الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَوِجْدَانِ لُقَطَةٍ أَوْ رِكَازٍ، وَمَا يَحْصُلُ لَهُمَا مِنْ مِيرَاثٍ، وَمَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا مِنْ ضَمَانِ غَصْبٍ، أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ.
بَابُ الْمُسَاقَاةِ
تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ وَفِي كُلِّ شَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ.
وَتَصِحُّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَتَفَاوَضُوا فِي الْأَمْرِ أَيْ فَاوَضَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (وَهِيَ أَنْ يُدْخِلَا فِي الشَّرِكَةِ الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ كَوِجْدَانِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَصْدَرُ وَجَدَ (لُقَطَةٍ أَوْ رِكَازٍ، وَمَا يَحْصُلُ لَهُمَا مِنْ مِيرَاثٍ، وَمَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا مِنْ ضَمَانِ غَصْبٍ، أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ) نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ يَكْثُرُ فِيهَا الْغَرَرُ، وَلَمْ تَصِحَّ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، فَلَمْ تَصِحَّ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَلِأَنَّ حُصُولَ الْكَسْبِ فِيهَا وَهْمٌ، وَلِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ كَفَالَةً وَغَيْرَهَا مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، فَكَانَتْ بَاطِلَةً، وَالثَّانِي تَفْوِيضُ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ شِرَاءً، وَبَيْعًا، وَمُضَارَبَةً، وَتَوْكِيلًا وَابْتِيَاعًا فِي الذِّمَّةِ، وَمُسَافَرَةً بِالْمَالِ، وَارْتِهَانًا، وَضَمَانَ مَا يَرَى مِنَ الْأَعْمَالِ، فَشَرِكَةٌ صَحِيحَةٌ وَكَذَا لَوِ اشْتَرَكَا فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا إِنْ لَمْ يُدْخِلَا فِيهَا كَسْبًا نَادِرًا وَغَرَامَةً، وَأَطْلَقَ فِي " الْمُحَرَّرِ " إن شَرطَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا كَشَرْطٍ فَاسِدٍ، وَذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " قَوْلًا وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ شَرِيكِي فِي كُلِّ مَا يَحْصُلُ لِي بِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ مِنْ إِرْثٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهَا رِوَايَتَانِ، الْمَنْصُورُ لَا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
[مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ]
بَابُ الْمُسَاقَاةِ هِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ السَّقْيِ ; لِأَنَّهُ أَهَمُّ أَمْرِهَا، وَكَانَتِ النَّخْلُ بِالْحِجَازِ تُسْقَى نَضْحًا أَيْ مِنَ الْآبَارِ، فَيَعْظُمُ أَمْرُهُ، وَتَكْثُرُ مَشَقَّتُهُ، وَهِيَ عِبَارَةُ أَنْ يَدْفَعَ إِنْسَانٌ شَجَرَهُ إِلَى آخَرَ لِيَقُومَ بِسَقْيِهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ لَهُ مِنْ ثَمَرِهِ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَلَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ مَا يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ لِيَغْرِسَهُ، وَيَعْمَلَ عَلَيْهِ، وَلَا بِمَانِعٍ لِدُخُولِ مَا لَهُ ثَمَنٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالصَّنَوْبَرِ، وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهَا السُّنَّةُ، فَمِنْهَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ:«عَامَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ِأَهْلِ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: عَامَلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ِأَهْلِ خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ ثُمَّ أَهْلُوهُمْ إِلَى الْيَوْمِ يُعْطُونَ الثُّلُثَ أَوِ الرُّبُعَ، وَهَذَا عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ.
(تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ دَاوُدُ (وَفِي كُلِّ شَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَا شَجَرَ لَهُمْ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَى الثَّمَرِ فَفِي تَجْوِيزِ الْمُسَاقَاةِ دَفْعُ الْحَاجَتَيْنِ، وَحُصُولُ الْمَنْفَعَةِ لَهُمَا فَجَازَ كَالْمُضَارَبَةِ، وَالْمُنْتَفَعُ بِهِ كَالْمَأْكُولِ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى مَا لَا ثَمَرَ لَهُ كَالْجوزِ، أَوْ لَهُ ثَمَرٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالصَّنَوْبَرِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إِذْ لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ لَكِنْ إِنْ قُصِدَ وَرَقُهُ كَالتُّوتِ، أَوْ زَهْرُهُ كَالْوَرْدِ، فَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الثَّمَرَةِ لِكَوْنِهِ يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ، وَيُمْكِنُ أَخْذُهُ، وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ الْمَنْصُوصَ يَشْمَلُهُ (بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ) أَيْ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ كَالثُّلُثِ وَنَحْوِه لِلْخَبَرِ، لَا عَلَى صَاعٍ، أَوْ آصُعٍ، أَوْ ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْغَرَرِ، إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَحْصُلَ إِلَّا ذَلِكَ، فَيَتَضَرَّرُ الْمَالِكُ، أَوْ يَكْثُرُ الْحَاصِلُ فَيَتَضَرَّرُ الْعَامِلُ، وَتَكُونُ التَّسْمِيَةُ لَهُ ; لِأَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ بِالْأَصْلِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تِلْكَ الثَّمَرَةِ، فَلَوْ شَرَطَ لَهُ ثَمَرَ نَخْلٍ غَيْرِ الَّذِي سَاقَاهُ عَلَيْهِ، أَوْ ثَمَرَةَ سَنَةٍ غَيْرِ الَّذِي سَاقَاهُ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ لِمُخَالَفَةِ مَوْضُوعِهَا، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ السَّقْيِ وَالْبَعْلِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُهَا.
أَصْلٌ: لَا يُقَالُ ابْنُ عُمَرَ قَدْ رَجَعَ عَمَّا رَوَى لِقَوْلِهِ: «كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ» ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَمْلُ حَدِيثِ رَافِعٍ عَلَى مَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ ; لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَزَلْ يُعَامِلُ ِأَهْلِ خَيْبَرَ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ نَهْيُهُ عليه السلام عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ رَوَى طَاوُسٌ أَنَّ أَعْلَمَهُمْ - يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ - أَخْبَرَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَقَالَ ; «لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَرْضه خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ أَجْرًا مَعْلُومًا» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَدِيثُ رَافِعٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا