الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَصْحَابُنَا: عَلَيْهِ الْحَدُّ إِذَا عَلِمَ زَوَالَ مِلْكِهِ، وَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِالْوَطْءِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا بَطَلَ خِيَارُهُ، وَلَمْ يُوَرَّثْ، وَيَتَخَرَّجُ وَيُوَرَّثُ كَالْأَجَلِ.
فَصْلٌ الثَّالِثُ: خِيَارُ الْغَبْنِ وَيَثْبُتُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إِحْدَاهَا: إِذَا تَلَّقَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِلْكًا، أَوْ شُبْهَةً، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ مِلْكِهِ، وَإِبَاحَةِ وَطْئِهِ (وَقَالَ أَصْحَابُنَا) وَعَزَاهُ فِي " الشَّرْحِ " إِلَى بَعْضِهِمْ (عَلَيْهِ الْحَدُّ إِذَا عَلِمَ زَوَالَ مِلْكِهِ، وَأنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ بِالْوَطْءِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ) عَنْ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ (وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا بَطَلَ خِيَارُهُ، وَلَمْ يُوَرَّثْ) عَلَى الْمَذْهَبِ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، لِأَنَّهُ حَقٌّ فُسِخَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، فَلَمْ يُوَرَّثْ كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَبْطُلُ إِلَّا أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الْمَيِّتُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْخِيَارِ تَخَيُّرُهُ بَيْنَ فَسْخٍ وَإِمْضَاءٍ، وَهُوَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ كَالِاخْتِيَارِ، فَلَمْ يُوَرَّثْ كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ (وَيَتَخَرَّجُ) أَنْ لَا يَبْطُلَ (وَيُوَرَّثُ كَالْأَجَلِ) حَكَاهُ فِي " الْفُرُوعِ " قَوْلًا، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ: " رِوَايَةً؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ فُسِخَ، فَيَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ كَالْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ وَكَخِيَارِ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا عَلِقَ عِتْقُ عَبْدِهِ بِبَيْعٍ فَبَاعَهُ، وَلَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ عُتِقَ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَالتَّدْبِيرِ وَلَمْ يَنْقُلِ الْمِلْكَ، وَتَرَدَّدَ فِيهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ تَعْلِيقُ طَلَاقٍ، أَوْ عِتْقٍ لِسَبَبٍ يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنِ الزَّوْجِيَّةِ، وَقِيلَ: يُعْتِقُ فِي مَوْضِعٍ يُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقِيلَ: يُعْتِقُ إِلَّا إِذَا نَفَيَا الْخِيَارَ فِي الْعَقْدِ، وَصَحَّحْنَا نَفْيَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتِقُ.
[الثَّالِثُ خِيَارُ الْغَبْنِ وَصُوَرُهُ]
[الْأُولَى تَلَقِّي الرُّكْبَانِ]
فَصْلٌ (الثَّالِثُ: خِيَارُ الْغَبْنِ) وَهُوَ - بِسُكُونِ الْبَاءِ - مَصْدَرُ غَبَنَهُ - بِفَتْحِ الْبَاءِ - يَغْبِنُهُ - بِكَسْرِهَا -: إِذَا نَقَصَهُ، وَيُقَالُ غَبِنَ رَأْيَهُ - بِكَسْرِهَا - أَيْ: ضَعُفَ غَبَنًا - بِالتَّحْرِيكِ - (وَيَثْبُتُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ؛ إحداهَا: إِذَا تَلَقَّى الرُّكْبَانُ) جَمْعُ رَاكِبٍ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ رَاكِبُ الْبَعِيرِ، ثُمَّ اتَّسَعَ فِيهِ فَأُطْلِقَ
الرُّكْبَانَ، فَاشْتَرَى مِنْهُمْ وَبَاعَ لَهُمْ، فَلَهُمُ الْخِيَارُ إِذَا هَبَطُوا السُّوقَ وَعَلِمُوا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَلَى كُلِّ رَاكِبٍ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْقَادِمُونَ مِنَ السَّفَرِ، وَإِنْ كَانُوا مُشَاةً (فَاشْتَرَى مِنْهُمْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخِرَقِيِّ، وَ " الْمُحَرَّرِ " فَيُحْتَمَلُ قَصْرُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا لَا فَرْقَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (وَبَاعَ لَهُمْ فَلَهُمُ الْخِيَارُ إِذَا هَبَطُوا السُّوقَ وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ غُبِنُوا غَبْنًا يَخْرُجُ عَنِ الْعَادَةِ) هَذَا بَيْعٌ مَكْرُوهٌ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَلَقُّوا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي صَحِيحٍ، وَالنَّهْيُ لَا يَرْجِعُ لِمَعْنَى الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَعُودُ لِضَرْبٍ مِنَ الْخَدِيعَةِ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ بِالْخِيَارِ أَشْبَهَ الْمُصَرَّاةَ، وَقُوَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِقَصْدِ التَّلَقِّي، فَلَوْ خَرَجَ بِغَيْرِ قَصْدٍ فَوَافَاهُمْ وَاشْتَرَى مِنْهُمْ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ " الْمَنْصُوصِ، وَذَكَرَ فِي " التَّلْخِيصِ " وَ " الْفُرُوعِ " أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ النَّصَّ عَنْ أَحْمَدَ إِنَّمَا هُوَ فِي البائع، لظاهر الْأَخْبَارِ فَعَلَيْهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ مَعَ الْغَبْنِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْبَائِعِ، وَلَا ضَرَرَ مَعَ الْغَبْنِ، وَعَنْهُ: يَثْبُتُ لَهُمُ الْخِيَارُ مَعَ عَدَمِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، وَقَدْرُهُ بِمَا يَخْرُجُ عَنِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِتَحْدِيدِهِ فَيَرْجِعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ يَثْبُتُ فِيهِ وَإِنْ قَلَّ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَسَامَعُ بِهِ عَادَةً، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى يقدر بالثلث لِأَنَّهُ كَثِيرٌ، وَقِيلَ: بِالسُّدُسِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