الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَ
إِذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ جَعْلَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، صَحَّ
وَقَامَ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ شَرَطَ جَعْلَهُ فِي يَدِ اثْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِحِفْظِهِ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ، وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ إِذَا لَمْ يَتَّفِقَا، وَلَا لِلْحَاكِمِ نَقْلُهُ عَنْ يَدِ الْعَدْلِ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ضمانه، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي إِذَنْ حَاكِمٍ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَأَخْذِ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ مَعَ عَدَمِهِ رِوَايَتَانِ كَشِرَاءِ وَكَيْلٍ.
[إِذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ جَعْلَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ صَحَّ]
فَصْلٌ (وَإِذَا شَرَطَ فِي الرَّهْنِ جَعْلَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ قَبْضٌ فِي عَقْدٍ فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِيهِ كَقَبْضِ الْمَوْهُوبِ (وَقَامَ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَخَالَفَ فِيهِ الْحَكَمُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْ تَمَامِ الْعَقْدِ فَتَعَلَّقَ بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ، وَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ وَبِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَقَبْضُهُ كَقَبْضِ الْمُوَكَّلِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ وُكِّلَ فِي الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ صَحَّ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَنْتَقِضُ بِالْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبْضُ، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي جَوَازَ جَعْلِ الرَّهْنِ عَلَى يَدِ مَنْ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ، وَهُوَ الْجَائِزُ التَّصَرُّفِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَبِيًّا، وَلَا عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِسَيِّدِهِ، فَلَا يَجُوزُ تَضْيِيعُهَا فِي الْحِفْظِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَا مُكَاتَبًا بِغَيْرِ جَعْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّبَرُّعُ بِمَنَافِعِهِ (وَإِنْ شَرَطَ جَعْلَهُ فِي يَدِ اثْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِحِفْظِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَرَاهِنَيْنِ لَمْ يَرْضَيَا إِلَّا بِحِفْظِهِمَا مَعًا، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ كَالْوَصِيَّيْنِ، فَعَلَى هَذَا يُجْعَلُ فِي مَخْزَنٍ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُفْلٌ، وَإِنْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي تَعَدَّى فِيهِ.
(وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ، وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ إِذَا لَمْ يَتَّفِقَا وَلَا لِلْحَاكِمِ نَقْلُهُ عَنْ يَدِ الْعَدْلِ) ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَا دَامَ بِحَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنِ الْأَمَانَةِ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ "، وَغَيْرِهِ: وَلَا حَدَثَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا عَدَاوَةٌ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ نَقْلُهُ عَنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلِأَنَّهُمَا إِذَا لَمْ يَمْلِكَاهُ فَالْحَاكِمُ أَوْلَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى نَقْلِهِ جَازَ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا
وَلَهُ رَدُّهُ إِلَيْهِمَا، وَلَا يَمْلِكُ رَدُّهُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَى يَدِهِ، وإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ حَقَّ الْآخَرِ، فَإِنْ أَذِنَا لَهُ فِي الْبَيْعِ لَمْ يَبِعْ إِلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَعِدُوهُمَا (إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ حَالُهُ) بِفِسْقٍ، أَوْ ضَعْفِهِ عَنِ الْحِفْظِ، أَوْ عَدَاوَةٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ نَقَلُهُ عَنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ فِي مَقَامِهِ فِي يَدِهِ ضَرَرًا عَلَى الطَّالِبِ فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى شَخْصٍ بِصِفَاتِهِ جَازَ، فَإِنِ اخْتَلَفَا وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ، فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِ حَالِهِ بَحَثَ الْحَاكِمُ وَعَمَلَ بِمَا ظَهَرَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَتَغَيَّرَ حَالُهُ فَلِلرَّاهِنِ رَفْعُ الْأَمْرِ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ، فَإِنْ مَاتَ هُوَ، أَوِ الْعَدْلُ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِمَا إِمْسَاكُهُ إِلَّا بِرِضَاهُمَا (وَلَهُ) أَيْ: لِلْعَدْلِ (رَدُّهُ إِلَيْهِمَا) ، وَعَلَيْهِمَا قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَقْطُوعٌ بِالْحِفْظِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْمَقَامُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ، فَإِنِ امْتَنَعَا أَجْبَرَهُمَا الْحَاكِمُ وَيُنَصِّبُ أَمِينًا يَقْبِضُهُ لَهُمَا إِذَا تَغَيَّبَا؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنَ الْحَقِّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا دَفَعَهُ إِلَى أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعِهِمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ الْعَدْلُ عِنْدَ آخَرَ مَعَ وُجُودِهِمَا، فَإِنِ امْتَنَعَا، وَلَمْ يَجِدْ حَاكِمًا فَتَرَكَهُ عِنْدَ عَدْلٍ لَمْ يَضْمَنْ، فَإِنِ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَكُنْ لَهُ دَفْعُهُ إِلَى الْآخَرِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَدْلَ يُمْسِكُهُ لَهُمَا، وَأَحَدُهُمَا يُمْسِكُهُ لِنَفْسِهِ هَذَا إِذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ، فَإِنْ كَانَا غَائِبَيْنِ نَظَرْتَ، فَإِنْ كَانَ لِلْعَدْلِ عُذْرٌ رَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ يَقْبِضُهُ مِنْهُ، أَوْ نَصَّبَ عَدْلًا يَقْبِضُهُ لَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا أَوْدَعَهُ ثِقَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، وَالْغَيْبَةُ بَعِيدَةٌ قَبَضَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً فَكَالْحَاضِرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا فَكَالْغَائِبَيْنِ (وَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ إِلَى أَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّ لِلْآخَرِ حَظًّا فِي إِمْسَاكِهِ فِي يَدِهِ، وَفِي رَدِّهِ إِلَى أَحَدِهِمَا تَضْيِيعٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا، وَالْآخَرُ مُسَافِرًا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "، وَغَيْرِهِ (فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إِلَى يَدِهِ) أَيْ: إِلَى يَدِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ عَوْدًا لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحَقِّهِ (وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ حَقَّ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ مَا اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ (فَإِنْ أَذِنَا لَهُ) أَيْ: لِلْعَدْلِ (فِي الْبَيْعِ لَمْ يَبِعْ إِلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ) ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لِلرَّوَاجِ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقُودٌ بَاعَ بِجِنْسِ
نُقُودٌ بَاعَ بِجِنْسِ الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جِنْسُ الدَّيْنِ بَاعَ بِمَا يَرَى أَنَّهُ أَصْلَحُ وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلَفَ فِي يَدِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ، وَإِنِ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ رَجَعَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى وَفَاءِ الْحَقِّ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جِنْسُ الدَّيْنِ بَاعَ بِمَا يَرَى أَنَّهُ أَصْلَحُ) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاحْتِيَاطَ فِيمَا هُوَ مُتَوَلِّيهِ كَالْحَاكِمِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَبِيعُ بِأَغْلَبِ نُقُودِهِ إِذَا تَعَدَّدَتْ، فَإِنْ تَسَاوَتْ فَبِجِنْسِ الدَّيْنِ، فَإِنْ عُدِمَ فَبِمَا ظَنَّهُ أَصْلَحَ، فَإِنْ تَسَاوَتْ عُيِّنَ حَاكِمٌ. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْأَحَظِّ، وَأَبْعَدُ مِنَ التُّهْمَةِ، فَإِنْ عَيَّنَا نَقْدًا تَعَيَّنَ، وَلَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، فَإِنَّ اخْتَلَفَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَعَلَى هَذَا يُرْفَعُ إِلَى الْحَاكِمِ وَيَأْمُرُ بِبَيْعِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْحَقِّ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَافَقَ قَوْلَ أَحَدِهِمَا، أَوْ لَمْ يُوَافِقْ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَبِيعَهُ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ.
(وَإِنْ) بَاعَ بِإِذْنِهِمَا، ثُمَّ (قَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ) مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ (فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي يَدِ الْعَدْلِ أَمَانَةٌ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ لِلْمُشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ، كَمَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي: بَلَى؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (وَإِنِ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَهُ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ وَحِينَئِذٍ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَدْلِ وَمَحَلُّهُ إِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، لَا يُقَالُ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَدْلِ لِكَوْنِهِ قَبَضَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ أَمِينٌ فِي قَبْضِهِ يُسَلِّمُهُ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُفْلِسًا، أَوْ مَيِّتًا فَالْمُرْتَهِنُ، وَالْمُشْتَرِي أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي ثُبُوتِ حُقُوقِهِمْ فِي الذِّمَّةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ دَفْعِ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَكَانِ رجوعه عَلَيْهِ،
الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنِ ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، فَأَنْكَرَ، وَلَمْ يَكُنْ قَضَاهُ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أُمِرَ بِالْإِشْهَادِ، فَلَمْ يَفْعَلْ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَكِيلِ، وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوِ الْعَدْلُ صَحَّ، وَإِنْ عَزَلَهُمَا، صَحَّ عَزْلُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَمَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْهُ، فَلَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ، أَوِ الْوَكِيلُ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَكِيلٌ.
