الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
السَّابِعُ: خِيَارٌ يَثْبُتُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ
، فَمَتَى اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَأَعْجَبَ أَحْمَدَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ أَحَدُ نَوْعَيِ النَّمَاءِ، فَوَجَبَ أَنْ يُخْبَرَ بِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ كَالنَّمَاءِ مِنْ نَفْسِ الْبَيْعِ كَالثَّمَرَةِ وَنَحْوِهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُخْبِرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَطَّ الرِّبْحَ مِنَ الثَّمَنِ الثَّانِي، لَكِنْ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: يَقُومُ عَلَيَّ بِخَمْسَةٍ، وَلَا يَقُولُ: اشْتَرَيْتُهُ، فَإِنَّهُ كَذِبٌ، كَمَا لَوْ ضَمَّ إِلَيْهِ أُجْرَةَ الْقِصَارَةِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَخْبَرَ بِالْحَالِ كَمَنِ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ بَاعَهُ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ.
وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " فَإِنِ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ، بينه وَلَمْ يَضُمَّ خَسَارَةً إِلَى ثَمَنٍ ثَانٍ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا اشْتَرَى نِصْفَ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ وَاشْتَرَى آخَرُ بَاقِيهَا بِعِشْرِينَ، ثُمَّ بَاعَهَا مُرَابَحَةً زَادَ فِي " الشَّرْحِ " أَوْ مُوَاضَعَةً أَوْ تَوْلِيَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ: عَلَى قَدْرِ رُؤُوسِ أَمْوَالِهِمَا، وَصَحَّحَهَا السَّامِرِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ.
وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسُ مَالِهِ، وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ، فَإِنْ بَاعَه مُسَاوَمَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
فَرْعٌ: إِذَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِالْحَالِ، وَيَصِيرُ كَالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ غَالٍ لِأَجْلِ الْمَوْسِمِ الَّذِي كَانَ حَالَ الشِّرَاءِ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُنُونِ ".
[السَّابِعُ خِيَارٌ يَثْبُتُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]
فَصْلٌ
(السَّابِعُ: خِيَارٌ يَثْبُتُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) وَهُوَ صُوَرٌ (فَمَتَى اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ بِمِائَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيْتُ بِثَمَانِينَ، وَلَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا (تَحَالَفَا) نَقَلَهُ
تَحَالَفَا، فَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ فَيَحْلِفُ مَا بِعْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا، ثُمَّ يَحْلِفُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجَمَاعَةُ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ، وَلِلْبَيْهَقِيِّ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٌ صُورَةً، وَكَذَا حُكْمًا لِسَمَاعِ بَيِّنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": لَا تُسْمَعُ إِلَّا بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِاتِّفَاقِنَا وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا تَحَالَفَا» .
وَعَنْهُ: «يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ مَعَ يَمِينِهِ» ذَكَرَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " الْمَنْصُوصِ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «إِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعَانِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ السِّلْعَةِ، أَنْ يَتَرَادَّانِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَاخْتِلَافِهِمَا بَعْدَ قَبْضِهِ وَفَسْخِ الْعَقْدِ بِعَيْبٍ، أَوْ إِقَالَةٍ فِي الْمَنْصُوصِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، لَكِنْ قَدْ تَعَدَّدَتِ طرقه، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ، وَقَدِ اشْتُهِرَ بِالْحِجَازِ، وَالْعِرَاقِ شُهْرَةً يَسْتَغْنِي عَنِ الْإِسْنَادِ.
وَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ مُشْتَرٍ مَعَ يَمِينِهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُصُولِ الْمِلْكِ لَهُ، ثُمَّ الْبَائِعُ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِوَضًا، وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ بَعْضَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، أَوْ يَتَرَدَّانِ.
قِيلَ: فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً قَالَ: كَذَلِكَ (فَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ أَقْوَى جَنَبَةً مِنَ الْمُشْتَرِي؛ لِكَوْنِ الْمَبِيعِ يُرَدُّ إِلَيْهِ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ (فَيَحْلِفُ: مَا
الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ مَا قَالَ صَاحِبُهُ، وَإِنْ تَحَالَفَا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ صَاحِبِهِ أَقَرَّ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِعْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا، ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي: مَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا) هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ، يَذْكُرُ كُلٌّ مِنْهُمَا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، الْإِثْبَاتُ لِدَعْوَاهُ، وَالنَّفْيُ لِمَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ فَيَبْدَأُ بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْيَمِينِ أَنَّهَا لِلنَّفْيِ.
