الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْغُرَمَاءِ.
وَإِنْ
مَاتَ الْمُضَارِبُ وَلَمْ يُعْرَفْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ
فَهُوَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ.
فَصْلٌ وَالْعَامِلُ أَمِينٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ هَلَاكٍ وَخُسْرَانٍ، وَمَا يَذْكُرُ أَنَّهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا شَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، فَقِيلَ: مِثْلُهَا ; لِأَنَّ الثَّمَرَةَ تُخْرَجُ عَنْ مِلْكِهِمَا كَالرِّبْحِ، وَقِيلَ: مِنْ ثُلُثِهِ كَالْأَجِيرِ.
[مَاتَ الْمُضَارِبُ وَلَمْ يُعْرَفْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ]
(وَإِنْ مَاتَ الْمُضَارِبُ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ غَيْرَ فَجْأَةٍ (وَلَمْ يُعْرَفْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ) أَيْ جُهِلَ (فَهُوَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ) أَيْ صَاحِبُهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَخْفَاهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَكَأَنَّهُ غَاصِبٌ، فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، وَكَمَا لَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا مَأْيُوسًا مِنْ بُرْئِهِ، ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "(وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَةُ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا فِي تَرِكَتِهِ، وَفِيهَا فِي " التَّرْغِيبِ " إِلَّا أَنْ يَمُوتَ فَجْأَةً، وَزَادَ فِي " التَّلْخِيصِ " أَوْ يُوصِيَ إِلَى عَدْلٍ.
وَيَذْكُرَ جِنْسَهَا كَقَوْلِهِ قَمِيصٌ، فَلَمْ يُوجَدْ وَإِنْ مَاتَ وَصِيٌّ، وَجُهِلَ بَقَاءُ مَالِ مُوَلِّيهِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ كَذَلِكَ، قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ فِي تَرِكَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ مُنِعَ الْمُضَارِبُ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إِلَّا بِإِذْنِ الْوَارِثِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ بَقَاءُ الْعَامِلِ عَلَى قِرَاضِهِ ; لِأَنَّهُ إِتْمَامٌ لَهُ لَا ابْتِدَاءَ قِرَاضٍ، وَحَكَى الْقَاضِي وَجْهًا - وَفِي " الْمُغْنِي " هُوَ أَقِيسُ - بُطْلَانَهُ ; لِأَنَّ الْقِرَاضَ قَدْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ عَلَى عُرُوضٍ، نَعَمْ لَوْ كَانَ نَاضًّا كَانَ ابْتِدَاءَ قِرَاضٍ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ الْقَاضِي: لِلْعَامِلِ الْبَيْعُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ، وَيَظْهَرَ الرِّبْحُ إِلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ تَقْوِيمَهُ وَدَفْعَ الْخُصُومَةِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ أَحْمَدَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُضَارَبَةَ، وَالْمَالُ عَرَضٌ، فَمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ، أَوْ جُنَّ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا جَازَ، وَكَذَا إِنْ كَانَ عَرَضًا فِي قَوْلٍ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ تَقْرِيرَ وَارِثِهِ، فَمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَلَا يَبِيعُ عَرَضًا بِلَا إِذْنِهِ فَيَبِيعُهُ حَاكِمٌ، وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ.
