الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّائِرَ مُصَوِّتًا، أَوْ أَنَّهُ يَجِيءُ من مسافة مَعْلُومَةً صَحَّ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي الْمَبِيعِ
كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، أَوْ حِمْلَانِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ، وَكَذَا يَصِحُّ شَرْطُهَا حَامِلًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ كَالصِّنَاعَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَصِحُّ، فَلَوْ شَرَطَهَا حَائِلًا فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَسَخَ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ لَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ، وَقِيلَ: وَيُفْسَخُ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُهَا لِسَفَرٍ، أَوْ لِحَمْلِ شَيْءٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ مَعَ الْحَمْلِ، فَلَوْ شَرَطَ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ فَهُوَ فَاسِدٌ.
(وَإِنْ شَرَطَ الطَّائِرَ مُصَوِّتًا) أَوْ يَبِيضَ أَوِ الدِّيكَ يُوقِظُهُ لِلصَّلَاةِ (أَوْ أَنَّهُ يَجِيءُ من مسافة مَعْلُومَةً) كَمِصْرَ، وَالشَّامِ (صَحَّ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّ فِي تَصْوِيتِهِ قَصْدًا صَحِيحًا، وَهُوَ عَادَةٌ فِيهِ كَالْهَمَلَاجَةِ، وَكَذَا مَجِيئُهُ لِنَقْلِ الْأَخْبَارِ وَحَمْلِ الْكُتُبِ (وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَصَارَ كَالْأَجَلِ الْمَجْهُولِ، وَلِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لَهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ الْكَبْشُ مُنَاطِحًا، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ فِي " الْمُحَرَّرِ " بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الطَّائِرِ إِذَا شَرَطَهُ مُصَوِّتًا، وَفِي " الشَّرْحِ " لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الدِّيكِ يُوقِظُهُ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ،
فَرْعٌ: لَوْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ بِالصِّفَةِ وَصَدَّقَهُ بِلَا شَرْطٍ، فَلَا خِيَارَ لَهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمُصَرَّاةِ، وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
[الثَّالِثُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي الْمَبِيعِ]
(الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي الْمَبِيعِ) عَلَى الْأَصَحِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْوَطْءُ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ بِلَا خِلَافٍ وَيَأْتِي وَطْءُ الْمُكَاتَبَةِ (كَسُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا، أَوْ حِمْلَانِ الْبَعِيرِ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ) لِمَا «رَوَى جَابِرٌ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ قَدْ أَعْيَا فَضَرَبَهُ
الْبَعِيرِ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ، أَوْ يَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ كَحَمْلِ الْحَطَبِ وَتَكْسِيرِهِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَتَفْصِيلِهِ، وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ فِي جَزِّ الرَّطْبَةِ إِنْ شَرَطَهُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسْرِ مِثْلَهُ، فَقَالَ: بِعْنِيهِ فَبِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حِمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ عليه السلام «نَهَى عَنِ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ» ، وَهَذِهِ مَعْلُومَةٌ وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ بِتَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ فِيهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَصَحَّ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَمَةً مُزَوَّجَةً، أَوْ دَارًا مُؤَجَّرَةً وَنَحْوَهُمَا، وَقِيلَ: يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُ لِبَائِعِهِ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاحْتَجَّ فِي " التَّعْلِيقِ " وَ " الِانْتِصَارِ "، وَغَيْرِهِمَا بِشِرَاءِ عُثْمَانَ مِنْ صُهَيْبٍ أَرْضًا، وَشَرَطَ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ، وَكَحَبْسِهِ عَلَى ثَمَنِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَهُوَ التَّسْلِيمُ؛ فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ أَحْمَدَ أَنْكَرَ الْخَبَرَ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ مَرْوِيًّا فِي مُسْنَدٍ، فَعَلَى الْأُولَى لَا يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَشْهَرِ، وَلِلْبَائِعِ إِجَارَةُ مَا اسْتَثْنَاهُ وَإِعَارَتُهُ كَعَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ، ثُمَّ إِنْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، أَوْ تَفْرِيطِهِ، كَمَا اخْتَارَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " ضَمَّنَهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: عَلَيْهِ ضمانه مُطْلَقًا وَأَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي، صَحَّ كَالْمُؤَجَّرَةِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا (أَوْ يَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ كَحَمْلِ الْحَطَبِ وَتَكْسِيرِهِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَتَفْصِيلِهِ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ اشْتَرَى مِنْ نَبَطِيٍّ جِرْزَةَ حَطَبٍ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَهَا وَغَايَتُهُ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْعًا وَإِجَارَةً، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا لَا هُمَا. صَرَّحَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " فَتَكُونُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.