وَعَنْهُ: يَبْدَأُ بِالْإِثْبَاتِ، وَظَاهِرُهُ يَكْفِي كُلَّ وَاحِدٍ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى فَصْلِ الْقَضَاءِ (فَإِن نكل أَحَدَهُمَا) سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعَ، أَوِ الْمُشْتَرِيَ (لَزِمَهُ مَا قَالَ صَاحِبُهُ) لِقَضَاءِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّ النُّكُولَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ أَنَّهُ بَدَّلَ شِقَّيِ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ نَاكِلًا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا بِالْمَجْمُوعِ.
(وَإِنْ تَحَالَفَا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ صَاحِبِهِ أَقَرَّ الْعَقْدَ) لِأَنَّ الرَّاضِيَ إِنْ كَانَ الْبَائِعَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مَا ادَّعَاهُ، وَكَذَا إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي (وَإِلَّا) أَيْ: إِذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ (فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ، فَلَمْ يَنْفَسِخْ بِاخْتِلَافِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا فِي الْحُجَّةِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً.
وَقِيلَ: يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ.
وَزَعَمَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنَ التَّحَالُفِ رَفْعُ الْعَقْدِ فَاعْتماد ذَلِكَ.
وَقِيلَ: إِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَخْذِ بِقَوْلِ صَاحِبِهِ انْفَسَخَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ.
وَقِيلَ: بَلَى وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ، كَالْمَرْأَةِ إِذَا زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ فُسِخَ لِاسْتِدْرَاكِ الظَّلَامَةِ، أَشْبَهَ رَدَّ الْمَعِيبِ، وَلَا يُشْبِهُ النِّكَاحَ لِاسْتِقْلَالِ
مِنْهُمَا الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً، ورَجَعَا إِلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مع يمينه، وَعَنْهُ: لَا يَتَحَالَفَانِ إِذَا كَانَتْ تَالِفَةً، وَالْقَوْلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كُلٍّ مِنْهُمَا بِالطَّلَاقِ (وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ تَالِفَةً) تَحَالَفَا (وَرَجَعَا إِلَى قِيمَةِ مِثْلِهَا) اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِعُمُومِ مَا سَبَقَ، فَيَغْرُمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِيهَا، نَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ.
وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أنَّ القِيمَةَ السِّلْعَةِ إِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لعدم الفائدة فِي يَمِينِ الْبَائِعِ، وَفُسِخَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَاحْتِمَالَانِ، أَحَدُهُمَا: كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْآخَرُ: يَشْرَعُ التَّحَالُفُ لحصول الفائدة لِلْمُشْتَرِي.
(فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الصِّفَةُ عَيْبًا كَالْبَرَصِ وَخَرْقِ الثَّوْبِ، أَوْ لَا كَالسَّمْنِ، وَالْكِتَابَةِ.
وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَغَايَتُهُ تَعَارَضَ أَصْلَانِ فَخَرَجَ قَوْلَانِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَشَارَكَ الْقِيمَةَ، وَكَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تَعَارَضَا وَتَسَاقَطَا، وَإِلَّا سَقَطَ الْأَقَلُّ، وَمِثْلُهُ مِنَ الْأَكْثَرِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ أَو الْقِيمَةَ إِنْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا عَلَى وَجْهٍ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ (وَعَنْهُ: لَا يَتَحَالَفَانِ إِذَا كَانَتْ تَالِفَةً) لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عليه السلام: " وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ ". فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ عِنْدَ عَدَمِهَا (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ) لأنهما اتفقا عَلَى نَقْلِ السِّلْعَةِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرٍ زَائِدٍ يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ وَيُنْكِرُهُ الْمُشْتَرِي، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَمْ يَقُلْ فِيهِ: " وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ " إِلَّا يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، وَقَدْ أَخْطَأَ، رَوَاهُ الْخَلْقُ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ بِغَيْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي " الْفُرُوعِ " شَيْئًا (وَإِنْ مَاتَا
قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ مَاتَا فَوَرَثَتُهُمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا. وَمَتَى فَسَخَ الْمَظْلُومُ مِنْهُمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ فَسَخَ الظَّالِمُ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّهِ بَاطِنًا وَعَلَيْهِ إِثْمُ الْغَاصِبِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ، فَيَرْجِعُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَوَرَثَتُهُمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا) لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي أَخْذِ مَالِهِ وَإِرْثِ حُقُوقِهِ، فَكَذَا فِيمَا يَلْزَمُهُ، وَكَذَا إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا.
