الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَا يُحْصَدُ إِلَّا مَرَّةً كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ مَبْقِيٌّ إِلَى الْحَصَادِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.
فَصْلٌ وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا، وَهُوَ مَا تَشَقَّقَ طَلْعُهُ فَالثَّمَرُ لِلْبَائِعِ مَتْرُوكًا فِي رُءُوسِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنْفَعَ لَهُ، وَقِيلَ: عَادَتُهُ (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرَةِ الَّتِي قَدْ أُبِّرَتْ، فَعَلَى هَذَا هُوَ لَهُ قَصِيلًا كَانَ، أَوْ حَبًّا مُسْتَتِرًا، أَوْ ظَاهِرًا مَعْلُومًا، أَوْ مَجْهُولًا لِكَوْنِهِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، فَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ وَعَدَمُ كَمَالِهِ.
تَنْبِيهٌ: حُكْمُ الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ وَقْتًا يُقْطَعُ فِيهِ إِلَّا أَنَّ الْعُرُوقَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا تُتْرَكُ فِي الْأَرْضِ لِلْبَقَاءِ فِيهَا، وَالْقَصَبُ كَالثَّمَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَقَصَبُ السُّكَّرِ كَالزَّرْعِ، وَقِيلَ: كَالْفَارِسِيِّ، فَإِنْ حَصَدَهُ قَبْلَ أَوَانِ حَصَادِهِ لِيَنْتَفِعَ بِالْأَرْضِ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا حَصَلَتْ مُسْتَثْنَاةً، وَعَلَى الْبَائِعِ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِصْلَاحٌ لِمُلْكِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا دَابَّةٌ كَبِيرَةٌ لَا تَخْرُجُ إِلَّا بِهَدْمِ الْبَابِ فَهَدَمَهُ كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.
أَصْلٌ: مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ مِنْ زَرْعٍ وَحَجَرٍ وَنَحْوِهِ يَلْزَمُهُ نَقْلُهُ، وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، وَإِنْ أَبَى النَّقْلَ فَلِلْمُشْتَرِي إِجْبَارُهُ عَلَى تَفْرِيغِ مُلْكِهِ وَتَسْوِيَتِهِ إِذَا ضَرَّ عِرْقُهُ بِالْأَرْضِ كَقُطْنٍ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَضُرَّ وَيَنْقُلُهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ لَيْلًا، وَلَا جَمْعُ الْحَمَّالِينَ لَهُ، فَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ نَقْلِهِ فَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَعَيْبٌ يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارَ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْسَاكِ مَعَ الْأَرْشِ، وَلَا أُجْرَةَ مُدَّةَ نَقْلِهِ، وَقِيلَ: مَعَ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: بَلَى، وَإِنْ لَمْ يَنْضَرَّ مُشْتَرٍ بِبَقَائِهِ فَفِي إِجْبَارِهِ وَجْهَانِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا بَاعَ بَيْتًا مَنْ دَارٍ، وَقَالَ: بِحُقُوقِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ سَمَّى الطَّرِيقَ وَعَيَّنَهُ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: إِنْ أَطْلَقَ الطَّرِيقَ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ، صَحَّ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْتِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا.
[حُكْمُ بَيْعِ النَّخْلِ الْمُؤَبَّرِ]
فَصْلٌ (وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا، وَهُوَ مَا تَشَقَّقَ طَلْعُهُ فَالثَّمَرُ لِلْبَائِعِ مَتْرُوكًا فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ إِلَى
النَّخْلِ إِلَى الْجَدَادِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَكَذَلِكَ الشَّجَرُ إِذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ بَادٍ كَالْعِنَبِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْجَدَادِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ) كَذَا ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَصْلُ التَّأْبِيرِ: التَّلْقِيحُ، وَهُوَ وَضْعُ الذَّكَرِ في الأنثى، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، ولهذا فسره بِالتَّشَقُّقِ، إِذِ الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُلَقَّحْ لِصَيْرُورَتِهِ فِي حُكْمِ عَيْنٍ أُخْرَى، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى التَّأْبِيرِ لِمُلَازَمَتِهِ التَّشَقُّقَ غَالِبًا، فَعَلَى هَذَا إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى نَخْلٍ مُثْمِرٍ، وَلَمْ يُشْتَرَطِ الثَّمَرَةُ وَكَانَتْ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَعَنْهُ: الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالتَّأْبِيرِ لَا بِالتَّشْقِيقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، فَبَعْدَهُ لِلْبَائِعِ، وَقَبْلَهُ لِلْمُشْتَرِي، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لِلْبَائِعِ لَا يَلْزَمُهُ قَطْعُهَا فِي الْحَالِ، إِذِ التَّفْرِيعُ جَارٍ عَلَى الْعُرْفِ فَيُتْرَكُ إِلَى تَنَاهِي حَلَاوَتِهِ إِلَّا أَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ بِأَخْذِهِ بُسْرًا، أَوْ يَكُونُ بُسْرُهُ خَيْرًا مِنْ رُطَبِهِ، فَإِنَّهُ يَجِدُهُ حِينَ اسْتِحْكَامِ حَلَاوَةِ بُسْرِهِ، وَلَوْ كَانَ بَقَاؤُهُ خَيْرًا لَهُ، كَمَا سَلَفَ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ قَطْعُ الثَّمَرَةِ لِتَضَرُّرِ الْأَصْلِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَشْرُطْهُ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ شَرَطَهُ دَخَلَ بِخِلَافِ وَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ تَدْخُلُ فِيهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ كَفَسْخٍ بِعَيْبٍ وَمُقَايَلَةٍ فِي بَيْعِ وَرُجُوعِ أَبٍ فِي هِبَةٍ. قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِبَيَانِ تَأْبِيرِ الْبَعْضِ، وَالنَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ إِذَا أَبَّرَ بَعْضَهَا، فَإِنَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ اتِّفَاقًا.
