الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ مَعْدُومًا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّعَذُّرِ.
فَصْلٌ
السَّادِسُ: أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ
وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(أَوْ عِوَضِهِ إِنْ كَانَ مَعْدُومًا) لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا اسْتَحَقَّ مِثْلَهُ، وَإِلَّا قِيمَتُهُ كَالْمُتْلَفِ (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: خُيِّرَ (وَفِي الْآخَرِ يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّعَذُّرِ) لِكَوْنِ الْمُسْلِمِ فِيهِ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ مِنْهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ فَهَلَكَتْ فَيَرْجِعُ بِرَأْسِ مَالِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَشْهَرُ، وَالْأَصَحُّ، فَإِنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ فَهُوَ كَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلِأَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى دَفْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ جَازَ، وَإِنَّمَا أُجْبِرَ عَلَى الدَّفْعِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ بِصِفَةِ حَقِّهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا أَخَّرَ الْقَبْضَ فِي أَوَانِهِ مَعَ إِمْكَانِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إِلَى أَوَانِهِ بَعْدُ، أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَسْخِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: إِنْ تَعَذَّرَ بَعْضُهُ فَسَخَ الْكُلَّ، أَوْ صَبَرَ.
فَرْعٌ: إِذَا أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ إِلَى ذِمِّيٍّ فِي خَمْرٍ، فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَأْخُذُ دَرَاهِمَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالْآخِرَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِيفَاءُ.
[السَّادِسُ أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ]
فَصْلٌ (السَّادِسُ: أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) أَيْ: قَبْلَ التَّفَرُّقِ نَصَّ عَلَيْهِ وَاسْتَنْبَطَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام: «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ» . أَيْ: فَلْيُعْطِ.
قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ اسْمُ السَّلَفِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا سَلَفَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ مَنْ أَسْلَفَهُ انْتَهَى، وَحِذَارًا أَنْ يَصِيرَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَيَدْخُلَ تَحْتَ النَّهْيِ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَأْخِيرِ الْعِوَضِ فِيهِ، فَلَمْ يَجُزِ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالصَّرْفِ وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ جَمِيعِهِ، فَلَوْ قَبَضَ الْبَعْضَ، ثُمَّ افْتَرَقَا بَطَلَ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَقْبُوضِ، فَلَوْ جَعَلَ
مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا وَاحِدًا فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
دَيْنًا سَلَمًا لَمْ يَصِحَّ، لَكِنْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ، أَوْ عَيْنٌ مَغْصُوبَةٌ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَبْضِ.
أَصْلٌ: الْمَجْلِسُ هُنَا كَمَجْلِسِ الصَّرْفِ وَهُمَا كَمَجْلِسِ الْخِيَارِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إِذَا تَأَخَّرَ قَبْضُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ الْيَوْمَيْنِ، وَالثَّلَاثَةَ لَمْ يَصِحَّ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ) أَمْ تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ؟ (عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَأَخَّرُ بِتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ مَعْرِفَةُ رَأْسِ مَالِهِ لِيُرَدَّ بَدَلُهُ كَالْقَرْضِ، وَالشَّرِكَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ جَوْهَرَةً لِعَدَمِ تَأَتِّي الصِّفَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَيَرُدُّهُ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا، وَإِلَّا قِيمَتُهُ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِيهَا قُبِلَ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " يَقَعُ الْعَقْدُ بِقِيمَةِ مِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُضَمِّنُهُ بِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، وَهُوَ رِبًا وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ بِمِثْلِهِ، وَكَذَا الْأُجْرَةُ، وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَمَالَ إِلَيْهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مُشَاهَدٌ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى مَعْرِفَتِهِ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ.
تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَالَيْنِ حُرِّمَ النَّسَاءُ فِيهِمَا لَا يَجُوزُ إِسْلَامُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ مِنْ شَرْطِهِ التَّأْجِيلُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّسَاءُ فِي الْعُرُوضِ هُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ إِسْلَامُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: إِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ ثَمَنًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ إِسْلَامُ عَرَضٍ فِي عَرَضٍ، وَفِي ثَمَنٍ (وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا وَاحِدًا فِي جِنْسَيْنِ) .