الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَهَبَ، وَلَا يُقْرِضَ، وَلَا يُحَابِيَ، وَلَا يُضَارِبَ بِالْمَالِ، وَلَا يَأْخُذَ بِهِ سُفْتَجَةً، وَلَا يُعْطِيَهَا إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ.
وَهَلْ لَهُ أَنْ يُودِعَ، أَوْ يَبِيعَ نِسَاءً، أَوْ يُبْضِعَ، أَوْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ، أَوْ يَرْهَنَ أَوْ يَرْتَهِنَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى مَالِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِمَا ذَكَرْنَا سِيَّمَا وَتَزْوِيجُ الْعَبْدِ ضَرَرٌ مَحْضٌ (وَلَا يُعْتِقَهُ بِمَالٍ) وَلَا غَيْرِهِ (وَلَا يَهَبَ) .
نَقَلَ حَنْبَلٌ: يَتَبَرَّعُ بِبَعْضِ الثَّمَنِ لِمَصْلَحَتِهِ (وَلَا يُقْرِضَ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِرَهْنٍ (وَلَا يُحَابِيَ) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ انْعَقَدَتْ عَلَى التِّجَارَةِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهَا (وَلَا يُضَارِبَ بِالْمَالِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُثْبِتُ فِي الْمَالِ حُقُوقًا، وَيُسْتَحَقُّ رِبْحُهُ لِغَيْرِهِ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ تَوْكِيلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لِلثَّانِي عَلَى رَبِّهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَقِيلَ: عَلَى الْأَوَّلِ مَعَ جَهْلِهِ لِدَفْعِ غَاصِبٍ، وَمَعَ عِلْمِهِ لَا شَيْءَ لَهُ، وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ خَلْطُ مَالِ الشَّرِكَةِ بِمَالِهِ وَلَا مَالِ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِيجَابَ حُقُوقٍ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَعَنْهُ: يَجُوزُ بِمَالِ نَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ، فَيَدْخُلُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي (وَلَا يَأْخُذَ بِهِ سُفْتَجَةً) لِأَنَّ فِيهَا خَطَرًا، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى إِنْسَانٍ شَيْئًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ كِتَابًا إِلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْمَالَ (وَلَا يُعْطِيَهَا) بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ إِنْسَانٍ بِضَاعَةً، وَيُعْطِيَهُ بِثَمَنِ ذَلِكَ كِتَابًا إِلَى وَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ ذَلِكَ (إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنَ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْكِتَابَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَالصَّوَابُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فِيهِمَا لِمَصْلَحَةٍ لِخَوْفِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأُولَى.
فَائِدَةٌ: مَا يُخْرِجُهُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمَالِ مِنَ الشَّيْلِ، وَالْحَطِّ، وَالْعُشْرِ، وَالْخِفَارَةِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَذْرَقَةِ يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ، قَالَهُ فِي " الْفُصُولِ ".
[مَا لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ]
(وَهَلْ لَهُ أَنْ يُودِعَ، أَوْ يَبِيعَ نِسَاءً، أَوْ يُبْضِعَ، أَوْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ، أَوْ يَرْهَنَ أَوْ يَرْتَهِنَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: فِي الْإِيدَاعِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا لَهُ ذَلِكَ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَزَادَ: عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عَادَةَ التُّجَّارِ، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فِي " الْمُحَرَّرِ " الْمَنْعُ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ غَرَرٌ.
الثَّانِيَةُ: فِي الْبَيْعِ إِلَى أَجَلٍ، وَهُوَ يَخْرُجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْوَكِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، فَإِنِ اشْتَرَى شَيْئًا بِنَقْدٍ عِنْدَهُ مِثْلُهُ، أَوْ نَقْدٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، أَوِ اشْتَرَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعِنْدَهُ مَثَلُهُ جَازَ، وَإِلَّا فَالشِّرَاءُ لَهُ خَاصَّةً، وَرِبْحُهُ لَهُ، وَضَمَانُهُ عَلَيْهِ.
الثَّالِثَةُ: فِي الْإِبْضَاعِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ عِبَارَةٌ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْمَالِ تُبْعَثُ لِلتِّجَارَةِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ، وَالثَّانِي بَلَى وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ عَادَةُ التُّجَّارِ.
