الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا فِي الْمَعَادِنِ الْجَارِيَةِ كَالْمِلْحِ وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ، وَلَا مَا نَبَتَ فِي أَرْضِهِ مِنَ الْكَلَأِ وَالشَّوْكِ وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا مَلَكَهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دُخُولُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ.
فَصْلٌ:
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ
، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ وَلَا الشَّارِدِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْتَأْجِرِ إِتْلَافُهُ إِذِ الْإِجَارَةُ لَا يَسْتَحِقُّ بِهَا إِتْلَافُ الْأَعْيَانِ، بَلْ مُشْتَرٍ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ، وَعَنْهُ: يَمْلِكُهُ وَيَجُوزُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ أَرْضِهِ كَالنِّتَاجِ، قَوْلُهُ: وَنَقْعِ الْبِئْرِ؛ أَيِ: الْمَاءِ الْمُنْتَقِعِ فِيهَا (وَلَا مَا فِي الْمَعَادِنِ الْجَارِيَةِ كَالْمِلْحِ وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ يَعُمُّ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَالْمَاءِ (وَلَا مَا نَبَتَ فِي أَرْضِهِ مِنَ الْكَلَإِ وَالشَّوْكِ) لِمَا ذَكَرْنَا (وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا مَلِكَهُ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْمُبَاحِ فَيَمْلِكُهُ آخِذُهُ، كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ عَدَمَهُ وَخَرَّجَهُ رِوَايَةً مِنْ أَنَّ النَّهْيَ يَمْنَعُ التَّمْلِيكَ، وَجَوَابُهُ أَنَّ تَعَدِّيَهُ لَا يَمْنَعُ تَمَلُّكَهُ، كَمَا لَوْ عَشَّشَ فِي أَرْضِهِ طَائِرٌ، أَوْ دَخَلَ فِيهَا صَيْدٌ، أَوْ نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ سَمَكٍ فَدَخَلَ إِلَيْهِ وَأَخَذَهُ.
(إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، كَمَا لَوْ دَخَلَ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَهُ الدُّخُولُ لِرَعْيِ كَلَأٍ وَأَخْذِهِ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يَحُطَّ عَلَيْهَا بِلَا ضَرَرٍ. قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَكَرِهَهُ فِي " التَّعْلِيقِ " وَ " الْوَسِيلَةِ " وَ " التَّبْصِرَةِ "(وَعَنْهُ: يَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ مِلْكِهِ، فَجَازَ بَيْعُهُ كَسَائِرِ الْخَارِجِ مِنْهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: الْمَنْعُ مِنْهُ قَبْلَ حِيَازَتِهِ فَأَمَّا بَعْدُهَا فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ إِلَّا مَا حَمَلَ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ، وَعَلَى ذَلِكَ مَضَتِ الْعَادَةُ فِي الْأَمْصَارِ بِبَيْعِ الْمَاءِ فِي الرَّوَايَا وَالْحَطَبِ وَالْكَلَإِ الْمُحَازَّيْنِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ.
[الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ]
فَصْلٌ (الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ) لِأَنَّ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ شَبِيهٌ
وَلَا الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَلَا السَّمَكِ فِي الْمَاءِ، وَلَا الْمَغْصُوبِ إِلَّا مِنْ غَاصِبِهِ، أَوْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْمَعْدُومِ، وَالْمَعْدُومُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، فَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ (فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ، وَلَا الشَّارِدِ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» ، وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَظْهَرَ، وَالْآبِقُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْحُصُولِ وَعَدَمِهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ نَهْيًا خَاصًّا، رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ شِرَاءِ الْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ» وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ خَبَرَهُ أَمْ لَا (وَلَا الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ) لِأَنَّهُ بَيْعُ غَرَرٍ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ يُأْلَفُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَقِيلَ: يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ فِي " الْفُنُونِ "، وَأَنَّهُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ، وَأَنْكَرَهُ مَنْ لَمْ يُحَقِّقْ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ وَبَابُهُ مُغْلَقٌ جَازَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " إِنَاطَةٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَشَرَطَ الْقَاضِي مَعَ ذَلِكَ أَخْذَهُ بِسُهُولَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِلَّا بِتَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ لِعَجْزِهِ فِي الْحَالِ، وَالْجَهْلِ بِوَقْتِ تَسْلِيمِهِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْغَائِبُ الْبَعِيدُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إِحْضَارُهُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَعِيدَ تُعْلَمُ الْكُلْفَةُ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي إِحْضَارِهِ بِالْعَادَةِ، وَتَأْخِيرُ تَسْلِيمِهِ مُدَّتُهُ مَعْلُومَةٌ (وَلَا السَّمَكِ فِي الْمَاءِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «لَا تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ غَرَرٌ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فِيهِ انْقِطَاعٌ.