(وَمَتَى فَسَخَ الْمَظْلُومُ مِنْهُمَا) سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ، أَوِ الْمُشْتَرِي (انْفَسَخَ الْعَقْدُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ (وَإِنْ فَسَخَ الظَّالِمُ) أَيِ: الْكَاذِبُ عَالِمًا بِكَذِبِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّهِ بَاطِنًا) لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْفَسْخُ، فَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَا عُذْرَ لَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَاحِبِهِ، فَيُبَاحُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا رَجَعَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إِلَيْهِ بِحُكْم من غير عُدْوَانٍ مِنْهُ (وَعَلَيْهِ) أَيِ: الظَّالِمِ (إِثْمُ الْغَاصِبِ) لِأَنَّهُ غَاصِبٌ.
قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: لَمْ أَجِدْ مِمَّا قَالَ الْمُؤَلِّفُ نَقْلًا صَرِيحًا يُوَافِقُهُ، وَلَا دَلِيلًا يقتضيه، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّهُ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، وَهُوَ اخْتِيَارُهُ هُنَا.
وَنَقَلَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الْكَافِي " تَبَعًا لِأَبِي الْخَطَّابِ: إِنْ كَانَ الْبَائِعُ ظَالِمًا لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إِمْضَاءُ الْعَقْدِ وَاسْتِيفَاءُ حَقِّهِ، فَلَا يَنْفَسِخُ بَاطِنًا، وَلَا يُبَاحُ لَهُ بالتَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي ظَالِمًا انْفَسَخَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ فُسِخَ لِاسْتِدْرَاكِ ظَلَامَتِهِ، أَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ.
(وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا) أَيْ: إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ، لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا، فَوَجَبَ التَّحَالُفُ، كَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نُقُودٌ وَأَحَدُهَا غَالِبٌ أُخِذَ بِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، فَإِنْ تَسَاوَتْ فَأَوْسَطُهَا.
وَعَنْهُ: الْأَقَلُّ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَتَحَالَفَانِ (وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَوْ شَرْطٍ) صَحِيحٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ
إِلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَوْ شَرْطٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ، وَعَنْهُ: يَتَحَالَفَانِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَاسِدًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ، وَإِنْ قَالَ: بِعْتَنِي هَذَيْنِ، قَالَ: بَلْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَنْفِيهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَكَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ قَوْلَ الْآخَرِ مُحْتَمَلٌ (وَعَنْهُ: يَتَحَالَفَانِ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَقْدِ، فَوَجَبَ تَحَالُفُهُمَا كَالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ، وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ، وَفِي قَدْرِ مَا وَقَعَا بِهِ، وَفِي قَدْرِ الْأَجَلِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَاسِدًا) كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَعَ بِخَمْرٍ، أَوْ خِيَارٍ مَجْهُولٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسَلِّمِ أَنَّهُ لَا يَتَعَاطَى إِلَّا عَقْدًا صَحِيحًا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْبَلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ دُونَ فَسَادِهِ، فَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ وَأَنَا صَبِيٌّ أو غير مَأْذُون لِي فِي التِّجَارَةِ، وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي قَدَّمَ قَوْلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
وَفِي " الِانْتِصَارِ ": لَوِ اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ قُبِلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مُدَّعِي فَسَادِهِ انْتَهَى. فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي.
وَقِيلَ: يَسْقُطَانِ (وَإِنْ قَالَ: بِعْتَنِي هَذَيْنِ) بِمِائَةٍ (قَالَ: بَلْ أَحَدَهُمَا) بِخَمْسِينَ، أَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ قَالَ: بَلْ هُوَ، وَالْعَبْدُ الْآخَرُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) مَعَ يَمِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُنْكِرُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ فَاخْتَصَّتِ الْيَمِينُ بِهِ، كَمَا لَوِ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ.
وَعَنْهُ: يَتَحَالَفَانِ، صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ كَثَمَنِهِ، وَقَدَّمَهَا فِي " التَّبْصِرَةِ " وَغَيْرِهَا.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهُوَ أَقْيَسُ وَأَوْلَى (وَإِنْ قَالَ: بِعْتَنِي هَذَا. قَالَ: بَلْ هَذَا. حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَنْكَرَهُ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي عَقْدًا عَلَى مَبِيعٍ يُنْكِرُهُ الْآخَرُ، فَيَحْلِفُ عَلَى مَا أَنْكَرَهُ (وَلَمْ يَثْبُتْ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَالَّذِي أَقَرَّهُ الْبَائِعُ لَا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي.
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: " يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، ثُمَّ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا
أَحَدَهُمَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَإِنْ قَالَ: بِعْتَنِي هَذَا. قَالَ: بَلْ هَذَا. حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا أَنْكَرَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ، وَالثَّمَنُ عَيْنٌ، جُعِلَ بَيْنَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ إِلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي " الْمُنْتَخَبِ " لَا يَرُدُّ إِلَيْهِ.
