الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقِيلَ: يُسْلَمُ فِي الْجَوْزِ، وَالْبَيْضِ عَدَدًا، وَفِي الْفَوَاكِهِ، وَالْبُقُولِ وَزْنًا.
فَصْلٌ
الرَّابِعُ: أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا مَعْلُومًا
لَهُ وَقَعَ الثَّمَنُ كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَوِ الْوَسَطَ، وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ يَسِيرٌ عُفِيَ عَنْهُ (وَالْأُخْرَى وَزْنًا) ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَايَنُ، وَالْوَزْنُ يَضْبُطُهُ (وَقِيلَ: يُسْلَمُ فِي الْجَوْزِ، وَالْبَيْضِ عَدَدًا) قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".
وَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْمُتَقَارِبِ يَسِيرٌ وَلِهَذَا لَا تَكَادُ الْقِيمَةُ تَتَفَاوَتُ بَيْنَ الْبَيْضَتَيْنِ، وَالْجَوْزَتَيْنِ بِخِلَافِ الْبِطِّيخِ، فَإِنَّهُ يَتَبَايَنُ كَثِيرًا (وَفِي الْفَوَاكِهِ) كَالرُّمَّانِ، وَالسَّفَرْجَلِ (وَالْبُقُولِ وَزْنًا) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا وَيَتَبَايَنُ جِدًّا، فَلَا يَنْضَبِطُ إِلَّا بِالْوَزْنِ.
فَائِدَةٌ: إِذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ وَزْنُهُ بِمِيزَانٍ كَالْأَرْحِيَةِ، وَالْأَحْجَارِ الْكِبَارِ وُزِنَتْ بِالسَّفِينَةِ فَتُنْزَلُ فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يُنْزَلُ فِيهَا ذَلِكَ فَيُنْظَرُ إِلَى أَيِّ مَوْضِعٍ يَغُوصُ فَيُعَلِّمُهُ، ثُمَّ يُرْفَعُ وَيُنْزَلُ مَكَانَهُ رَمْلٌ وَنَحْوُهُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ الْمَوْضِعَ الْمُعَلَّمَ، ثُمَّ يُوزَنُ بِمِيزَانٍ.
[الرَّابِعُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا مَعْلُومًا]
فَصْلٌ (الرَّابِعُ: أَنْ يَشْتَرِطَ أَجَلًا مَعْلُومًا) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَمْرِهِ عليه السلام بِالْأَجَلِ كَالْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ، وَلِأَنَّهُ أَمَرَ بِهَا تَبْيِينًا لِشُرُوطِ السَّلَمِ وَمَنْعًا مِنْهُ بِدُونِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِذَا انْتَفَى الْكَيْلُ، أَوِ الْوَزْنُ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا جَازَ رُخْصَةً لِلْمَرْفِقِ، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْأَجَلِ، إِذِ الْحُلُولُ يُخْرِجُهُ عَنِ اسْمِهِ وَمَعْنَاهُ (لَهُ وَقَعَ فِي الثَّمَنِ) عَادَةً. قَالَهُ الْأَصْحَابُ (كَالشَّهْرِ) كَذَا قَدَّرَهُ غَيْرُهُ بِهِ وَنَقَلَهُ فِي " الْوَاضِحِ " عَنْ أَصْحَابِنَا، وَلَيْسَ هَذَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَجْهُولًا لَا يَمْلِكُهُ يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ فَرُخِّصَ فِيهِ لِحَاجَةِ الْمُفْلِسِ، وَلَا حَاجَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهَذَا إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِهِ الْأَجَلَ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": هُوَ مُعْتَمَدُ الْمَسْأَلَةِ وَسِرُّهَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْأَجَلَ
حَالًّا، أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَصِحَّ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَجْزَاءً مَعْلُومَةً، فَيَصِحَّ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إِلَى أَجَلَيْنِ، أَوْ فِي جِنْسَيْنِ إِلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِنَّمَا اعْتُبِرَ لِيَتَحَقَّقَ الْمَرْفِقُ الَّذِي شُرِّعَ مِنْ أَجْلِهِ السَّلَمُ، فَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ الَّتِي لَا وَقْعَ لَهَا فِي الثَّمَنِ (وَنَحْوِهِ) ، وَفِي " الْكَافِي " كَنِصْفِهِ، وَفِي " الشَّرْحِ "، وَمَا قَارَبَ الشَّهْرَ (فَإِنْ أَسْلَمَ حَالًّا) لَمْ يَصِحَّ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ حَالًّا، ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: لَا يُحْتَاجُ إِلَى مُدَّةٍ، وَهُوَ قِيَاسٌ، وَلَكِنْ إِلَى أَجَلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ وَهِيَ مَعَ بَقِيَّةِ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى الْأَجَلِ الْقَرِيبِ، لَكِنْ إِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، صَحَّ حَالًّا.
قَالَ الْقَاضِي: وَيَجُوزُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي "(أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ) لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَهُوَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا وَقْعَ لَهُ فِي الثَّمَنِ، وَعَنْهُ: أَنَّ الْأَجَلَ شَرْطٌ، وَلَوْ كَانَ يَوْمًا ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إِلَى شَهْرٍ (إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَجْزَاءً مَعْلُومَةً، فَيَصِحَّ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، إِذِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ التَّعْمِيمُ فِي كُلِّ مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فَإِنْ أَسْلَمَ فِي لَحْمٍ، أَوْ خُبْزٍ يَأْخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْطَالًا مَعْلُومَةً جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَظَاهَرُهُ اخْتِصَاصُ الْجَوَازِ بِهِمَا وَنَصَرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا إِذَا قُبِضَ الْبَعْضُ وَتَعَذَّرَ قَبْضُ الْبَاقِي رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا يُجْعَلُ الْبَاقِي فَضْلًا عَلَى الْمَقْبُوضِ لِتَمَاثُلِ أَجْزَائِهِ فَيُقَسَّطُ الثَّمَنُ بِالسَّوِيَّةِ، كَمَا إِذَا بَيَّنَ أَجَلَهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ إِنْ بَيَّنَ قِسْطَ كُلِّ أَجَلٍ وَثَمَنَهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إِلَى أَجَلَيْنِ) صَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيْعٍ جَازَ إِلَى أَجَلٍ جَازَ إِلَى أَجَلَيْنِ وَآجَالٍ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ (أَوْ فِي جِنْسَيْنِ إِلَى أَجَلٍ، صَحَّ) كَالْبَيْعِ (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ) ، فَعَلَى هَذَا يُسْلِمُ إِلَى وَقْتٍ يُعْلَمُ بِالْأَهِلَّةِ
أَجَلٍ صَحَّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى الْحَصَادِ، أَوِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَحْوَ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ وَآخِرُ يَوْمٍ مِنْهُ مُعَيَّنٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ التَّأْجِيلِ بِذَلِكَ، فَلَوْ جَعَلَهُ إِلَى شَهْرِ رَمَضَانَ تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ، وَكَذَا إِنْ قَالَ: مَحِلُّهُ شَهْرُ كَذَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: لَا، وَلَوْ قَالَ: إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَانَ إِلَى انْقِضَائِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً كَانَ ابْتِدَاؤُهَا حِينَ تَلَفُّظِهِ بِهَا، وَإِنْ قَالَ: إِلَى شَهْرِ كَذَا انْصَرَفَ إِلَى الْهِلَالِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَثْنَائِهِ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْعَدَدِ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِاسْمٍ يَتَنَاوَلُ شَيْئَيْنِ كَرَبِيعٍ وَجُمَادَى، وَالْعِيدِ انْصَرَفَ إِلَى أَوَّلِهِمَا، قَطَعَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " مَذْهَبًا وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا إِذَا عُيِّنَ الْوَقْتُ كَعِيدِ الْفِطْرِ، أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْعِلْمِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ وَكَانَ مِمَّا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ كَشُبَاطَ، أَوْ عِيدًا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ كَالنَّيْرُوزِ، وَالْمَهْرَجَانِ، صَحَّ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَشْبَهَ عِيدَ الْمُسْلِمِينَ.
وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى وابن عبدوس: لَا، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إِلَى السَّعَانِينَ وَعِيدِ الْفَطِيرِ مِمَّا يَجْهَلُهُ الْمُسْلِمُونَ غَالِبًا، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَجَلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُتَعَاقِدِينَ، أَوْ أَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ (فَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى الْحَصَادِ، أَوِ الْجِدَادِ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ إِلَيْهِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجَّلَ إِلَى الْحَصَادِ، وَالْجِدَادِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَتَبَايَعُوا إِلَى الْحَصَادِ، وَالدِّيَاسِ، وَلَا تَتَبَايَعُوا إِلَّا إِلَى شَهْرٍ مَعْلُومٍ، وَلِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ أَجَلًا كَقُدُومِ زَيْدٍ، لَا يُقَالُ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى يَهُودِيٍّ أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ ثَوْبَيْنِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ» ، لِأَنَّهُ رَوَاهُ حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ: فِيهِ غَفْلَةٌ، وَهُوَ صَدُوقٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَفَلَانِهِ حَيْثُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ
الْجِدَادِ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ إِلَيْهِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِذَا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ، وَإِلَّا فَلَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يَصْلُحُ لِلْأَجَلِ، وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَبْتَاعُ إِلَى الْعَطَاءِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الْعَطَاءِ لَا فِعْلِهِ، فَإِنَّ نَفْسَ الْعَطَاءِ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ فَهُوَ مَجْهُولٌ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَ الْعَطَاءِ لِكَوْنِهِ يَتَقَارَبُ أَشْبَهَ الْحَصَادَ، وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ يَسِيرٌ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ كَرَأْسِ السَّنَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ وَجْهُ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ إِلَيْهِمَا.
فَرْعٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْأَشْهُرِ فِي اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ، وَقَدْرِهِ وَبَقَائِهِ وَفَرَاغِهِ (وَإِذَا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ) أَيْ: الْمُسْلَمُ فِيهِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ، كَمَا يُعَبَّرُ عَنِ السَّرِقَةِ بِالْمَسْرُوقِ وَبِالرَّهْنِ عَنِ الْمَرْهُونِ (قَبْلَ مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ) ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ حَاصِلٌ مَعَ زِيَادَةِ تَعْجِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَجَرَى مَجْرَى زِيَادَةِ الصِّفَةِ، وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ كَالْحَدِيدِ، وَالنُّحَاسِ، وَلَا يَخْتَلِفُ قَدِيمُهُ وَحَدِيثُهُ كَالزَّيْتِ، وَالْعَسَلِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا أَحْضَرَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَفِي قَبْضِهِ ضَرَرٌ لَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِصُوَرٍ إِمَّا لِكَوْنِهِ مِمَّا يَتَغَيَّرُ كَالْفَاكِهَةِ، وَالْأَطْعِمَةِ، أَوْ كَانَ قَدِيمُهُ دُونَ حَدِيثِهِ كَالْحُبُوبِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَأْخِيرِهِ بِأَنْ يَحْتَاجَ إِلَى أَكْلِهِ، أَوْ إِطْعَامِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا لَمْ يَأْمَنْ تَلَفَهُ وَيَحْتَاجُ إِلَى نَفْعِهِ، وَكَذَا مَا يَحْتَاجُ فِي حِفْظِهِ إِلَى مُؤْنَةٍ كَالْقُطْنِ، أَوْ كَانَ الْوَقْتُ مُخَوِّفًا فَهُوَ كَنَقْصِ صِفَةٍ فِيهِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " إِنْ كَانَ مِمَّا يَتْلَفُ، أَوْ يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ وَحَدِيثُهُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ مُطْلَقًا كَالْمَبِيعِ الْمُعِيَّنِ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ قِيلَ لَهُ: إِمَّا أَنْ تَقْبِضَ، أَوْ تُبْرِي، فَإِنْ أَصَرَّ بَرِئَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " فِي الْمَكْفُولِ بِهِ، وَالْأَشْهَرُ يَرْفَعُهُ إِلَى الْحَاكِمِ فَيَنُوبُ عَنْهُ فِي قَبْضِهِ لَا إِبْرَائِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْحَاكِمِ كَقَبْضِ الْمَالِكِ، وَهَذَا فِيمَا إِذَا أَتَاهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى صِفَتِهِ.
فَرْعٌ: حُكْمُ كُلِّ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ إِذَا أَتَى بِهِ كَذَلِكَ، وَنَقَلَ بَكْرٌ وَحَنْبَلٌ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ لَا يَلْزَمُهُ، ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ فَيُرَقُّ، وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي مِلْكِهِ حَقٌّ لَهُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِهِ وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَرْضَ رَبُّ الدَّيْنِ، أَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الدَّيْنِ، وَالزَّوْجَةُ.