ اشْتَرَاهُ فِي نَعْتِهِ، ثُمَّ نَقَدَهُ، وَعَنْهُ: هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ مُوَكِّلِهِ (وَإِنْ قَالَ: أَذِنْتَ لِي فِي الْبَيْعِ نَسَاءً، وَفِي الشِّرَاءِ بِخَمْسَةٍ)، أَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ قَالَ: بَلْ فِي بَيْعِ الْأَمَةِ (فَأَنْكَرَهُ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُضَارِبِ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ كَالْخَيَّاطِ، وَالثَّانِي: وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْوَكَالَةِ، فَكَذَا فِي صِفَتِهَا فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ لَكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَقَالَ: إِنَّمَا أَذِنْتُ فِي شِرَاءِ غَيْرِهَا، قُبِلَ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِذَا حَلَفَ بَرِئَ مِنَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الشِّرَاءُ وَقَعَ بِعَيْنِ الْمَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَتُرَدُّ الْجَارِيَةُ إِلَى بَائِعِهَا إِنْ صَدَّقَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ أَنَّ الشِّرَاءَ لِغَيْرِهِ، أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا فِي يَدِ الْإِنْسَانِ لَهُ، فَإِنِ ادَّعَى الْوَكِيلُ عِلْمَهُ بِذَلِكَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، وَلَزِمَ الْوَكِيلَ غَرَامَةُ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ، وَدَفْعُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَتَبْقَى الْجَارِيَةُ فِي يَدِهِ لَا تَحِلُّ لَهُ، لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَهِيَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهِيَ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ أَرَادَ حِلَّهَا اشْتَرَاهَا مِمَّنْ هِيَ لَهُ فِي الْبَاطِنِ، فَإِنِ امْتَنَعَ رَفَعَ الْأَمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَرْفُقَ بِهِ لِبَيْعِهِ إِيَّاهَا لِيُثْبِتَ لَهُ الْمِلْكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَيَصِيرَ مَا ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ قِصَاصًا بِالَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْآخَرُ ظُلْمًا فَإِنِ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ، لِأَنَّهُ
لَكَ فُلَانَةَ، فَفَعَلْتُ، وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَأَنْكَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَهَلْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَقْدُ مُرَاضَاةٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَهَا إِنْ كَانَتْ لِي، أَوْ إِنْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكَ فِي شِرَائِهَا بِكَذَا فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى شَرْطٍ، وَقِيلَ: بَلَى، لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ وَاقِعٌ يَعْلَمَانِ وَجُودَهُ، فَلَا يَضُرُّ جَعْلُهُ شَرْطًا كَبِعْتُكَ هَذِهِ الْأَمَةَ إِنْ كَانَتْ أَمَةً.
فَرْعٌ: إِذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ قَبْلَ طَلَبِهِ، وَلَا يَضْمَنُهُ بِتَأْخِيرِهِ، فَإِنْ طَلَبَهُ فَأَخَّرَ الرَّدَّ مَعَ إِمْكَانِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ، فَإِنْ وَعَدَهُ رَدَّهُ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَدَّهُ، أَوْ تَلِفَ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَوَجْهَانِ.
(وَإِنْ قَالَ: وَكَّلْتَنِي أَنْ أَتَزَوَّجَ لَكَ فُلَانَةَ فَفَعَلْتُ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ) ، لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْوَكَالَةِ فَقُبِلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ، إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ أَمِينُهُ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ (بِغَيْرِ يَمِينٍ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَدَّعِي حَقًّا لِغَيْرِهِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ إِذَا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَ " الْوَجِيزِ "، لِأَنَّهَا تَدَّعِي الصَّدَاقَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (وَهَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ)، وَذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِتَعَلُّقِ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِالْمُوَكِّلِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَضْمَنْهُ، فَإِنْ ضَمِنَهُ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ لِضَمَانِهِ عَنْهُ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ، لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ، فَكَذَا هُنَا، وَلِأَنَّهُ فَرَّطَ حَيْثُ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ، وَالصَّدَاقِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَيُفَارِقُ الشِّرَاءَ، لِأَنَّ الثَّمَنَ مَقْصُودٌ لِلْبَائِعِ، وَالْعَادَةُ تَعْجِيلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "،
يَلْزَمُ الْوَكِيلَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجُعْلٍ وَبِغَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ: بِعْ ثَوْبِي بِعِشَرَةٍ فَمَا زَادَ فَلَكَ، صَحَّ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَ " الشَّرْحِ "، وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ طَلَاقُهَا فِي الْمَنْصُوصِ لِإِزَالَةِ الِاحْتِمَالِ، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِ نِكَاحٌ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرِثْهُ الْآخَرُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ صَدَاقُهَا فَتَرِثَهُ، وَهُوَ مُنْكِرٌ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَلَا يَرِثُهَا.
تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا صَدَّقَ عَلَى الْوَكَالَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَكَذَا فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ وَكَّلَ فِيهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ أَمِينٌ قَادِرٌ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَهُوَ أَعْرَفُ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ مُوَكِّلِهِ فِي النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ لَا تَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ كَأَصْلِ الْوَكَالَةِ.
(وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجُعْلٍ) أَيْ: مَعْلُومٍ، لِأَنَّهُ عليه السلام «كَانَ يَبْعَثُ عُمَّالَهُ لِقَبْضِ الصَّدَقَاتِ وَيَجْعَلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا» ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لِغَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ، فَهُوَ كَرَدِّ الْآبِقِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ بِالْبَيْعِ مَثَلًا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " مَا لَمْ يَشْرِطْهُ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعِهِ نَسَاءً إِنْ صَحَّ، وَفِي " الْفُرُوعِ " هَلْ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ؟ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ، فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مَجْهُولًا فَسَدَتْ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالْإِذْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (وَبِغَيْرِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ جُعْلٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِأَنَّهُ عليه السلام وَكَّلَ أُنَيْسًا فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ، وَعُرْوَةَ فِي الشِّرَاءِ بِغَيْرِ جُعْلٍ (فَلَوْ قَالَ: بِعْ ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ فَمَا زَادَ فَلَكَ، صَحَّ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُ فِي عَصْرِهِ مُخَالِفًا، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ، وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُ أَجْرٌ مَجْهُولٌ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا عَيْنٌ تَنْمِي بِالْعَمَلِ عَلَيْهَا فَهُوَ كَدَفْعِ مَالِهِ مُضَارَبَةً وَبِهِ عَلَّلَ أَحْمَدُ، فَعَلَى هَذَا إِنْ بَاعَهُ بِزِيَادَةٍ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِمَا عَيَّنَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ الزِّيَادَةَ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ فَهُوَ كَالْمُضَارِبِ إِذَا لَمْ يَرْبَحْ.