الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا لَمْ يَرَهْ، وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ، أَوْ رَآهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ، أَوْ ذَكَرَ لَهُ مِنْ صِفَتِهِ مَا لَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَ " الشَّرْحِ " وَ " الْوَجِيزِ " فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ بَيْعُ أَعْمًى وَشِرَاؤُهُ كَتَوْكِيلِهِ.
فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْأُنْمُوذَجِ بِأَنْ يُرِيَهُ صَاعًا، وَيَبِيعَهُ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِهِ، وَقِيلَ: ضَبْطُ الْأُنْمُوذَجِ كَذِكْرِ الصِّفَاتِ، نَقَلَ جَعْفَرٌ فِيمَنْ يَفْتَحُ جِرَابًا، وَيَقُولُ: الْبَاقِي بِصِفَتِهِ إِذَا جَاءَهُ عَلَى صِفَتِهِ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ.
[حُكْمُ شِرَاءِ مَا لَمْ يَرَهْ]
(فَإِنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ، أَوْ رَآهُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ، أَوْ ذُكِرَ لَهُ مِنْ صِفَتِهِ مَا لَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ (وَعَنْهُ: يَصِحُّ) اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَلِأَنَّ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ تَبَايَعَا دَارَيْهِمَا بِالْكُوفَةِ وَالْمَدِينَةِ فَتَحَاكَمَا إِلَى جُبَيْرٍ فَجَعَلَ الْخِيَارَ لِطَلْحَةَ، وَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَصِحُّ بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ كَالنِّكَاحِ، وَهَذَا إِذَا ذُكِرَ جِنْسُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَلَيْهَا (لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا رَآهُ» وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ، وَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ لِلْخَبَرِ، وَقِيلَ: يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ كَخِيَارِهِ وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْعَقْدِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا، كَمَا لَوِ اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْعَقْدِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكُرْدِيِّ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَتَرْكِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا اشْتَرَاهُ بِالصِّفَةِ، ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، وَلِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ كَبَيْعِ النَّوَى فِي التَّمْرِ، وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.
فَرْعٌ: لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ.
(وَإِنْ ذُكِرَ لَهُ مِنْ صِفَتِهِ مَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ) صَحَّ الْبَيْعُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِمَا قُلْنَا.
ذَكَرَ لَهُ مِنْ صِفَتِهِ مَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ أَوْ رَآهُ، ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ ظَاهِرًا، صَحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، ثُمَّ إِنْ وَجَدَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ إِلَّا بِالرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تُحَصِّلُ الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ بِهَا كَالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (أَوْ رَآهُ، ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ ظَاهِرًا، صَحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمَا أَشْبَهَ مَا لَوْ شَاهَدَاهُ حَالَ الْعَقْدِ، إِذِ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ كَالْمُقَارَنَةِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَرَاهَا حَالَةَ الْعَقْدِ، إِذِ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ كَالْمُقَارَنَةِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَرَاهَا حَالَةَ الْعَقْدِ، رُوِيَ عَنِ الْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا اعْتُبِرَ وُجُودُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ كَالشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهَا تُرَادُ لِتَحَمُّلِ الْعَقْدِ، وَالِاسْتِيثَاقِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وَقَفَا فِي بَيْتٍ مِنَ الدَّارِ، أَوْ طَرَفِ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ، صَحَّ بِلَا خِلَافٍ مَعَ عَدَمِ مُشَاهَدَةِ الْكُلِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الزَّمَنُ يَتَغَيَّرُ فِيهِ الْمَبِيعُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُهُمَا وَلَيْسَ الظَّاهِرُ تَغَيُّرَهُ صَحَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامُ (ثُمَّ إِنْ وَجَدَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَلَا خِيَارَ لَهُ) وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَقَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ، وَإِسْحَاقُ، لِأَنَّهُ تَسَلَّمَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ كَالسَّلَمِ (وَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، فَلَهُ الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ، وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي إِلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى مِنْ سَوْمٍ وَنَحْوِهِ لَا بِرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ، وَعَنْهُ: عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنَ الرَّدِّ، فَلَا أَرْشَ فِي الْأَصَحِّ (وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي التَّغَيُّرِ، وَالصِّفَةِ (قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الثَّمَنِ، فَلَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الْمَجْدُ: قَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ بِعُمُومِ كَلَامِهِ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَبِيعِ هَلْ يَتَحَالَفَانِ، أَوْ قَوْلُ الْبَائِعِ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
1 -
تَنْبِيهٌ: الْبَيْعُ بِالصِّفَةِ نَوْعَانِ: بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، كَبِعْتُكَ عَبْدِي التُّرْكِيَّ، وَيَذْكُرُ صِفَاتِهِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ وَتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا، وَبَيْعُ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَبِعْتُكَ عَبْدًا تُرْكِيًّا وَيَسْتَقْصِي صِفَاتَ السَّلَمِ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي وَجْهٍ اعْتِبَارًا بِلَفْظِهِ، وَفِي
وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْفَسْخُ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُشْتَرِينَ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمَلِ فِي الْبَطْنِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَالْمِسْكِ فِي الْفَأْرِ، وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
آخَرَ: لَا، وَحَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ أَحْمَدَ كَالسَّلَمِ الْحَالِ، وَفِي ثَالِثٍ: يَصِحُّ إِنْ كَانَ مِلْكَهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ حُكْمُهُ حُكْمُ السَّلَمِ يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ، أَوْ ثَمَنُهُ فِي الْمَجْلِسِ فِي وَجْهٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ التَّفَرُّقُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ حَالٍ أَشْبَهَ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ، فَظَاهِرُهُ لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ ثَمَنِهِ وَظَاهِرُ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ يُعْتَبَرُ، وَهُوَ أَوْلَى لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بَيْعَ الصِّفَةِ وَالسَّلَمِ حَالًا إِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمَلِ فِي الْبَطْنِ) لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ» . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمَضَامِينُ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي الْبُطُونِ وَهِيَ الْأَجِنَّةُ، وَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا تُعْلَمُ صِفَتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ، فَلَمْ يَصِحَّ كَالْمَعْدُومِ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ، فَإِنْ بِيعَ مَعَ أُمِّهِ دَخَلَ تَبِعًا كَأَسِّ الْحَائِطِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ بَيْعَ حَبَلِ الْحَبَلَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُبَاعَ لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ أَشْبَهَ الْحَمَلَ، وَلِأَنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ لَمْ تُخْلَقْ، فَلَمْ يَصِحَّ كَبَيْعِ مَا تَحْمِلُ هَذِهِ النَّاقَةُ، وَالْعَادَةُ فِيهِ تَخْتَلِفُ، وَأَمَّا لَبَنُ الظِّئْرِ فَإِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إِنْ بَاعَهُ لَبَنًا مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ وَاشْتَرَطَ كَوْنَهُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ أَوِ الْبَقَرَةِ جَازَ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ فِي عشرة أوسق منْ تمر هَذَا الْحَائِطَ (وَالْمِسْكِ فِي الْفَأْرِ) وَهُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ مَسْتُورًا كَالدُّرِّ فِي الصُّدَفِ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ وِعَاءٌ لَهُ يَصُونُهُ وَيَحْفَظُهُ، وَاخْتَارَهُ فِي " الْهَدْيِ "، وَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ فَتَحَ وَشَاهَدَ مَا فِيهِ جَازَ