الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرَهُمْ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَفِي صِحَّةِ الْمُسَابَقَةِ وَجْهَانِ.
فَصْلٌ وَالْمُسَابَقَةُ جُعَالَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْفَضْلُ لِأَحَدِهِمَا فَيَكُونَ لَهُ الْفَسْخُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا، لَكِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ وَأَحَدِ الرَّامِيَيْنِ، وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِ الرَّاكِبَيْنِ، وَلَا تَلَفِ أَحَدِ الْقَوْسَيْنِ وَيَقُومُ وَارِثُ الْمَيِّتِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُسَابَقَةِ وَجْهَانِ) أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَفْسَدُ، وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى تَسْمِيَةِ بَدَلٍ فَلَمْ يَفْسَدْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالنِّكَاحِ، وَالثَّانِي: يَفْسَدُ ; لِأَنَّهُ بَدَلُ الْعِوَضِ لِهَذَا الْغَرَضِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ غَرَضُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِوَضُ فَعَلَيْهِ إِنْ كَانَ الْمُخْرِجُ السَّابِقَ أَحْرَزَ سَبْقَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرَ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ ; لِأَنَّهُ عَمِلَ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ فَاسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.
[وَالْمُسَابَقَةُ جُعَالَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ]
فَصْلٌ (وَالْمُسَابَقَةُ جُعَالَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا) أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى مَا لَا يَتَحَقَّقُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَكَانَ جَائِزًا كَرَدِّ الْآبِقِ، وَلَهُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْعِوَضِ، وَلَمْ يَلْزَمِ الْآخَرَ إِجَابَتُهُ، وَلَا يُؤْخَذُ بِعِوَضِهَا رَهْنٌ وَلَا كَفِيلٌ (إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْفَضْلُ لِأَحَدِهِمَا) مِثْلَ أَنْ يَسْبِقَ بِفَرَسِهِ فِي بَعْضِ الْمَسَافَةِ، أَوْ يُصِيبَ بِسِهَامِهِ أَكْثَرَ مِنْهُ (فَيَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (دُونَ صَاحِبِهِ) أَيِ الْمَفْضُولِ ; لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ لَفَاتَتْ غَرَضُ الْمُسَابَقَةِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ (وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) كَوَكَالَةٍ (وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ) لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا كَوْنُ الْعِوَضِ مَعْلُومًا فَكَانَتْ لَازِمَةً كَالْإِجَارَةِ (لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا) لِأَنَّهُ شَأْنُ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ (لَكِنَّهَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمَرْكُوبَيْنِ وَأَحَدِ الرَّامِيَيْنِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَرْكُوبِ وَالرَّامِي، فَانْفَسَخَ بِتَلَفِهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " احْتِمَالٌ لَا يَلْزَمُ فِي حَقِّ الْمُحَلِّلِ ; لِأَنَّهُ مَغْبُوطٌ كَمُرْتَهِنٍ (وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِ الرَّاكِبَيْنِ، وَلَا تَلَفِ أَحَدِ الْقَوْسَيْنِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ كَمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَ) عَلَيْهِ (يَقُومُ وَارِثُ الْمَيِّتِ مَقَامَهُ) لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ
مَقَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَالسَّبْقُ فِي الْخَيْلِ بِالرَّأْسِ إِذَا تَمَاثَلَتِ الْأَعْنَاقُ، وَفِي مُخْتَلِفِي الْعُنُقِ وَالْإِبِلِ بِالْكَتِفِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَنِّبَ أَحَدُهُمَا مَعَ فَرَسِهِ فَرَسًا يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ، وَلَا يَصِيحُ بِهِ فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فِيمَا لَهُ، فَكَذَا فِيمَا عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَمَا لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لَعَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَإِنْ قُلْنَا: جَائِزَةٌ فَوَجْهَانِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ "، وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ عِوَضِهِ فِي الْحَالِ، فَإِنْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ أُجْرَةٍ بَلْ يَبْدَأُ بِتَسْلِيمِ عَمَلٍ.
(وَالسَّبْقُ فِي الْخَيْلِ بِالرَّأْسِ إِذَا تَمَاثَلَتِ الْأَعْنَاقُ) أَيْ فِي الطُّولِ، وَالِارْتِفَاعِ، وَالْمَدِّ (وَفِي مُخْتَلِفِي الْعُنُقِ وَالْإِبِلِ بِالْكَتِفِ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُسَابَقَةِ بِعِوَضٍ إِرْسَالُ الْفَرَسَيْنِ، أَوِ الْبَعِيرَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُرْسِلَ قَبْلَ الْآخَرِ، وَيَكُونُ عِنْدَ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ مَنْ يُشَاهِدُ إِرْسَالَهُمَا، وَعِنْدَ الْغَايَةِ مَنْ يَضْبِطُ السَّابِقَ لِئَلَّا يَخْتَلِفَا فِي ذَلِكَ، وَالسَّبْقُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لِأَنَّ طَوِيلَ الْعُنُقِ قَدْ يَسْبِقُ رَأْسُهُ لِمَدِّ عُنُقِهِ، وَفِي الْإِبِلِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَفِيهِ مَا يَمُدُّ عُنُقَهُ، فَلِذَلِكَ اعْتُبِرَ بِالْكَتِفِ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " الْكُلُّ بِالْكَتِفِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " السَّبْقُ فِي الْخَيْلِ بِالْعُنُقِ، وَقِيلَ: بِالرَّأْسِ مَعَ تَسَاوِي الْأَعْنَاقِ، وَفِي مُخْتَلِفِي الْعُنُقِ وَالْإِبِلِ بِالْكَتِفِ أَوْ بِبَعْضِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُلِّ بِالْأَقْدَامِ، وَرَدَّهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " ; لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَنِّبَ أَحَدُهُمَا مَعَ فَرَسِهِ فَرَسًا يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ، وَلَا يَصِيحَ بِهِ فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَذَا فَسَّرَهُ الْأَصْحَابُ تَبَعًا لِمَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو عُبِيدٍ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْجَنَبِ أَنْ يُجَنِّبَ مَعَ فَرَسِهِ، أَوْ وَرَاءَهُ فَرَسًا لَا رَاكِبَ عَلَيْهِ يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ، وَيَحُثُّهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ أَنْ يُجَنِّبَ فَرَسًا يَتَحَوَّلُ عِنْدَ الْغَايَةِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ إِعْيَاءً،