الرَّابِعَةُ: التَّوْكِيلُ فِيمَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْوَكِيلِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ التَّوْكِيلُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ ; لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ مِثْلَ عَقْدِ مُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ وَكِيلِ الشَّرِيكِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ مِثْلَ عَقْدِ مُوَكِّلِهِ، بَلْ يَسْتَفِيدُ مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ، فَإِنْ وَكَّلَ مَلَكَ الْآخَرُ عَزْلَهُ، وَيَتَصَرَّفُ الْمَعْزُولُ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ.
الْخَامِسَةُ: فِي الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُهُمَا زَادَ فِي " الشَّرْحِ " عِنْدَ الْحَاجَةِ ; لِأَنَّ الرَّهْنَ يُرَادُ لِلْإِيفَاءِ، وَالِارْتِهَانَ يُرَادُ لِلِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ يَمْلِكُهُمَا، فَكَذَا مَا يُرَادُ لَهُمَا، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ فِيهِ خَطَرًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ وَلِيَ الْعَقْدَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، لَكَوْنِ الْقَبْضِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ، فَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، وَرَأَى مَصْلَحَةً، جَازَ الْكُلُّ ; لِأَنَّهُ فَوَّضَ إِلَيْهِ الرَّأْيَ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الشَّرِكَةُ، فَجَازَ كُلُّ مَا هُوَ مِنَ التِّجَارَةِ.
تَنْبِيهٌ: لَمْ يَذْكُرِ الْمُؤَلِّفُ السَّفَرَ بِالْمَالِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ مَعَ الْأَمْنِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ صَحَّحَهَا الْأَزَجِيُّ، وَإِنْ سَافَرَ وَالْغَالِبُ الْعَطَبُ ضَمِنَ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ فِيمَا لَيْسَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يَتَّجِرُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ بِمَالِهِ مَوْضِعَ أَمْنٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِخَوْفِهِ، أَوْ بِفَلَسِ مُشْتَرٍ فَلَا ضَمَانَ ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ.
فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى هَلَاكَهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ صَدَقَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ إِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ، وَيَحْلِفُ مَعَهَا أَنَّهُ هَلَكَ بِهِ، وَيُصَدِّقُ مُنْكِرُ الْخِيَانَةِ، وَإِنْ قَالَ لِمَا بِيَدِهِ: هَذَا لِي أَوْ لَنَا، أَوِ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهَا لِي، أَوْ لَنَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ خَسِرَ، وَإِنْ قَالَ: صَارَ لِي بِالْقِسْمَةِ صُدِّقَ مُنْكِرُهَا.
(وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ) لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا رَضِيَ الشَّرِيكُ بِالْمُشَارَكَةِ فِيهِ، فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ ضَمَّ إِلَيْهَا أَلْفًا مِنْ مَالِهِ،
الشَّرِكَةِ، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَيْهِ وَرِبْحُهُ لَهُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ شَرِيكُهُ، وَإِنْ أَخَّرَ حَقَّهُ مِنَ الدَّيْنِ جَازَ، وَإِنَّ تَقَاسَمَا الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ أَبْرَأَ مِنَ الدَّيْنِ لَزِمَ فِي حَقِّهِ دُونَ صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَمَعْنَاهَا أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ بِثَمَنٍ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ جِنْسِهِ (فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ عَلَيْهِ وَرِبْحُهُ لَهُ) .
