الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيمَا عَمِلَ فِيهِ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا.
وَ
لَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ، وَلَا خَتَّانٍ، وَلَا بَزَّاغٍ، وَلَا طَبِيبٍ
إِذَا عُرِفَ مِنْهُمْ حِذْقُ الصَّنْعَةِ وَلَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ
وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي إِذَا لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَنْهُ: إِنْ كَانَ بِنَاءً، وَعَنْهُ: وَمَنْقُولُ عَمَلِهِ فِي بَيْتِ رَبِّهِ، وَفِي " الْفُنُونِ " لَهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ وَضْعَهُ النَّفْعَ فِيمَا عَيَّنَهُ لَهُ كَالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ كَدَفْعِهِ إِلَى الْبَائِعِ غَرَارَةً، وَقَالَ: ضَعِ الطَّعَامَ فِيهَا، فَكَالَهُ فِيهَا كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا ; لِأَنَّهَا كَيَدِهِ (وَعَنْهُ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا) لِقَوْلِهِ عليه السلام «وَعَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا كَالْمُسْتَعِيرِ، قَالَ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ ": وَمَحَلُّ الرِّوَايَاتِ إِذَا لَمْ تَكُنْ يَدُ الْمَالِكِ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ فَلَا ضَمَانَ بِحَالٍ.
فَرْعٌ: إِذَا اسْتَعْمَلَ مُشْتَرِكٌ خَاصًّا صَحَّ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُ نَفْسِهِ
[لَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ وَلَا خَتَّانٍ وَلَا بَزَّاغٍ وَلَا طَبِيبٍ]
(وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ، وَلَا خَتَّانٍ، وَلَا بَزَّاغٍ) وَهُوَ الْبَيْطَارُ (وَلَا طَبِيبٍ) خَاصًّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَوْ مُشْتَرَكًا (إِذَا عُرِفَ مِنْهُمْ حِذْقُ الصَّنْعَةِ وَلَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ) لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا مُبَاحًا فَلَمْ يَضْمَنْ سِرَايَتَهُ كَحَدٍّ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَقَطَعَ قَطْعًا لَا يَسْرِي بِخِلَافِ دَقَّ دَقًّا لَا يَخْرِقُهُ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حِذْقٌ فِي الصَّنْعَةِ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ ; لِأَنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُمْ مُبَاشَرَةُ الْقَطْعِ، فَإِذَا قَطَعَ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا فَيَضْمَنُ سِرَايَتَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام:«مَنْ تَطَبَّبَ بِغَيْرِ عِلْمِ فَهُوَ ضَامِنٌ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، فَلَوْ كَانَ فِيهِمْ حِذْقُ الصَّنْعَةِ، وَجَنَتْ أَيْدِيهِمْ بِأَنْ تَجَاوَزَ الْخَتَّانُ إِلَى بَعْضِ الْحَشَفَةِ، أَوْ تَجَاوَزَ الطَّبِيبُ بِقَطْعِ السَّلْعَةِ مَوْضِعَهَا، أَوْ بِآلَةٍ كَآلَةٍ يَكْثُرُ أَلَمُهَا وَجَبَتْ ; لِأَنَّ الْإِتْلَافَ لَا يَخْتَلِفُ ضَمَانُهُ بِالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَكَمَا لَوْ قَطَعَهُ ابْتِدَاءً، وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى إِذَا مَاتَتْ طِفْلَةٌ مِنَ الْخِتَانِ فَدِيَتُهَا عَلَى عَاقِلَةِ خَاتِنَتِهَا، قَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَنَّهُ لَوِ اسْتَأْجَرَ لِحَلْقِ رُؤُوسٍ يَوْمًا، فَجَنَى عَلَيْهَا بِجِرَاحَةٍ لَا يَضْمَنُ كَجِنَايَتِهِ فِي قِصَارَةٍ وَنَحْوِهَا، وَيُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ إِذَنُ مُكَلَّفٍ أَوْ وَلِيٍّ وَإِلَّا ضَمِنَ، وَاخْتَارَ فِي " الْهَدْيِ " لَا يَضْمَنُ ; لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ.
[لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ]
(وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ
يَتَعَدَّ، وَإِذَا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ عَلَى أُجْرَتِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ، وَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ بَعْدَ عَمَلِهِ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَلَوْ جَاءَ بِجِلْدِ شَاةٍ، وَقَالَ: هَذَا جِلْدُ شَاتِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَعَنْهُ: لَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْحِفْظِ أَشْبَهَ الْمُودِعَ، وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ قُبِضَتْ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ أَشْبَهَتِ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مَا تَلِفَ بِتَعَدِّيهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَجَوَازُ إِجَارَةِ الرَّاعِي، وَقِصَّةُ شُعَيْبٍ مَعَ مُوسَى عليه السلام شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، فَإِذَا عَقَدَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ تَعَيَّنَتْ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يُبَدِّلُهَا، وَيُبْطِلُ الْعَقْدَ فِيمَا تَلِفَ مِنْهَا، وَإِنْ عَقَدَ عَلَى مَوْصُوفٍ ذَكَرَ نَوْعَهُ، وَكِبَرَهُ، وَصِغَرَهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ عُرْفٌ صَارِفٌ إِلَى بَعْضِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ سِخَالِهَا، فَإِنْ ذَكَرَ عَدَدًا تَعَيَّنَ، وَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَجُزْ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَادَةِ (وَإِذَا حَبَسَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ عَلَى أُجْرَتِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْهُ عِنْدَهُ، وَلَا أَذِنَ لَهُ فِي إِمْسَاكِهِ، فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ كَالْغَاصِبِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إِنْ كَانَ صَبْغُهُ مِنْهُ فَلَهُ حَبْسُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الثَّوْبِ أَوْ قَدْ قَصَّرَهُ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، وَفِي " الْمَنْثُورِ " إِنْ خَاطَهُ، أَوْ قَصَّرَهُ، وَغَزَلَهُ فَتَلِفَ بِسَرِقَةٍ، أَوْ نَارٍ، فَمِنْ مَالِكِهِ وَلَا أُجْرَةَ ; لِأَنَّ الصَّنْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ كَقَفِيزٍ مِنْ صَبْرَةٍ، وَيُسْتَثْنَى عَلَى الْأَوَّلِ مَا إِذَا أَفْلَسَ مُسْتَأْجِرُهُ ثُمَّ جَاءَ بَائِعُهُ يَطْلُبُهُ، فَلِلصَّانِعِ حَبْسُهُ.
(وَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ بَعْدَ عَمَلِهِ خُيِّرَ الْمَالِكُ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى مَالِهِ، فَكَانَتِ الْخِيَرَةُ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ (بَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِأَنَّ الْأُجْرَةَ إِنَّمَا تَجِبُ بِالتَّسْلِيمِ، وَلَمْ يُوجَدْ (وَبَيْنَ تَضْمِينِهِ إِيَّاهُ مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ أُجْرَتَهُ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْفَعْ إِلَيْهِ الْأُجْرَةَ لَاجْتَمَعَ عَلَى الْأَجِيرِ فَوَاتُ الْأُجْرَةِ وَضَمَانُ مَا يُقَابِلُهَا، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ إِذَا ضَمَّنَهُ ذَلِكَ مَعْمُولًا يَكُونُ فِي مَعْنَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ مَعْمُولًا، فَيَجِبُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ الْأُجْرَةَ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ الْحُكْمِيِّ، وَيُقَدَّمُ قَوْلُهُ فِي صِفَةِ عَمَلِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَمِثْلُهُ تَلَفُ أَجِيرٍ مُشْتَرِكٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ مَوْضِعَ تَلَفِهِ، وَلَهُ أُجْرَتُهُ إِلَيْهِ، وَكَذَا عَمَلُهُ غَيْرَ صِفَةِ شَرْطِهِ أَيْ لَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهَا، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نَقْصِ الْغَزْلِ
مَعْمُولًا وَيَدْفَعُ إِلَيْهِ أُجْرَتَهُ، وَإِذَا ضَرَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ أَوْ كَبَحَهَا، أَوِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَنْسُوجِ فِيهَا، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " لَهُ الْمُسَمَّى إِنْ زَادَ الطُّولُ فَقَطْ، وَلَمْ يَنْقُصِ الْأَصْلُ بِهَا، وَإِنْ زَادَ فِي الْعَرْضِ فَوَجْهَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ قَطْعُ الزَّائِدِ فِي الطُّولِ وَيَبْقَى الثَّوْبُ عَلَى مَا أَرَادَ بِخِلَافِ الْعَرْضِ وَإِنْ نَقْصَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَقِيلَ: لَا شَيْءَ لَهُ وَيَضْمَنُ كَنَقْصِ الْأَصْلِ، وَقِيلَ: بِحِصَّتِهِ مِنَ الْمُسَمَّى، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ لَهُ فِي نَقْصِ الْعَرْضِ بِخِلَافِ النَّقْصِ فِي الطُّولِ، فَإِنَّ لَهُ حِصَّتَهُ مِنَ الْمُسَمَّى.