(وَإِنِ ادَّعَى) أَيْ: الْعَدْلُ (دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، فَأَنْكَرَ، وَلَمْ يَكُنْ قَضَاهُ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرٌ بِالْإِشْهَادِ، فَلَمْ يَفْعَلْ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْعَدْلَ إِذَا ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَنْكَرَ، وَلَا بَيِّنَةَ لِلْعَدْلِ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أُمِرَ بِالْإِشْهَادِ، وَلَمْ يُشْهِدْ فَيَضْمَنَ لِتَفْرِيطِهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ. والثَّانِي: مُطْلَقٌ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: وَهِيَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ حَيْثُ لَمْ يُشْهِدْ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي قَضَاءٍ مُبَرِئٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى رَاهَنِهِ، ثُمَّ هُوَ عَلَى الْعَدْلِ، وَمَحَلُّهُ مَا إِذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِغَيْرٍ بَيِّنَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ قَائِمَةً، أَوْ مَعْدُومَةً، وَشَرْطُهُ عَدَالَتُهُمْ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ.
صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُفَرِّطًا، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَضْمَنُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
وَفِي " الشَّرْحِ "، وَغَيْرُهُ إِذَا ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ عَلَى الرَّاهِنِ لَا الْمُرْتَهِنِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ وَكِيلُ الرَّاهِنِ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ وَوَكِيلُ الْمُرْتَهِنِ فِي الْحِفْظِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّهِ. وَالثَّانِي: يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي إِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ غَيْرِهِ، ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ، فَعَلَيْهِ إِذَا حَلَفَ الْعَدْلُ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَهُ (وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْوَكِيلِ) فِيمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ.
(وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوِ الْعَدْلُ، صَحَّ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَهْلٌ لِلْوِكَالَةِ، فَصَحَّ كَالْأَجْنَبِيِّ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ لَا يُنَافِي مُقْتَضَى الرَّهْنِ، فَصَحَّ
وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ، وإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَفِي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوَايَتَانِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَمَا لَوْ شَرَطَ صِفَةً فِيهِ (وَإِنْ عَزَلَهُمَا، صَحَّ عَزْلُهُ) فِي الْمَنْصُوصِ كَسَائِرِ الْوِكَالَاتِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُتَوَجَّهُ لَنَا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ، فَإِنَّ أَحْمَدَ مَنَعَ الْحِيلَةَ، وَهَذَا يَفْتَحُ بَابَ الْحِيلَةِ لِلرَّاهِنِ، فَإِنَّهُ يَشْرُطُ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ فَيُجِيبُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَعْزِلُهُ، وَلِأَنَّ وِكَالَتَهُ صَارَتْ مِنْ حُقُوقِ الرَّهْنِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ إِسْقَاطُهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ الرَّهْنَ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ لَازِمًا.
(وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ) أَيْ: حُلُولُ الْحَقِّ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَمِثْلُهُ إِذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُسْتَوْفَي الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ لَا يُبَاعَ مَا خِيفَ تَلَفُهُ، أَوْ يَبِيعُ الرَّهْنَ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ، أَوْ لَا يَبِيعُهُ إِلَّا بِمَا يُرْضِيهِ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلرَّاهِنِ، أَوْ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَقْدُ لَازِمًا فِي حَقِّهِ، أَوْ بِوَقْتِ الرَّهْنِ (وَإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَهُ) أَيْ: بِالدَّيْنِ، أَوْ فَهُوَ مَبِيعٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْكَ (لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ مَا مَعْنَى: لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ؛ قَالَ: لَا يَدْفَعُ رَهْنًا إِلَى رَجُلٍ، وَيَقُولُ: إِنْ جِئْتُكَ بِالدَّرَاهِمِ إِلَى كَذَا، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَكَ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الْبَيْعَ عَلَى شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَبِيعًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُوَفِّيَهُ الْحَقَّ فِي مَحَلِّهِ، وَالْبَيْعُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ لَا يَصِحُّ (وَفِي صِحَّةِ الرَّهْنِ رِوَايَتَانِ) مَبْنِيَّتَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ. قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَغَيْرِهِ إِحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَنَصَرَهُ؛ لِأَنَّهُ رَهَنَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ فَأَفْسَدَهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ تَوْفِيتَهُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا، نَصَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي " رُؤُوسِ الْمَسَائِلِ " وَاسْتَدَلَّ بِالْخَبَرِ فَنَفَى غَلْقَ الرَّهْنِ دُونَ أَصْلِهِ، فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا، وَلَمْ يَحْكُمْ بِفَسَادِهِ، وَقِيلَ: مَا يَنْقُصُ بِفَسَادِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ يُبْطِلُهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَمَا لَا فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ: إِنْ شَرَطَ رَهْنًا مُوَقَّتًا، أَوْ شَرَطَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا، فَسَدَ الرَّهْنُ وَهَلْ يَفْسُدُ بِسَائِرِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، وَحَكَى فِي " الْمُغْنِي ".