الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالضَّمِينِ فِيهِ.
وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ مَا يَجُرُّ نَفْعًا نَحْوُ أَنْ يُسْكِنَهُ دَارَهُ، أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ، فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ هَذَا الشَّرْطِ، وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، أَوْ قَضَى خَيْرًا مِنْهُ، أَوْ أَهْدي لَهُ هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ جَازَ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ بَكْرًا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلَيْسَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ، وَالضَّمِينُ كَالرَّهْنِ، فَلَوْ عَيَّنَهُمَا وَجَاءَ بِغَيْرِهِمَا لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ قَبُولُهُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَتَى بِهِ خَيْرًا مِنَ الْمَشْرُوطِ وَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَبَيْنَ إِمْضَائِهِ بِلَا رَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ، وَهَلْ لَهُ الْأَرْشُ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْعُيُوبِ، وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، أَوْ لَا أَرْشَ إِلْحَاقًا لَهُ بِالتَّدْلِيسِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَكْثَرِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.
[لَا يَجُوزُ فِي الْقَرْضِ شَرْطُ مَا يَجُرُّ نَفْعًا]
(وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ مَا يَجُرُّ نَفْعًا نَحْوُ أَنْ يُسْكِنَهُ دَارَهُ، أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ) كُلُّ قَرْضٍ شُرِطَ فِيهِ زِيَادَةٌ فَهُوَ حَرَامٌ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ وَقُرْبَةٍ، فَإِذَا شَرَطَ فِيهِ الزِّيَادَةَ أَخْرَجَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الْقَدْرِ، أَوِ الصِّفَةِ مِثْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ مُكَسَّرَةً فَيُعْطِيَهُ صِحَاحًا، أَوْ نَقْدًا لِيُعْطِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ، وَفِي " الْفُرُوعِ " إِذَا قَضَاهُ صِحَاحًا عَنْ مُكَسَّرَةٍ أَقَلَّ لِعِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِذَا شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ أَنْقَصَ مِنْهُ لَمْ يَجُزِ إِنْ كَانَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا لِإِفْضَائِهِ إِلَى فَوَاتِ الْمُمَاثَلَةِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَفِي فَسَادِ الْقَرْضِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا إِذَا شَرَطَ الْقَضَاءَ (فِي بَلَدٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا فِي الْجُمْلَةِ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ لِلْوَصِيِّ قَرْضُ مَالِ الْيَتِيمِ فِي بَلَدٍ لِيُوَفِّيَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ لِيَرْبَحَ خَطَرَ الطَّرِيقِ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " إِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مَؤُنَةٌ، وَإِلَّا حَرُمَ (وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ هَذَا الشَّرْطِ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِيَادَةٍ فِي قَدْرٍ، وَلَا صِفَةٍ بَلْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا فَجَازَ كَشَرْطِ الرَّهْنِ، وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ (وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ) ، وَلَا مُوَاطَأَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ (أَوْ قَضَى خَيْرًا مِنْهُ، أَوْ أَهْدي لَهُ هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ جَازَ) عَلَى الْأَصَحِّ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ،
فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ، وَقَالَ: خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ، لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا بِهِ قَبْلَ الْقَرْضِ وَإِذَا أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا فَطَالَبَهُ بِهَا بِبَلَدٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَ: خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ تِلْكَ الزِّيَادَةَ عِوَضًا فِي الْقَرْضِ، وَلَا وَسِيلَة إِلَيْهِ، وَلَا إِلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ أَشْبَهَ مَا لَمْ يَكُنْ قَرْضٌ، وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ، رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِثْلَ قَرْضِهِ، وَلَا يَأْخُذُ فَضْلًا لِئَلَّا يَكُونَ قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَحَرَّمَ الْحُلْوَانِيُّ أَخْذَ أَجْوَدَ مَعَ الْعَادَةِ، وَالْأَظْهَرُ: أَنَّ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِهِ لَا " بِأَهْدَى " لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَعَلُّقِهِ " بِأَهْدَى " أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ لَوْ أَسْكَنَ الْمُقْرِضَ دَارَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ جَازَ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَفَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ (وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ لَمْ يَجُزْ) عَلَى الْأَصَحِّ لِمَا رَوَى أَنَسٌ مَرْفُوعًا قَالَ:«إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ، فَلَا يَرْكَبْهَا، وَلَا يَقْبَلْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ، وَفِيهِمَا كَلَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ، وَفِيهِ جَهَالَةٌ، وَالثَّانِيَةُ: الْجَوَازُ مَا لَمْ يَشْرُطْهُ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ أَنَّ الْمُقْرِضَ لَا يُمْنَعُ مِنْ جَوَازِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا بِهِ قَبْلَ الْقَرْضِ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً حَرُمَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ مُكَافَأَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ اسْتَضَافَهُ حَسَبَ لَهُ مَا أَكَلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُتَوَجَّهُ: لَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: عِلْمُهُ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَزِيدُهُ شَيْئًا كَشَرْطِهِ.