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيمَنِ اسْتَدَانَ مِنَ الْمَالِ بِوَجْهِهِ أَلْفًا: فَهُوَ لَهُ وَرِبْحُهُ لَهُ وَوَضِيعَتُهُ عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ وَضُرِّهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقَعْ لِلشَّرِكَةِ (إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ شَرِيكُهُ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَبَقِيَّةِ أَفْعَالِ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي: إِذَا اسْتَقْرَضَ شَيْئًا لَزِمَهُمَا، وَرَبِحُهُ لَهُمَا ; لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ أَشْبَهَ الصَّرْفَ، وَرُدَّ بِالْفَرْقِ، فَإِنَّ الصَّرْفَ بَيْعٌ وَإِبْدَالُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ فَهُوَ كَبَيْعِ الثِّيَابِ (وَإِنْ أَخَّرَ حَقَّهُ مِنَ الدَّيْنِ) الْحَالِّ (جَازَ) لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ، فَصَحَّ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ كَالْإِبْرَاءِ، فَلَوْ قَبَضَ شَرِيكُهُ شَيْئًا مِمَّا لَمْ يُؤَخَّرْ كَانَ لَهُ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ، وَقِيلَ: وَلَهُ تَأْخِيرُ حَقِّ شَرِيكِهِ، وَيَضْمَنُهُ إِنْ تَلِفَ، أَوْ مَاتَ الْمَدِينُ (وَإِنَّ تَقَاسَمَا الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ; لِأَنَّ الذِّمَمَ لَا تَتَكَافَأُ، وَلَا تَتَعَادَلُ، وَالْقِسْمَةُ تَقْتَضِيهَا ; لِأَنَّهَا بِغَيْرِ تَعْدِيلٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ، فَعَلَيْهَا لَوْ تَقَاسَمَا ثُمَّ تَوى بَعْضُ الْمَالِ رَجَعَ الَّذِي تَوى مالُهُ عَلَى الْآخَرِ، وَالثَّانِيَةُ - وَنَقَلَهَا حَرْبٌ، وَقَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ " - الْجَوَازُ ; لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يَمْنَعُ الْقِسْمَةَ كَاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ، فَعَلَيْهَا لَا رُجُوعَ إِذَا أَبْرَأَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " إِذَا كَانَ فِي ذِمَمٍ لَا ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُ الْقِسْمَةُ، وَهِيَ إِفْرَازٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ تَكَافَأَتْ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ مِنَ الْحَوَالَةِ عَلَى مَلِيءٍ وُجُوبُهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَإِنْ أَبْرَأْ مِنَ الدَّيْنِ) أَوْ أَجَّلَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ (لَزِمَ فِي حَقِّهِ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ (دُونَ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ التِّجَارَةِ وَكَالصَّدَقَةِ (وَكَذَلِكَ إِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ) أَيْ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ دُونَ صَاحِبِهِ عَلَى
عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ. وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَوَلَّى مَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْ نَشْرِ الثَّوْبِ، وَطَيِّهِ، وَخَتْمِ الْكِيسِ، وَإِحْرَازِهِ فَإِنِ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، وَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَفْعَلُهُ، فَإِنْ فَعَلَهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ ; لِأَنَّ شَرِيكَهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ دَاخِلًا فِيهَا (وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ) لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نِسَاءً، وَهُوَ إِقْرَارٌ بِبَقَاءِ الثَّمَنِ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، وَفِيهِ شَيْءٌ، وَعَلَّلَهُ فِي " الشَّرْحِ " بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ إِقْرَارَهُ لَضَاعَتْ أَمْوَالُ النَّاسِ وَامْتَنَعُوا مِنْ مُعَامَلَتِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ كَالْإِقْرَارِ بِالْعَيْبِ، وَقَيَّدَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " فِي الْإِقْرَارِ، وَ " الْفُرُوعِ " قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا لَا بَعْدَهَا.
مَسْأَلَةٌ: أَقَرَّ غَرِيمٌ لَهُمَا بِدَيْنٍ عِنْدَ حَاكِمٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا حَبْسَهُ، وَمَنَعَ الْآخَرُ مِنْهُ، فَفِي وُجُوبِ حَبْسِهِ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ بِإِرْثٍ أَوْ إِتْلَافٍ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَوْ ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ، فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنَ الْغَرِيمِ وَمِنَ الْقَابِضِ، جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمِلْكِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ كَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ بِهِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَابْنُ سِيرِينَ، كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ قَابِضِهِ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَرِيمِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَإِنْ كَانَ بِعَقْدٍ، أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَهُ الْمُشَارَكَةُ كَالْمَوْرُوثِ، وَالثَّانِي: لَا ; لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْعَقْدِ عَلَى نَصِيبِهِ فَهُوَ كَالْمُنْفَرِدِينَ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَوَلَّى مَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْ نَشْرِ الثَّوْبِ، وَطَيِّهِ، وَخَتْمِ الْكِيسِ، وَإِحْرَازِهِ) وَقَبْضِ النَّقْدِ ; لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْإِذْنِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأُمُورِ يَتَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ (فَإِنِ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ ; لِأَنَّهُ بَذَلَهَا عِوَضًا عَمَّا يَلْزَمُهُ (وَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ) كَحَمْلِ الطَّعَامِ، وَالْمَتَاعِ، وَوَزْنِ مَا يُنْقَلُ، وَالنِّدَاءِ (فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ) مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ (مَنْ يَفْعَلُهُ) لِأَنَّهُ الْعُرْفُ.