الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَصَّ عَلَيْهِ.
وَ
لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ
، وَإِنِ اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ فَرَبِحَ فِي إِحْدَاهُمَا وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى أَوْ تَلِفَتْ جُبِرَتِ الْوَضِيعَةُ مِنَ الرِّبْحِ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ انْفَسَخَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالتَّلَفِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحَبَلَهَا صَارَتْ أَمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَهُوَ حُرٌّ ; لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَتَخْرُجُ مِنَ الْمُضَارَبَةِ، وَتُحْسَبُ قِيمَتُهَا، وَيُضَافُ إِلَيْهِ بَقِيَّةُ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْهُ.
[لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ]
(وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ رِبْحٌ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَ شَيْءٍ مِنَ الرِّبْحِ حَتَّى يُسَلِّمَ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى رَبِّهِ، فَمَتَى كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، وَخُسْرَانٌ جُبِرَتِ الْوَضِيعَةُ مِنَ الرِّبْحِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الْفَاضِلُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَمَا لَمْ يَفْضُلْ فَلَيْسَ بِرِبْحٍ، فَلَوْ كَانَ مِائَةً، فَخَسِرَ عَشَرَةً ثُمَّ أَخَذَ رَبُّهُ عَشَرَةً نَقَصَ بِهَا، وَقِسْطُهَا مِمَّا خَسِرَ دِرْهَمٌ وَتُسْعٌ، وَيَبْقَى رَأْسُ الْمَالِ ثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ وَثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ رَبِحَ فِيهَا عِشْرِينَ فَأَخَذَهَا رَبُّ الْمَالِ، فَقَدْ أَخَذَ سُدُسَهُ فَنَقَصَ رَأْسُ الْمَالِ سُدُسُهُ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَحَظُّهَا مِنَ الرِّبْحِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ.
فَرْعٌ: يُحْسَبُ مِنَ الرِّبْحِ الْمَهْرُ، وَالثَّمَرَةُ، وَالْأُجْرَةُ، وَأَرْشُ الْعَيْبِ، وَكَذَا نِتَاجُ الْحَيَوَانِ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ (وَإِنِ اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ فَرَبِحَ فِي إِحْدَاهُمَا وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى أَوْ تَلِفَتْ) إِحْدَاهُمَا (جُبِرَتِ الْوَضِيعَةُ مِنَ الرِّبْحِ) أَيْ وَجَبَ جَبْرُ الْخُسْرَانِ مِنَ الرِّبْحِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ شَيْئًا إِلَّا بَعْدَ كَمَالِ رَأْسِ الْمَالِ ; لِأَنَّهَا مُضَارَبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا إِذَا تَعَيَّبَ، أَوْ نَزَلَ سِعْرُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: وَقَبْلَهُ جُبِرَتِ الْوَضِيعَةُ مِنْ رِبْحِ بَاقِيهِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ نَاضًّا، أَوْ تَنْضِيضُهُ مَعَ مُحَاسَبَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا.
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَحَرْبٌ إِذَا احْتَسَبَا وَعَلِمَا مَالَهُمَا، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي " الِانْتِصَارِ " وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ رِبْحَ رِبْحِهِ (وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ انْفَسَخَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ) وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ الْبَاقِي خَاصَّةً ; لِأَنَّهُ مَالٌ هَلَكَ عَلَى جِهَتِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَشْبَهَ التَّالِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفَارَقَ مَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ ; لِأَنَّهُ دَارَ فِي التِّجَارَةِ، وَشَرَعَ فِيمَا قُصِدَ بِالْعَقْدِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الرِّبْحِ.
ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَهِيَ لَهُ وَثَمَنُهَا عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا، وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. وَإِذَا ظَهَرَ الرِّبْحُ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ لَمْ يَخْلِطْهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهْ جَوَازُهُ، وَإِنْ أَذِنَ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ نَضَّ الْمَالُ جَازَ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْمَنْعِ (وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَهِيَ لَهُ وَثَمَنُهَا عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْمُضَارَبَةِ لِانْفِسَاخِهَا بِالتَّلَفِ، وَاخْتَصَّ بِهِ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْمُضَارَبَةِ لَكَانَ مُسْتَدِينًا عَلَى غَيْرِهِ، وَالِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا تَجُوزُ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِتَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ جَهِلَهُ (إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ رَبُّ الْمَالِ) فَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لِلْعَامِلِ بِكُلِّ حَالٍ ; لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَلَمْ تَجُزْ (وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الشِّرَاءِ) قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهَا (فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا) لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسْخِهَا هُوَ التَّلَفُ، وَلَمْ يُوجَدْ حِينَ الشِّرَاءِ، وَلَا قَبْلَهُ (وَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ صَادَفَ الْمُضَارَبَةَ بَاقِيَةً بِحَالِهَا، وَذَلِكَ يُوجِبُ كَوْنَ الْمُشْتَرَى لَهُ، وَالثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلِرَبِّ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَامِلِ وَيَصِيرُ رَأْسُ الْمَالِ الثَّمَنَ دُونَ التَّالِفِ ; لِأَنَّهُ تَلِفَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ الرِّبْحَ لِلْآخَرِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ، فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا، وَإِلَّا فَهِيَ فِي قَدْرِ ثَمَنِهَا.
(وَإِذَا ظَهَرَ الرِّبْحُ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) لِأُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَأْمَنُ الْخُسْرَانَ الَّذِي يَنْجَبِرُ بِالرِّبْحِ، الثَّانِي: أَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرِيكُهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَاسَمَةُ نَفْسِهِ، الثَّالِثُ: أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ بِعَرَضِيَّةِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ يَدِهِ لِجُبْرَانِ خَسَارَةِ الْمَالِ (إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، وَظَهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إِلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا (وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَالْمَجْزُومُ بِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْهُ بِظُهُورِهِ ; لِأَنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ، فَيَثْبُتُ مُقْتَضَاهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ جُزْءٌ مِنَ الرِّبْحِ، وَكَمَا
قَبْلَ الْقِسْمَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيْعَ فَأَبَى رَبُّ الْمَالِ أُجْبِرَ إِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنِ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَالْمَالُ عَرَضٌ فَرَضِيَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَمْلِكُ السَّاقِي حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ بِظُهُورِهَا فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَمْلِكُهُ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَهُ بِهِ لَاخْتَصَّ بِرِبْحِهِ، وَلَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ كَشَرِيكَيِ الْعِنَانِ، وَلِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ بِالْمَالِ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِيهِ فَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ عَتَقَا وَلَمْ يَضْمَنْ لِلْعَامِلِ شَيْئًا، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَوِ اشْتَرَى قَرِيبَهُ فَعَتَقَ لَزِمَهُ حِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، وَالثَّالِثَةُ: يَمْلِكُهُ بِالْمُحَاسَبَةِ وَالتَّنْضِيضِ، وَالْفَسْخِ، فَعَلَى الْأُولَى لَا يَسْتَقِرُّ كَشَرْطِهِ وَرِضَاهُ بِضَمَانِهِ، وَفِي عِتْقِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: - وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ - وَجْهَانِ.
فَرْعٌ: إِتْلَافُ الْمَالِكِ كَالْقِسْمَةِ، فَيَغْرَمُ نَصِيبَ الْآخَرِ، وَكَذَا الْأَجْنَبِيِّ.
(وَإِنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيْعَ فَأَبَى رَبُّ الْمَالِ أُجْبِرَ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ (إِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ) نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ حَقَّ الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ لَا يَظْهَرُ إِلَّا بِالْبَيْعِ، فَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ لَمْ يُجْبَرِ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ ; لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْعَامِلِ فِيهِ، وَقَدْ رَضِيَهُ مَالِكُهُ كَذَلِكَ فَلَم يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ، وَقِيلَ: يُجْبَرُ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا زَادَ فِيهِ رَاغِبٌ، فَزَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ فِيهِ حَظٌّ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا حَصَلَتْ بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّهَا الْعَامِلُ، فَعَلَى تَقْدِيرِ الْخَسَارَةِ يَتَّجِهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ.
فَرْعٌ: لِلْعَامِلِ شِرَاءُ الْبَعْضِ مِنَ الْمَالِكِ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَكَذَا مِنْ نَفْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ مُطْلَقًا.