وَقِيلَ: لَا، ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، فَلَوْ وَجَدَ مَا سَبَقَ حَالَةَ الْوَفَاءِ، فَإِنْ كَانَ النَّفْعُ صِفَةً فِي الْوَفَاءِ بِأَنْ قَضَاهُ خَيْرًا مِنْهُ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً فِي الْقَضَاءِ بِأَنْ يُقْرِضَهُ دِرْهَمًا فَيُعْطِيَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَصَرَّحَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الْكَافِي " بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ جَائِزٌ لِلْخَبَرِ.
وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ فِي الزِّيَادَةِ تَقْيِيدَ رِوَايَتَيْنِ
آخَرَ لَزِمَتْهُ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ غَيْرَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ، فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَإِذَا أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا فَطَالَبَهُ بِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ لَزِمَتْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ قَضَاءَ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِبَلَدِ الْقَرْضِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَخْتَلِفُ، فَانْتَفَى الضَّرَرُ (وَإِنْ أَقْرَضَهُ غَيْرَهَا) كَالْحِنْطَةِ، وَالْفُلُوسِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إِلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مَؤُونَةٌ، فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا تَعَذَّرَ رَدُّ الْمِثْلِ تَعَيَّنَتِ الْقِيمَةُ، وَالِاعْتِبَارُ بِقِيمَةِ الْبَلَدِ الَّذِي أَقْرَضَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَقَصَتِ الْقِيمَةُ بِبَلَدِ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا النَّاقِصَةُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِذَا اقْتَرَضَ بِبَلَدٍ فَطُلِبَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ بَدَلُهُ إِلَّا مَا كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إِذَنْ فِيهِ فَقَطْ، وَفِي " الْمُغْنِي " إِذَا كَانَ لِحَمْلِهِ مَؤُنَةٌ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إِلَيْهِ، وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِ قَرْضِهِ هُنَاكَ إِذَا بُذِلَ لَهُ إِلَّا فِيمَا لَا مَؤُنَةَ لِحَمْلِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ وَبَدَلُ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ كَذَلِكَ.
مَسَائِلُ: الْأُولَى: إِذَا أَقْرَضَ غَرِيمَهُ الْمُعْسِرَ، أَوِ الْمُفْلِسَ أَلْفًا لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ وَمِنْ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ كُلَّ وَقْتٍ شَيْئًا جَازَ. نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُكْرَهُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا أَقْرَضَ أَكَّارَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ بَقَرًا يَعْمَلُ بِهَا فِي أَرْضِهِ وَبَذْرًا يَبْذُرُهُ فِيهَا، وَقَالَ أَقْرِضْنِي أَلْفًا وَادْفَعْ إِلَيَّ أَرْضَكَ أزرعها بالثلث بِلَا شَرْطٍ حَرُمَ، وَجَوَّزَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " وَكَرِهَهُ فِي " التَّرْغِيبِ "، وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَذْرِهِ، وَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُعْتَادِ فَفَاسِدٌ لَهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ، وَلَوْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا أَقْرَضَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ بُرٌّ مَا يَشْتَرِيهِ بِهِ يُوَفِّيَهُ إِيَّاهُ فَكَرِهَهُ سُفْيَانُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَفِي " الْمُغْنِي " يَجُوزُ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا قَالَ: اقْتَرِضْ لِي مِائَةً وَلَكَ عَشَرَةٌ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