فَرْعٌ: إِذَا تَرَاضَيَا بِعِوَضِ النَّفْعِ جَازَ فِي الْأَشْهَرِ، وَهُوَ كَأَجِيرٍ مُشْتَرِكٍ فَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ أَوِ اسْتَحَقَّ، فَلِلْمُشْتَرِي عِوَضُ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ.
الْبَائِعِ، لَمْ يَصِحَّ فَيَخْرُجُ هَا هُنَا مِثْلَهُ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ فِي جَزِّ الرَّطْبَةِ إِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى مَذْهَبًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ الْعَمَلَ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ مِلْكِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبَ زَيْدٍ إِذَا مَلَكَهُ (فَيَخْرُجُ هَا هُنَا مِثْلَهُ) كَذَا خَرَّجَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا مِثْلُهُ فَيُعْطَى حُكْمَهُ، وَكَذَا قَالَهُ الْمَجْدُ تَبَعًا لِصَاحِبِ " التَّلْخِيصِ "، وَذَكَرَاهُ رِوَايَةً، وَقَالَ الْقَاضِي: لَمْ أَجِدْ بِمَا قَالَ الْخِرَقِيُّ رِوَايَةً فِي الْمَذْهَبِ وَتَرَدَّدَ فِي " الْمُغْنِي " فِي التَّخْرِيجِ فَقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ مَا أَشْبَهَهُ مِنِ اشْتِرَاطِ نَفْعِ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِمَا ذَكَرَهُ لِإِفْضَائِهِ إِلَى التَّنَازُعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُرِيدُ قَطْعَهَا مِنْ أَعْلَاهَا لِيَبْقَى لَهُ مِنْهَا بَقِيَّةٌ، وَالْمُشْتَرِيَ يُرِيدُ اسْتِقْصَاءَهَا لِيَزِيدَ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ، وَهُوَ أَوْلَى لِقَوْلِهِ: وَالْبَيْعُ لَا يُبْطِلُهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَلِيُوَافِقَ الْمَذْهَبَ.
(وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ لَمْ يَصِحَّ) عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " سَوَاءٌ كَانَا صَحِيحَيْنِ أَوْ فَاسِدَيْنِ زَاعِمًا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَمُعْتَمِدًا عَلَى إِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَبَعْدُ فِي " الشَّرْحِ " كَلَامُهُ، وَالْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ فَسَّرَهُمَا بِشَرْطَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَيْسَا مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ حُزْمَةَ حَطَبٍ وَيِشْترِطَ عَلَى الْبَائِعِ حَمْلَهَا وَتَكْسِيرَهَا لَا مَا كَانَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ مِثْلِ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ، وَلَا مَا كَانَ مِنْ مُقْتَضَاهُ، وَلَا الشَّرْطَيْنِ الْفَاسِدَيْنِ، إِذِ الْوَاحِدُ كَافٍ فِي بُطْلَانِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الشَّيْخَيْنِ وَصَاحِبِ " التَّلْخِيصِ " وَ " الشَّرْحِ " تَبَعًا لِلْقَاضِي فِي شَرْحِهِ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَ " الْفُرُوعِ " إِنَّ