[فَصْلٌ الْعَامِلُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ هَلَاكٍ أَوْ خُسْرَانٍ]
فَصْلٌ (وَالْعَامِلُ أَمِينٌ) لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ لَا لِمَحْضِ مَنْفَعَتِهِ، فَكَانَ أَمِينًا
اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ، وَمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خِيَانَةٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فِي رَدِّهِ إِلَيْهِ، وَالْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ، وَفِي الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ نَسَاءً أَوِ الشِّرَاءِ بِكَذَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنَّهُ قَبَضَهُ لِمَنْفَعَتِهِ خَاصَّةً (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ هَلَاكٍ وَخُسْرَانٍ) لِأَنَّ تَأْمِينَهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إِجْمَاعًا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَذَكَرَ الْحُلْوَانِيُّ فِيهِ رِوَايَاتٍ كَعِوَضِ كِتَابَةٍ، وَالثَّالِثَةُ يَتَحَالَفَانِ، وَجَزَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ بِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ، (وَمَا يَذْكُرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ) لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي نِيَّتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهَا، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا نَوَاهُ كَنِيَّةِ الزَّوْجِ فِي كِنَايَةِ الطَّلَاقِ، فَلَوِ اشْتَرَى شَيْئًا، فَقَالَ الْمَالِكُ: كُنْتُ نَهَيْتُكَ عَنْ شِرَائِهِ، فَأَنْكَرَهُ الْعَامِلُ قُبِلَ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ، وَكَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ رَبِحَ أَمْ لَا (وَمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خِيَانَةٍ) أَوْ تَفْرِيطٍ لِمَا ذَكَرْنَا (وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ) مَعَ يَمِينِهِ (فِي رَدِّهِ إِلَيْهِ) نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَلِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُنْكِرٌ، فَقُدِّمَ قَوْلُهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ ; لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَمُعْظَمُ النَّفْعِ لِرَبِّ الْمَالِ، فَالْعَامِلُ كَالْمُودَعِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَى الْوَكِيلِ الرَّدَّ إِذَا كَانَ بِجُعْلٍ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "(وَالْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ) أَيْ إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ بَعْدَ الرِّبْحِ قُدِّمَ قَوْلُ الْمَالِكِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَسِنْدِيٍّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ ; لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْعَامِلُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَكَقَبُولِهِ فِي صِفَةِ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ (وَفِي الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ نَسَاءً أَوِ الشِّرَاءِ بِكَذَا) أَيْ إِذَا أَنْكَرَ رَبُّ الْمَالِ بِأَنْ قَالَ: إِنَّمَا أَذِنْتُ فِي الْبَيْعِ حَالًّا، وَفِي الشِّرَاءِ بِثَلَاثَةٍ، قُدِّمَ قَوْلُهُ، وَحَكَاهُ فِي " الشَّرْحِ " قَوْلًا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ، فَكَذَا فِي صِفَتِهِ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ، وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: نَهَيْتُكَ عَنْ شِرَاءِ عَبْدٍ، فَأَنْكَرَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الْبَيْعِ نَسَاءً، وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ لَا نَعْرِفُ بِهِ رِوَايَةً وَلَا وَجْهًا.
غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ " الْمُسْتَوْعِبِ " حَكَى بَعْدَ هَذَا أَنَّ ابْنَ أَبِي مُوسَى قَالَ: وَيَتَّجِهُ أَنْ
وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ إِنِ ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ: رَبِحْتُ أَلْفًا ثُمَّ خَسِرْتُهَا أَوْ هَلَكَتْ، قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: غَلِطْتُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ، فَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ وَجْهٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْإِذْنِ فِي الْمِقْدَارِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الْعَامِلِ، وَالْأَصْلُ يَنْفِي قَوْلَهُ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ لِوُجُودِ مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ نَسَاءً، فَإِنَّ فِيهِ قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الْعَامِلِ، فَعَارَضَتِ الْأَصْلَ إِذْ عَقْدُ الْمُضَارَبَةَ يَقْتَضِي الرِّبْحَ وَالنَّسَاءُ مَظِنَّتُهُ (وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَامِلِ إِنِ ادَّعَى أُجْرَةَ الْمِثْلِ) زَادَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " تَبَعًا لِابْنِ عَقِيلٍ: أَوْ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ، فَلَوِ ادَّعَى أَكْثَرَ قُبِلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، كَالزَّوْجَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الصَّدَاقِ (وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ: رَبِحْتُ أَلْفًا ثُمَّ خَسِرْتُهَا أَوْ هَلَكَتْ، قُبِلَ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْوَكِيلِ الْمُتَبَرِّعِ (وَإِنْ قَالَ: غَلِطْتُ) أَوْ كَذَبْتُ، أَوْ نَسِيتُ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ إِقْرَارِهِ كَدَعْوَاهُ اقْتِرَاضًا تُمِّمَ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ لِأَمَانَتِهِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ وَمُهَنَّا: إِذَا أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أُعْطِيكَ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ، يُصَدَّقُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِلْغَلَطِ، فَإِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ قُبِلَ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.
تَنْبِيهٌ: إِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ مَبْلَغًا يَتَّجِرُ فِيهِ، فَرَبِحَ، فَقَالَ الْعَامِلُ: هُوَ قَرْضٌ رِبْحُهُ لِي، وَقَالَ الْمَالِكُ: هُوَ قِرَاضٌ رِبْحُهُ بَيْنَنَا، قُبِلَ قَوْلُ الْمَالِكِ ; لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، فَكَانَ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي صِفَةِ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ، فَإِذَا حَلَفَ قُسِمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ، وَلِلْعَامِلِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا شُرِطَ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ، أَوْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً.
فَنَصُّ أَحْمَدَ أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ، وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَزَجِيِّ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " تَقَدُّمَ بَيِّنَةِ عَامِلٍ ; لِأَنَّهُ خَارِجٌ، وَقِيلَ عَكْسُهُ.