(وَإِنِ انْفَسَخَ الْقِرَاضُ وَالْمَالُ عَرَضٌ فَرَضِيَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ عَرَضًا) أَيْ فَلَهُ تَقْوِيمُهُ، وَدَفْعُ حِصَّتِهِ ; لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الْبَيْعَ عَنِ الْمُضَارِبِ، وَأَخَذَ الْعُرُوضَ بِثَمَنِهَا الَّذِي يُحَصَّلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ يَمْلِكُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةً، فَإِنِ ارْتَفَعَ السِّعْرُ لَمْ يُطَالِبْهُ بِقِسْطِهِ فِي الْأَصَحِّ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَوْ قَصَدَ رَبُّ الْمَالِ الْحِيلَةَ لِيَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ الْعَامِلُ اشْتَرَى خَزًّا فِي الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ فِي الشِّتَاءِ، أَوْ يَرْجُوَ دُخُولَ مَوْسِمٍ أَوْ قَفَلٍ أَنَّ حَقَّهُ يَبْقَى فِي الرِّبْحِ.
قَالَ الْأَزَجِيُّ: أَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَلَ لَا أَثَرَ لَهَا (أَوْ طَلَبَ) رَبُّ الْمَالِ (الْبَيْعَ، فَلَهُ
بِمَالِهِ عَرَضًا أَوْ طَلَبَ الْبَيْعَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَزِمَ الْعَامِلَ تَقَاضِيهِ، وَإِنْ قَارَضَ فِي الْمَرَضِ فَالرِّبْحُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى سَائِرِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ذَلِكَ) أَيْ يُجْبَرُ الْعَامِلُ عَلَى بَيْعِهِ، وَقَبْضِ ثَمَنِهِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ رَدَّ الْمَالِ نَاضًّا كَمَا أَخَذَهُ، وَالثَّانِي: لَا يُجْبَرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ زَالَ تَصَرُّفُهُ، وَصَارَ أَجْنَبِيًّا مِنَ الْمَالِ، أَشْبَهَ الْوَكِيلَ إِذَا اشْتَرَى مَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ، فَأَخَّرَهُ حَتَّى زَالَتِ الْوَكَالَةُ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَفِي اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ: يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرَ فَصَارَ دَرَاهِمَ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَكَعَرَضٍ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ.
وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: إِنْ قُلْنَا هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قِيمَةُ الْأَشْيَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَا فَرْقَ لِقِيَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مَقَامَ الْآخَرِ، وَإِذَا نَضَّ رَأْسُ الْمَالِ لَمْ يَلْزَمِ الْعَامِلَ أَنْ يَنِضَّ لَهُ الْبَاقِيَ ; لِأَنَّهُ شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ صِحَاحًا فَنَضَّ قِرَاضَةً أَوْ مُكَسَّرَةً لَزِمَ الْعَامِلَ رَدُّهَا إِلَى الصِّحَاحِ، فَيَبِيعُهَا بِصِحَاحٍ أَوْ بِعَرَضٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِهِ (وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَزِمَ الْعَامِلَ تَقَاضِيهِ) مُطْلَقًا أَيْ إِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ أَوْ لَا ; لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَقْتَضِي رَدَّ الْمَالِ عَلَى صِفَتِهِ، وَالدُّيُونُ لَا تَجْرِي مَجْرَى النَّاضِّ، فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ ظَهَرَ رِبْحٌ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي قَدْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلًا، وَذِكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى حَالِهِ إِنْ فَسَخَ بِلَا إِذْنِهِ، قَالَ: وَكَذَا شَرِيكًا (وَإِنْ قَارَضَ فِي الْمَرَضِ) صَحَّ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَنْبَغِي فِيهِ الْفَضْلُ أَشْبَهَ الْمُعَاوَضَةَ (فَالرِّبْحُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ مِنْ ثُلُثِهِ (وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ) لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ مِنْ مَالِ رَبِّ الْمَالِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ بِعَمَلِ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُوجَدُ مِنْهُ يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْعَامِلِ وَلَا يُزَاحِمُ بِهِ أَصْحَابَ الْوَصَايَا ; لِأَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَ الْمَالَ كَانَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمُقْتَرِضِ، فَبَعْضُهُ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ حَابَى الْأَجِيرَ فِي الْأَجْرِ، فَإِنَّهُ يُحْتَسَبُ بِالْمُحَابَاةِ مِنْ ثُلُثِهِ ; لَأَنَّ الْأَجْرَ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ (وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ إِذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِالظُّهُورِ، فَكَانَ شَرِيكًا فِيهِ، وَلِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ الْمَالِ لَا الذِّمَّةِ، فَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ كَالْجِنَايَةِ، أَوْ يُقَالُ: حَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَكَانَ أَسْبَقَ، فَقُدِّمَ كَالرَّهْنِ.