الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَسَلَّمَهُ.
وَإِذَا
انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ وَفِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ
لَمْ يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ، وَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجِبْ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: يَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَلَا تَحِلُّ مُؤَجَّلَةً بِمَوْتٍ فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ حَلَّ دَيْنٌ بِهِ ; لِأَنَّ حَلَّهَا مَعَ تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَسَلَّمَهُ) وَإِنَّ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ، وَعَلَى هَذَا وَرَدَتِ النُّصُوصُ، وَلِأَنَّ الْأَجِيرَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ إِلَّا مَعَ تَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ كَالصَّدَاقِ، وَالثَّمَنِ، وَفَارَقَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْأَعْيَانِ ; لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا أُجْرِيَ مُجْرَى تَسْلِيمِ نَفْعِهَا، وَمَتَى كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيمُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا يَقُومُ مَقَامَهَا، فَيَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُ تَسْلِيمِ الْأَجْرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَمَلِ، فَإِنْ عَمِلَ بَعْضَهُ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا عَمِلَ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ الْعَمَلِ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: مَنِ اسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ عِنْدَ إِيفَاءِ الْعَمَلِ، وَإِنِ اسْتُؤْجِرَ كُلَّ يَوْمٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَهُ أَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ تَمَامِهِ.
تَنْبِيهٌ: يَسْتَقِرُّ الْأَجْرُ كَامِلًا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَبِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ، وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنَ الِانْتِفَاعِ، أَوْ بِفَرَاغِ عَمَلٍ بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ، وَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ بَعْدَ عَمَلِهِ، فَلَوْ بَذَلَ لَهُ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ، وَامْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ اسْتَقَرَّ الْأَجْرُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ فَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهَا تَسْتَقِرُّ إِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهَا، وَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي " أَنَّهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَمْ يَسْتَقِرَّ عِوَضُهُ بُذِلَ التَّسْلِيمُ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ.
[انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ وَفِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ]
(وَإِذَا انْقَضَتِ الْإِجَارَةُ وَفِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ لَمْ يُشْتَرَطْ قَلْعُهُ عِنْدَ انْقِضَائِهَا) أو أَطْلَقَ وَكَانَتْ أَوْ أُجِّرَتْ لِذَلِكَ (خُيِّرَ الْمَالِكُ) أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ (بَيْنَ أَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ، أَوِ الْبِنَاءِ، فَيَمْلِكُهُ مَعَ أَرْضِهِ ; لِأَنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ بِذَلِكَ، وَفِي " الْفَائِقِ ": إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ وَقْفًا لَمْ يَمْلِكِ التَّمَلُّكَ إِلَّا بِشَرْطِ وَاقِفٍ أَوْ رضي مُسْتَحِقِّ الرِّيعِ (أَوْ تَرْكِهِ بِالْأُجْرَةِ) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ
بِشَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَزِمَ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ.
وَإِذَا تَسَلَّمَ الْعَيْنَ فِي الْإِجَارَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَفَ مَا بَنَاهُ أَوْ لَا، وَهَذَا مَا لَمْ يَقْلَعْهُ مَالِكُهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْبِنَاءُ مَسْجِدًا، وَنَحْوَهُ فَلَا يُهْدَمُ، اخْتَارَهُ فِي " الْفُنُونِ " وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا مَلَكَ الْقَلْعَ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ ; لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ يَقْتَضِي تَفْرِيغَهَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا كَالْمُسْتَأْجِرة لِلزَّرْعِ، قُلْتُ: لِقَوْلِهِ عليه السلام: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الظَّالِمِ لَهُ حَقٌّ، وَهُنَا كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ غَرَسَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَلْعَهُ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ كَمَا لَوِ اسْتَعَارَهَا لِلْغَرْسِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا بَقَاءَ غَرْسٍ فَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَإِطْلَاقِهِ فَإِنِ اخْتَارَ رَبُّ الْأَرْضِ الْقَلْعَ فَهُوَ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَغَيْرِهِ، وَإِنِ اخْتَارَهُ مَالِكُهُ لَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَغَيْرِهِمَا (وَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ) وَفَاءً بِمُوجِبِ شَرْطِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: إِذَا كَانَ إِطْلَاقُ الْعَقْدِ فِيهِمَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَشَرْطُ الْقَلْعِ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُفْسِدُهُ؟ قُلْتُ: اقْتِضَاؤُهُ التَّأْبِيدَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْعَادَةَ تَبْقِيَتُهُمَا، فَإِذَا أَطْلَقَهُ حُمِلَ عَلَى الْعَادَةِ، فَإِذَا شَرَطَ خِلَافَهُ جَازَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ غَرَامَةُ نَقْصٍ (وَلَمْ يَجِبْ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ لِرِضَاهُمَا بِالْقَلْعِ (إِلَّا بِشَرْطٍ) لِمَا ذَكَرْنَا فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى إِبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَازَ إِذَا شَرَطَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَغْرِسَ وَيَبْنِيَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِذَلِكَ، فَإِذَا انْقَضَتْ فَلَا (وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ) مِثْلَ أَنْ يَزْرَعَ زَرْعًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِكَمَالِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ) مَا لَمْ يَخْتَرِ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَ زَرْعِهِ فِي الْحَالِ وَتَفْرِيغَ الْأَرْضِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَقِيلَ: لِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِنَفَقَتِهِ (أَوْ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ) أَيْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ ; لِأَنَّهُ أَبْقَى زَرْعَهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِعُدْوَانِهِ كَالْغَاصِب ِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَقْلَ الزَّرْعِ، وَتَفْرِيغَ الْأَرْضِ وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى تَرْكِهِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ (وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) مِثْلَ أَنْ يَزْرَعَ