فَرْعٌ: إِذَا أَخْطَأَ قَصَّارٌ، وَدَفَعَ الثَّوْبَ إِلَى غَيْرِ مَالِكِهِ ضَمِنَهُ، فَإِنْ قَطَعَهُ قَابِضُهُ غَرِمَ أَرْشَ قَطْعِهِ كَدَرَاهِمَ أَنْفَقَهَا، وَيَرُدُّهُ مَقْطُوعًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ، وَعَنْهُ: لَا، لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ (وَإِذَا ضَرَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ أَوْ كَبَحَهَا) أَيْ جَذَبَهَا لِتَقِفَ، وَفِي " الشَّرْحِ " يُحُثُّهَا بِهِ عَلَى السَّيْرِ لِتَلْحَقَ الْقَافِلَةَ، وَيُقَالَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (أَوِ الرَّائِضُ الدَّابَّةَ) أَيْ مُعَلِّمُهَا (لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ) لِأَنَّهُ تَلِفَ مِنْ فِعْلِ مُسْتَحَقٍّ فَلَمْ يَضْمَنَاهُ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ تَحْتَ الْحَمْلِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ إِذَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْكَافِي " ; لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، فَوَجَبَ الضَّمَانُ كَالْغَاصِبِ وَقَدِ اقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَ ضَرْبِ الْمُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةَ لِلِاسْتِصْلَاحِ ; لِأَنَّهُ عليه السلام «نَخَسَ بَعِيرَ جَابِرٍ وَضَرَبَهُ» ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَنْخُسُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنِهِ، فَلَوِ اكْتَرَاهَا وَتَرَكَهَا فِي اصْطَبْلِهِ فَمَاتَتْ فَهَدَرٌ وَإِنْ سَقَطَ عَلَيْهَا ضَمِنَهَا.
تَنْبِيهٌ: الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ مُسْتَأْجِرِهَا إِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا، وَلَمْ يَلْزَمْهُ
الرَّائِضُ الدَّابَّةَ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَتْ بِهِ، وَإِنْ قَالَ: أَذِنْتَ لِي فِي تَفْصِيلِهِ قَبَاءً، قَالَ: بَلْ قَمِيصًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ، نَصَّ عَلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الرَّدُّ، أَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ضَمَانُهَا لَوَجَبَ رَدُّهَا كَالْعَارِيَةِ، وَحِينَئِذٍ تَبَقَى فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ رَدُّهَا مَعَ الْقُدْرَةِ إِنْ طُلِبَتْ مِنْهُ، قَطَعَ الْقَاضِي بِهِ فِي " الْخِلَافِ "، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَيَضْمَنُهُ إِنْ تَلِفَ مَعَ إِمْكَانِ رَدِّهِ كَعَارِيَةٍ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى مَالِكِهَا فِي الْأَصَحِّ كَمُودِعٍ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ضَمَانَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الْعَقْدِ وَجْهَانِ (وَإِنْ قَالَ: أَذِنْتَ لِي فِي تَفْصِيلِهِ قَبَاءً، قَالَ: بَلْ قَمِيصًا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ، نَصَّ عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ، وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَأْذُونِ لَهُ كَالْمُضَارِبِ، فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ الْخَيَّاطُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ وَيَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهِ، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْإِذْنِ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، فَعَلَيْهَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ فِي قَطْعِهِ قَبَاءً، وَيَغْرَمُ الْأَجِيرُ نَقْصَهُ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَعَنْهُ: يُعْمَلُ بِظَاهِرِ الْحَالِ كَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: بِالتَّحَالُفِ كَالِاخْتِلَافِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَحُكْمُ الصَّبَّاغِ إِذَا قَالَ: أَذِنْتَ فِي صَبْغِهِ أَحْمَرَ، قَالَ: بَلْ أَصْفَرَ كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا دَفَعَ إِلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا، وَقَالَ: إِنْ كَانَ يُقْطَعُ قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ، فَقَالَ: هُوَ يُقْطَعُ، فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَكْفِهِ، أَوْ قَالَ: انْظُرْ هَلْ يَكْفِينِي قَمِيصًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: اقْطَعْهُ، فَقَطَعَهُ وَلَمْ يَكْفِهِ، ضَمِنَهُ فِيهِمَا، فَإِنْ قَالَ: اقْطَعْهُ قَمِيصَ رَجُلٍ، فَقَطَعَهُ قَمِيصَ امْرَأَةٍ غَرِمَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يَغْرَمُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا، فَإِنْ أَكْرَاهُ لِيَلْبَسَهُ لَمْ يَنَمْ فِيهِ لَيْلًا، وَلَا وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ، وَلَمْ يَأْتَزِرْ بِهِ، فَإِنِ ارْتَدَى بِهِ جَازَ فِي الْأَقْيَسِ.
1 -
مَسْأَلَةٌ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ تَحَالَفَا كَالْبَيْعِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْآجِرِ، وَكَذَا إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ، وَعَنْهُ: يُصَدَّقُ الْمُؤَجِّرُ، وَعَنْهُ: الْمُسْتَأْجِرُ، وَعَلَى التَّحَالُفِ إِنْ كَانَ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهَا فَبِالْقِسْطِ