وَفِي " الْمُغْنِي " يَرُدُّ، كَمَا لَمْ يَدَّعِهِ قَالَ: وَلَا يَطْلُبُهُ إِنْ بَذَلَ ثَمَنَهُ، وَإِلَّا فَسَخَ، فَإِنْ كَانَ أَمَةً وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي بَيْعَهَا لَمْ يَطَأْهَا الْبَائِعُ هِيَ مِلْكٌ لِذَلِكَ، نَقَلَهُ جَعْفَرٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِجُحُودِهِ.
فَرْعٌ: إِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ ثَبَتَ الْعَقْدَانِ لِعَدَمِ تَنَافِيهِمَا، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً ثَبَتَ وَيَحْلِفُ الْمُنْكِرُ لِلْآخَرِ وَيَبْطُلُ حُكْمُهُ.
(وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ، وَالثَّمَنُ عَيْنٌ) .
وَفِي " الشَّرْحِ " أَوْ عَرَضٌ، وَفِيهِ شَيْءٌ (جُعِلَ بَيْنَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ إِلَيْهِمَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى " ثُمَّ " وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي تَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِعَيْنِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ نَصْبُ عَدْلٍ يَفْعَلُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَاتِ، فَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ أَوَّلًا، ثُمَّ الثَّمَنَ، قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ ".
وَقِيلَ: يُسَلِّمُهُمَا مَعًا، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ لِتَسَاوِيهِمَا.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَمَنْ أَمْكَنَهُ مِنْهُمَا التَّسْلِيمُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، فَأَبَاهُ، ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ كَغَاصِبٍ، وَأَيُّهُمَا بَدَأَ بِالتَّسْلِيمِ أَجْبَرَ الْآخَرَ، وَأَيُّهُمَا يَلْزَمُهُ الْبِدَاءَةُ؛ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.
وَعَنْهُ: يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا (وَإِنْ كَانَ دَيْنًا) أَيْ: وَقَعَ الثَّمَنُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ (أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ حَبْسَ الْمَبِيعِ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ حَالًا
التَّسْلِيمِ، ثُمَّ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا معه، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا بَعِيدًا أَوِ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مَالِهِ كُلِّهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ قَرِيبًا احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَوْ مُؤَجَّلًا وَاخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ، وَقَالَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ فِي تَسْلِيمِهِ بِدُونِ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ (ثُمَّ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَحَقُّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُ مَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ كَتَقْدِيمِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. فَإِنْ كَانَ عَرَضًا بِعَرَضٍ لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُ الْبَائِعِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (غَائِبًا بَعِيدًا) أَيْ: فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ (أَوِ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا) .
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَوْ مُمَاطِلًا (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ) ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي تَأْخِيرِ الثَّمَنِ فَكَانَ لَهُ الْفَسْخُ، وَالرُّجُوعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ كَمُفْلِسٍ وَكَمَبِيعٍ.
نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ لَا يَكُونُ مُفْلِسًا إِلَّا أَنْ يُفَلِّسَهُ الْقَاضِي، أَوْ يُبَيِّنَ أَمْرَهُ فِي النَّاسِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " إِنْ قَارَنَ الْإِفْلَاسُ الْعَقْدَ، وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ قَبَضَهُ، ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَهُ الْفَسْخُ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ) أَوْ بَيْنَهُ (حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مَالِهِ كُلِّهِ) وَمِنْ جُمْلَتِهِ الْمَبِيعُ (حَتَّى يُسَلِّمَهُ) لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ تَصَرُّفًا يَضُرُّ بِالْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا بَقِيَ الْحَجْرُ فِيهِ إِلَى أَجَلِهِ، قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ ".
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُبَاعَ الْمَبِيعُ.
وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ مِنْ مَالِهِ فِي وَفَاءِ ثَمَنِهِ إِذَا تَعَذَّرَ لِإِعْسَارٍ أَوْ بُعْدٍ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ قَرِيبًا) أَيْ: دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (احْتَمَلَ أَنْ يَثْبُتَ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ) لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ ضَرَرًا عَلَيْهِ (وَاحْتَمَلَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الْمُشْتَرِي) حَتَّى يُسَلِّمَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ.
وَحَكَاهُمَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَالْفَسْخُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثُهُ أَوْ وَكِيلُهُ نِصْفَ الثَّمَنِ، فَهَلْ يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَبِيعِ أَوْ كُلَّهُ أَوْ لَا يَقْبِضُ شَيْئًا حَتَّى يَزِنَ الْبَاقِي، أَوْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.