الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَالشُّرُوطُ فِي الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ: صَحِيحٌ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَتَّجِرَ إِلَّا فِي نَوْعٍ مِنَ الْمَتَاعِ أَوْ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ لَا يَبِيعَ إِلَّا بِنَقْدٍ مَعْلُومٍ، أَوْ لَا يُسَافِرَ بِالْمَالِ، أَوْ لَا يَبِيعَ إِلَّا مِنْ فُلَانٍ.
وَفَاسِدٌ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ، أَوْ ضَمَانِ الْمَالِ، أَوْ أَنَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(فَإِنْ فَعَلَهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا رِوَايَتَانِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ ; لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَا يَلْزَمُهُ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا كَالْمَرْأَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ خَادِمًا إِذَا أَخَدَمَتْ نَفْسَهَا، وَالثَّانِي: بَلَى ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ، فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا شَرَطَهَا اسْتَحَقَّهَا.
فَرْعٌ: إِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إِلَّا بِعَمَلٍ فِيهِ، كَنَقْلِ طَعَامٍ بِنَفْسِهِ، أَوْ غُلَامِهِ، أَوْ دَابَّتِهِ، جَازَ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، كَدَارِهِ، وَعَنْهُ: لَا لِعَدَمِ إِمْكَانِ إِيقَاعِ الْعَمَلِ فِيهِ لِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَصِيبِهِمَا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَيَحْرُمُ عَلَى شَرِيكٍ فِي زَرْعٍ فَرْكُ شَيْءٍ مِنْ سُنْبُلِهِ يَأْكُلُهُ بِلَا إِذْنٍ، وَيَتَّجِهُ عَكْسُهُ، قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
[فَصْلٌ: الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ فِي الشَّرِكَةِ]
فَصْلٌ (وَالشُّرُوطُ فِي الشَّرِكَةِ ضَرْبَانِ) لِأَنَّهُمَا عَقْدٌ، فَانْقَسَمَتْ شُرُوطُهَا إِلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ كَالْبَيْعِ (صَحِيحٌ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَتَّجِرَ إِلَّا فِي نَوْعٍ مِنَ الْمَتَاعِ) سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ أَوْ لَا.
وَقَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": عَامُّ الْوُجُودِ، وَالْمُرَادُ بِهِ عُمُومُهُ حَالَ الْعَقْدِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ لِلتِّجَارَةِ، لَا عُمُومُهُ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ (أَوْ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ) كَمَكَّةَ وَنَحْوِهَا (أَوْ لَا يَبِيعَ إِلَّا بِنَقْدٍ مَعْلُومٍ، أَوْ لَا يُسَافِرَ بِالْمَالِ، أَوْ لَا يَبِيعَ إِلَّا مِنْ فُلَانٍ) أَوْ لَا يَشْتَرِيَ إِلَّا مِنْ فُلَانٍ، فَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّا يَكْثُرُ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ أَوْ يَقِلُّ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِرَجُلٍ، أَوْ بَلَدٍ مُعَيَّنَيْنِ كَالْوَكَالَةِ، فَإِن جَمَعَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِنْ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " خِلَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الشَّرِكَةِ]
(وَفَاسِدٌ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ) كَمَا لَوْ شَرَطَ رِبْحَ أَحَدِ الْكِيسَيْنِ، أَوِ الْأَلْفَيْنِ، أَوْ جُزْءًا مَجْهُولًا
عَلَيْهِ مِنَ الْوَضِيعَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَالِهِ، أَوْ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا يَخْتَارُ مِنَ السِّلَعِ، أَوْ يَرْتَفِقَ بِهَا، أَوْ لَا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةً بِعَيْنِهَا، فَمَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ يَفْسَدُ بِهِ الْعَقْدُ، وَيَخْرُجُ فِي سَائِرِهَا رِوَايَتَانِ، وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ قُسِمَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَنَصِيبٍ، لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى جَهْلِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرِّبْحِ، أَوْ إِلَى فَوَاتِهِ حَيْثُ شَرَطَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً (أَوْ ضَمَانِ الْمَالِ) لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنَ الْوَضِيعَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَالِهِ) لِلْمُنَافَاةِ (أَوْ أَنْ يُوَلِّيَهُ مَا يَخْتَارُ مِنَ السِّلَعِ) إِذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْعَقْدِ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ مَا يُنَافِيهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ مَتَى بَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فباعه مِنْ غَيْرِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَفِيَ بِشَرْطِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ: إنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ يَقْطَعُ إِطْلَاقَ تَصَرُّفِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ خِلَافُهُ (أَوْ يَرْتَفِقَ بِهَا) كَلُبْسِهِ الثَّوْبَ، وَاسْتِخْدَامِهِ الْعَبْدَ (أَوْ لَا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةً بِعَيْنِهَا) لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ، فَاشْتِرَاطُ لُزُومِهَا يُنَافِي مُقْتَضَاهَا كَالْوَكَالَةِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْقِيتُهَا كَالْوَكَالَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ (فَمَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ يَفْسَدُ بِهِ الْعَقْدُ) لِأَنَّ الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي الْعِوَضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَأَفْسَدَ الْعَقْدَ كَمَا لَوْ جُعِلَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْرًا، وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَمْنَعُ مِنَ التَّسْلِيمِ فَيُفْضِي إِلَى التَّنَازُعِ (وَيَخْرُجُ فِي سَائِرِهَا) أَيْ بَاقِيهَا (رِوَايَتَانِ) الْمَنْصُوصُ عَنْهُ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، وَيَلْغُو الشَّرْطُ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَجْهُولٍ فَلَمْ تُبْطِلْهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ كَالنِّكَاحِ، وَالثَّانِيَةُ: يَبْطُلُ، وَذَكَرَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " تَخْرِيجًا ; لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَأَبْطَلَ الْعَقْدَ كَالْمُزَارَعَةِ إِذَا شَرَطَ الْبَذْرَ مِنَ الْعَامِلِ، وَكَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِالْعَقْدِ بِهَذَا الشَّرْطِ، فَإِذَا فَسَدَ فَاتَ الرِّضَا بِهِ.
(وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ قُسِمَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ صَحِيحٌ لِكَوْنِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، وَالرِّبْحُ نَمَاءُ الْمَالِ، فَرِبْحُ الْمُضَارَبَةِ لِلْمَالِكِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَامِلِ مُطْلَقًا، وَالْعِنَانُ وَالْوُجُوهُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَالْأَبْدَانُ تُقْسَمُ أُجْرَةُ مَا تَحَمَّلَاهُ بِالسَّوِيَّةِ، وَالْوَضِيعَةُ بِقَدَرِ الْمَالَيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَفْسَدْ فَإِنَّ الرِّبْحَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ كَرِوَايَةٍ