الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَسْخُ عِنْدَ تَقَضِّي كُلِّ شَهْرٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ: لَا يَصِحُّ.
فَصْلٌ
الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً مَقْصُودَةً، فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الزِّنَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْعِلْمَ بِالْمَنْفَعَةِ، فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُ الْإِجَارَةُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَمَا بَعْدَهُ يَكُونُ مُرَاعًى، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَكُلَّمَا دَخَلَ شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ) وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ; لِأَنَّ دُخُولَهُ بِمَنْزِلَةِ إِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى عَيْنِهِ ابْتِدَاءً (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) بِأَنْ يَقُولَ: فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ بِفَسْخٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَمْ يَثْبُتْ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "(عِنْدَ تَقَضِّي كُلِّ شَهْرٍ) لِأَنَّ اللُّزُومَ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الدُّخُولِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ إِيقَاعِ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الشَّهْرِ الْآخَرِ يَلْزَمُ، وَلَمْ يَمْلِكَا الْفَسْخَ.
قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: يَلْزَمُ بَقِيَّةَ الشُّهُورِ إِذَا شُرِعَ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ الْفَسْخُ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي، وَبِهِ قَطَعَ الْمَجْدُ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ حَمْدَانَ مَذْهَبًا، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " إِذَا تَرَكَ التَّلَبُّسَ بِهِ فَهُوَ كَالْفَسْخِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِعَدَمِ الْعَقْدِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ) وَابْنُ عَقِيلٍ حَكَاهُ عَنْهُ فِي " الشَّرْحِ "(لَا يَصِحُّ) الْعَقْدُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَجْهُولَةٌ، وَحَمَلَا كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ أَمَّا لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ دَارِي عِشْرِينَ شَهْرًا كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ فَهُوَ جَائِزٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; لِأَنَّ الْمُدَّةَ وَالْأَجْرَ مَعْلُومَانِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ ; لِأَنَّهَا مُدَّةٌ وَاحِدَةٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: أَجَرْتُكَ عِشْرِينَ شَهْرًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: آجَرْتُكَ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ تَلَبَّسَ بِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَجَرْتُكَ هَذَا الشَّهْرَ بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ شَهْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِدِرْهَمٍ صَحَّ فِي الْأَوَّلِ وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ.
[الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً]
فَصْلٌ (الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً) لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي
وَالزَّمْرِ وَالْغِنَاءِ، وَلَا إِجَارَةُ الدَّارِ لِتُجْعَلَ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ لِبَيْعِ الْخَمْرِ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَيُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " كَإِجَارَةِ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا، وَشَجَرٍ لِنَشْرِ ثِيَابِهِ وَقُعُودِهِ بِظِلِّهِ (مَقْصُودَةً) فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ شَمْعٍ لِيَتَجَمَّلَ بِهِ وَيَرُدَّهُ، وَطَعَامٍ لِيَتَجَمَّلَ بِهِ عَلَى مَائِدَتِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ، وَلَا ثَوْبٍ يُوضَعُ عَلَى سَرِيرِ الْمَيِّتِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَلِأَنَّ مَا لَا يُقْصَدُ لَا يُقَابَلُ بِالْعِوَضِ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مُتَقَوَّمَةً، فَلَوِ اسْتَأْجَرَ تُفَّاحَةً لِلشَّمِّ لَمْ يَصِحَّ، وَمَمْلُوكَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوِ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبِ الْمُؤَجِّرِ فَلَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ (فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الزِّنَا وَالزَّمْرِ وَالْغِنَاءِ) لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ مَطْلُوبٌ عَدَمُهَا، وَصِحَّةُ الْإِجَارَةِ تُنَافِيهَا، إِذِ الْمَنْفَعَةُ الْمُحَرَّمَةُ لَا تُقَابَلُ بِالْعِوَضِ فِي الْبَيْعِ، فَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ أَشْبَهَ إِجَارَةَ أَمَتِهِ لِلزِّنَا.
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا فِي الْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ (وَلَا إِجَارَةُ الدَّارِ لِتُجْعَلَ كَنِيسَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ) مَعَ ظَنِّ الْفِعْلِ سَوَاءٌ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا، وَالْمُرَادُ بِهَا النَّارُ الَّتِي يَعْبُدُهَا الْمَجُوسُ أَوْ مَنْ يَعْبُدُهَا (أَوْ لِبَيْعِ الْخَمْرِ) وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فَلَمْ تَجُزِ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ كَإِجَارَةَ عَبْدِهِ لِلْفُجُورِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْإِعَانَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.
(وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْمَيْتَةِ) أَيْ لِلْأَكْلِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُضْطَرُّ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " وَغَيْرِهَا (وَالْخَمْرِ) أَيْ لِلشُّرْبِ ; لِأَنَّهُ عليه السلام لَعَنَ حَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَيَصِحُّ لِإِلْقَائِهَا وَإِرَاقَتِهَا، وَفِي " الْفُرُوعِ " إِنَّ طَرْحَهَا كَأَكْلِهَا (وَعَنْهُ: يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ (وَيُكْرَهُ أَكْلُ أُجْرَتِهِ) لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُرْمَتِهِ، وَعَنْهُ فِيمَنْ حَمَلَ خِنْزِيرًا لِذِمِّيَّةٍ أَوْ خَمْرًا لِنَصْرَانِيٍّ: أَكْرَهُ أَكْلَ أُجْرَتِهِ، وَيُقْضَى لِلْحَمَّالِ بِالْكِرَاءِ، فَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ فَهُوَ أَشَدُّ.
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيُرِيقَهَا، فَأَمَّا لِلشُّرْبِ فَمَحْظُورٌ لَا