الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ رَبُّ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ غُلَامِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
فَصْلٌ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَعَتَقَ وَضَمِنَ ثَمَنَهُ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَضْمَنْ، وَيُحْتَمَلْ أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَإِنِ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ صَحَّ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ، وَإِنِ اشْتَرَى مَنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مِنْ رِبْحِهِ، وَهَذَا حَاصِلٌ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعَمَلِ (وَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ غُلَامِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَشْهُرُهُمَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ عَمَلَ الْغُلَامِ فِي مَالِ سَيِّدِهِ يَصِحُّ ضَمُّهُ إِلَيْهِ كَمَا لَوْ ضَمَّ إِلَيْهِ بَهِيمَتَهُ يَحْمِلُ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي لَا ; لَأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ كَيَدِ سَيِّدِهِ، وَعَمَلَهُ كَعَمَلِهِ.
[فَصْلٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ]
فَصْلٌ (وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) أَيْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ; لِأَنَّ فِيهِ ضِررًا، وَلَا حَظَّ لِلتِّجَارَةِ فِيهِ إِذْ هِيَ مَعْقُودَةٌ لِلرِّبْحِ حَقِيقَةً أَوْ مَظِنَّةً، وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ هُنَا (فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ) الشِّرَاءُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ ; لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ قَابِلٌ لِلْعُقُودِ، فَصَحَّ شِرَاءُ الْعَامِلِ لَهُ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى مِنْ نَذْرِ رَبِّ الْمَالِ حُرِّيَّتَهُ إِذَا مَلَكَهُ (وَعَتَقَ) أَيْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْعِتْقِ، وَتَنْفَسِخُ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ (وَضَمِنَ) الْعَامِلُ (ثَمَنَهُ) لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْهُ (وَعَنْهُ: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ) لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ فِيهِ ثُمَّ تَلِفَ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَ بِفِعْلِهِ (عَلِمَ) أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالشِّرَاءِ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْإِتْلَافَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ إِذِ التَّلَفُ حَصَلَ الْمَعْنَى فِي الْمَبِيعِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ كَمَا لَوِ اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ فَتَلِفَ بِهِ، وَفِي " الشَّرْحِ ": وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَضْمَنَ وَإِنَّ عَلِمَ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْمُضَارَبَةِ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى مَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ، وَالرِّبْحُ فِيهِ، وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ فِي " الشَّرْحِ " إِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا ; لِأَنَّ الْعَامِلَ اشْتَرَى مَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْعَاقِدِ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَاهُ بِإِذْنِهِ صَحَّ ; لِأَنَّهُ
يَعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ لَمْ يُعْتِقْ، وَإِنَّ ظَهَرَ رِبْحٌ، فَهَلْ يَعْتِقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِنَفْسِهِ، فَكَذَا نَائِبُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ دَيْنٌ، يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ وَمَا فِي يَدِهِ، وَقُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَعَلَيْهِ دَفْعُ قِيمَتِهِ إِلَى الْغُرَمَاءِ ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِمْ بِالْعِتْقِ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ كَشِرَائِهِ امْرَأَةَ رَبِّ الْمَالِ (وَإِنِ اشْتَرَى) الْمُضَارِبُ (امْرَأَتَهُ) أَوْ بَعْضَهَا (صَحَّ) لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا يُمْكِنُ طَلَبُ الرِّبْحِ فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوِ اشْتَرَى أَجْنَبِيَّةً (وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ) لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِ زَوْجِهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَلْزَمُهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْعَامِلِ ; لِأَنَّهُ سَبَبُ تَقْرِيرِهِ عَلَيْهِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَفْسَدَتِ امْرَأَتُهُ نِكَاحَهَا بِالرَّضَاعِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
فَرْعٌ: إِذَا اشْتَرَى زَوْجُ رَبَّةِ الْمَالِ صَحَّ، وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا يَفُوتُ مِنَ الْمَهْرِ وَيَسْقُطُ مِنَ النَّفَقَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَعُودُ إِلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهِ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ بِعَيْنِ الْمَالِ.
(وَإِنِ اشْتَرَى) الْمُضَارِبُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ لَمْ يُعْتِقْ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِلْكُ رَبِّ الْمَالِ، وَقِيلَ: بَلَى لِسَابِقَتِهِ (وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ، فَهَلْ يَعْتِقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ مَتَى يَمْلِكُ الرِّبْحَ، فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالْقِسْمَةِ لَمْ يُعْتِقْ مِنْهُ شَيْئًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالظُّهُورِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ لَا يَعْتِقُ ; لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ لِكَوْنِ الرِّبْحِ وِقَايَةً لِرَأْسِ الْمَالِ، وَالثَّانِي: ويَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ، فَعُتِقَ عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا لَوِ اشْتَرَاهُ بِمَالِهِ، وَإِنِ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْعَبْدُ بَاقٍ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا تَعَدَّى الْمُضَارِبُ بِالشَّرْطِ، أَوْ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ، أَوْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ ضَمِنَ الْمَالَ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَرِبْحُهُ لِمَالِكِهِ، وَقِيلَ: لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَعَنْهُ: لَهُ الْأَقَلُّ مِنْهَا، أَوْ مَا سُمِّيَ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ، وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقَانِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ، وَقِيلَ: إِنِ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ بَطَلَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالنَّمَاءُ لِلْبَائِعِ، وَعَنْهُ: إِنْ أَجَازَهُ رَبُّهُ صَحَّ، وَمَلَكَ النَّمَاءَ وَإِلَّا بَطَلَ.