فَرْعٌ: كُلُّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَجْرِي مَجْرَى الْبَيْعِ فِي أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ تَكُونُ لِمَنِ انْتَقَلَ عَنْهُ الْأَصْلُ، وَغَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ لِمَنِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ، وَإِنِ انْتَقَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنَّهُ فِي الْفَسْخِ يَتْبَعُ الْأَصْلَ سَوَاءٌ أُبِّرَ أَوْ لَا، وَفِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ يَتْبَعُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ دُونَ مَا بَعْدَهُ.
فَائِدَتَانِ: الْأُولَى: طَلْعُ الْفُحَّالِ يُرَادُ لِلتَّلْقِيحِ كَطَلْعِ الْإِنَاثِ، وَقِيلَ: لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ تَشَقَّقَ طَلْعُهُ أَمْ لَا.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ شَرْطُ بَائِعٍ مَا لِمُشْتَرٍ، وَلَوْ قَبْلَ تَأْبِيرٍ وَلِبَعْضِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيِّ (وَكَذَلِكَ الشَّجَرُ إِذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ بَادٍ) أَيْ: ظَاهِرٌ (كَالْعِنَبِ، وَالتِّينِ، وَالتُّوتِ، وَالرُّمَّانِ، وَالْجَوْزِ) ؛ لِأَنَّ بُدُوَّ ذَلِكَ مِنْ شَجَرِهِ بِمَنْزِلَةِ ظُهُورِ الرُّطَبِ مِنْ طَلْعِهِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا قُدِّمَ قَوْلُ
وَالتِّينِ، وَالتُّوتِ، وَالرُّمَّانِ، وَالْجَوْزِ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ كَالْمِشْمِشِ وَالتُّفَّاحِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَاللَّوْزِ، وَمَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ كَالْوَرْدِ، وَالْقُطْنِ، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْوَرَقُ لِلْمُشْتَرِي بِكُلِّ حَالٍ، وَيُحْتَمَلُ فِي وَرَقِ التُّوتِ، والْمَقْصُودُ أَخْذُهُ أَنَّهُ، إِنْ تَفَتَّحَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ حَبًّا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ فَهُو
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَائِعٍ: إِنَّهُ بَدَا وَظَهَرَ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ مِنْ وَاهِبٍ ادَّعَى شَرْطَ ثَوَابٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ قِشْرَيْنِ كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ إِنْ تَشَقَّقَ الْأَعْلَى فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي.
(وَمَا ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ) أَيْ: زَهْرِهِ عَلَى أَيِّ لَوْنٍ كَانَ (كَالْمِشْمِشِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى (وَالتُّفَّاحِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَاللَّوْزِ) ، وَالْإِجَّاصِ، وَالْخَوْخِ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي.
وَقَالَ الْقَاضِي: مَا يَتَنَاثَرُ نَوْرُهُ كَتُفَّاحٍ، وَفِي " الْمُغْنِي ": وَعِنَبٍ يَمْتَنِعُ دُخُولُهُ بِتَنَاثُرِ نَوْرِهِ أَيْ: لِلْبَائِعِ بِظُهُورِ نَوْرِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلْعَ إِذَا تَشَقَّقَ كَانَ كَنَوْرِ الشَّجَرِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا فِي الطَّلْعِ هُوَ عَيْنٌ بِخِلَافِ النَّوْرِ، فَإِنَّهُ يَتَسَاقَطُ، وَالثَّمَرُ غَيْرُهُ (وَمَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ) وَاحِدُهُ كُمٌّ، وَهُوَ الْغِلَافُ وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي وِعَاءِ الطَّلْعِ (كَالْوَرْدِ، وَالْقُطْنِ) ، وَالْبَنَفْسَجِ، وَالْيَاسَمِينِ أَيْ: هُوَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ أَكْمَامِهِ بِمَنْزِلَةِ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ مِنَ الطَّلْعِ (وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتْبَعُ الْأَصْلَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي كَالْأَصْلِ (وَالْوَرَقُ لِلْمُشْتَرِي بِكُلِّ حَالٍ) كَالْأَغْصَانِ (وَيُحْتَمَلُ فِي وَرَقِ التُّوتِ) ، وَهُوَ الْفِرْصَادِ. قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ، وَقِيلَ: الْفِرْصَادُ اسْمٌ لِلثَّمَرَةِ، وَالتُّوتُ اسْمٌ لِلشَّجَرَةِ (وَالْمَقْصُودُ أَخْذُهُ أَنَّهُ إِنْ تَفَتَّحَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ) كَالثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِتَرْبِيَةِ الْقَزِّ (وَإِنْ كَانَ حَبًّا) أَيْ: لَمْ يَتَفَتَّحْ (فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) هَذَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي عَادَتُهُمْ أَخْذُ الْوَرَقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَادَةٌ كَانَ لِلْمُشْتَرِي كَسَائِرِ الْوَرَقِ (وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ) ، أَوْ تَشَقَّقَ طَلْعُ بَعْضِ النَّخْلِ (فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ دَلَّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّ الْمُؤَبَّرَ لِلْبَائِعِ وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ لِلْمُشْتَرِي (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ الْكُلُّ لِلْبَائِعِ)