الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا
، فَإِنْ بَدَا لَهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قَبْلَ تَقَضِّيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ لِمَا سَكَنَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ، وَإِنْ هَرَبَ الْأَجِيرُ حَتَّى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جاز، فإن أطلق فاحتمالان، وإن اكترى اثنان جملا يتعاقبان عليه جَازَ، وَالِاسْتِيفَاءُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ، فَإِنْ تَشَاحَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا بِالْفَرَاسِخِ، أَوْ بِالزَّمَانِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْبَادِي مِنْهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَصَحِّ.
[فَصْلٌ وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا]
فَصْلٌ (وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَتِ الْبَيْعَ، وَلِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا اخْتُصَّتْ بِاسْمٍ كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا) لِلُزُومِهَا إِلَّا أَنْ يَجِدَ الْعَيْنَ مَعِيبَةً عَيْبًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَلَهُ الْفَسْخُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، وَالْعَيْبُ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ مَا تَنْقُصُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ كَالْبَعِيرِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ عَنِ الْقَافِلَةِ، وَرَبْضِ الْبَهِيمَةِ بِالْحَمْلِ، وَكَوْنِهَا جَمُوحًا، أَوْ عَضُوضًا وَنَحْوَهُ، وَفِي الْمُكْتَرَى لِلْخِدْمَةِ ضَعْفُ الْبَصَرِ، وَالْجُنُونُ، وَفِي الدَّارِ انْهِدَامُ الْحَائِطِ، وَالْخَوْفُ مِنْ سُقُوطِهَا، وَانْقِطَاعُ الْمَاءِ مِنْ بِئْرِهَا، فَإِنْ رَضِيَ بِالْمَقَامِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِيهِ رَجَعَ إِلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، هَذَا إِذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ، وَعَلَى الْمُكْرِي إِبْدَالُهُ كَالْمُسْلِمِ فِيهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْإِبْدَالِ، أَوِ امْتَنَعَ مِنْهُ، فَلَهُ الْفَسْخُ (فَإِنْ بَدَا لَهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ يَقْتَضِي أَنْ يَمْلِكَ الْمُؤَجِّرُ الْأَجْرَ، وَالْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ، وَقَدْ وُجِدَتْ، فَتَرَتَّبَ مُقْتَضَاهَا، فَإِنْ سَكَنَ الْآجِرُ بَعْضَ الْمُدَّةِ، فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، أَوْ بِالْقِسْطِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (وَإِنْ حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قَبْلَ تَقَضِّيهَا) أَيْ تَقَضِّي الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا (لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ لِمَا سَكَنَ، نَصَّ عَلَيْهِ) وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفِرَ لَهُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، فَحَفَرَ بَعْضَهَا، وَامْتَنَعَ مِنَ الْبَاقِي، أَوْ لِيَحْمِلَ لَهُ كِتَابًا إِلَى بَلَدٍ، فَحَمَلَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ (وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ مِنَ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ; لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مِلْكَ غَيْرِهِ
انْقَضَتِ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ، وَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ أَوْ مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَالَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ أَوْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، فَإِذَا انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ، فَلَزِمَهُ عِوَضُهُ كَالْمَبِيعِ إِذَا اسْتَوْفَى بَعْضَهُ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ بَقِيَّتَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
تَنْبِيهٌ: إِذَا أَبَى الْمُؤَجِّرُ تَسْلِيمَ مَا أَجَّرَهُ، أَوْ مَنَعَ مُسْتَأْجِرَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ كُلَّ الْمُدَّةِ، فَلَهُ الْفَسْخُ وَجْهًا وَاحِدًا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْعَقْدُ مَجَّانًا، وَكَذَا إِذَا اكْتَرَى عَبْدَهُ لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً، وَامْتَنَعَ مِنْ تَمَامِهَا، أَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ خِيَاطَةٍ، وَامْتَنَعَ مِنْ إِتْمَامِ الْعَمَلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ هَرَبَ الْأَجِيرُ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتِ الْإِجَارَةُ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يَفُوتُ بِانْقِضَائِهَا، أَشْبَهَ تَلَفَ الْعَيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ إِذَا لَمْ تَنْقَضِ لَمْ يَفُتِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ شَيْءٌ، فَقَدْ فَاتَ بَعْضُهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ) كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ، أَوْ حَمْلٍ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ اسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ (خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ) لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ لَهُ مُدَّةٌ يَفُوتُ بِفَوَاتِهَا، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي زَمَنِ الْهَرَبِ، وَقِيلَ: وَلَا قَبْلَهُ، وَحُكْمُ مَنْ آجَرَ نَفْسَهُ مُدَّةً وَهَرَبَ، أَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْعَمَلِ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ آجَرَهُ دَابَّةً ثُمَّ شَرَدَتْ (وَإِنْ هَرَبَ الْجَمَّالُ أَوْ مَاتَ وَتَرَكَ الْجِمَالَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِ الْجَمَّالِ) إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ; لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ غَائِبٌ، وَالْحَاكِمُ نَائِبُهُ (أَوْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا) مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، وَلِأَنَّ إِقَامَةَ أَمِينٍ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ تَشُقُّ، وَتَتَعَذَّرُ مُبَاشَرَتُهُ كُلَّ وَقْتٍ، فَإِذَا رَجَعَ، وَاخْتَلَفَا فِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ قَدَّرَهَا قُبِلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ، وَكَانَتْ بِالْمَعْرُوفِ ; لِأَنَّهُ أَمِينٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، أَوْ عَجَزَ عَنِ اسْتِئْذَانِهِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَأَشْهَدَ رَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَوَجْهَانِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ قِيَاسًا عَلَى نَفَقَةِ الْآبِقِ، وَعِيَالِ الْغَائِبِ، قَالَهُ فِي