الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ
وَهُوَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا: خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَيَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ، وَالصُّلْحُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: إِذَا بَاعَهُ صُبْرَةً عَلَى أَنَّهَا خَمْسَةُ أَقْفِزَةٍ فَبَانَتْ سِتَّةً رَدَّ الزَّائِدَ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي؛ إِذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي رَدِّ الزَّائِدِ، وَإِنْ بَانَتْ أَقَلَّ أَخَذَهَا بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقَدْرِ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَاقِي مِنَ الْمَكِيلِ، وَقِيلَ: بَلَى لِنُقْصَانِهَا وَكَغَيْرِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ]
[أَقْسَامُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ]
[الْأَوَّلُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ]
بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارُ: اسْمُ مَصْدَرٍ مِنِ اخْتَارَ يَخْتَارُ اخْتِيَارًا، وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ إِمْضَائِهِ أَوِ الْفَسْخِ.
(وَهُوَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ) وَسَيَأْتِي (أَحَدُهَا: خِيَارُ الْمَجْلِسِ) وَهُوَ - بِكَسْرِ اللَّامِ - مَوْضِعُ الْجُلُوسِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَكَانُ التَّبَايُعِ (وَيَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقَدْ أَنْكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَالِكٍ مُخَالَفَتَهُ لِلْحَدِيثِ مَعَ رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَدْرِي هَلْ مَالِكٌ اتَّهَمَ نَفْسَهُ، أَوْ نَافِعًا وَأُعْظِمُ أَنْ أَقُولَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ انْتَهَى. وَاعْتِرَاضُ الْمَالِكِيِّ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَدْفُوعٌ بِمُخَالَفَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَإِنْ قِيلَ: هُوَ خَبَرُ آحَادٍ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، فَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ مُسْتَفِيضٌ فَإِنَّهُ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَجَابِرٍ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: الْبَيْعُ صَفْقَةٌ أَوْ خِيَارٌ، وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ كَالنِّكَاحِ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّفَرُّقِ فِي الْخَبَرِ التَّفَرُّقُ بِالْأَقْوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البينة: 4]
بِمَعْنَاهُ، وَالْإِجَارَةِ وَيَثْبُتُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ، وَعَنْهُ: لَا يَثْبُتُ فِيهِمَا، وَلَا يَثْبُتُ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ إِلَّا فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْحَوَالَةِ وَالسَّبَقِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَلِكُلِّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلِقَوْلِهِ عليه السلام: «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي» الْخَبَرَ، فَالْجَوَابُ بِأَنَّ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْقَسِمُ إِلَى بَيْعِ شَرْطٍ فِيهِ الْخِيَارُ، وَبَيْعٍ لَمْ يَشْرُطْ فِيهِ وَسَمَّاهُ صَفْقَةً لِقِصَرِ مُدَّةِ الْخِيَارِ مَعَ أَنَّ الْجُوزَجَانِيَّ رَوَى عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ سَلِمَ فَقَدْ خَالَفَهُ جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَالْقِيَاسُ مَدْفُوعٌ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَقَعُ إِلَّا بَعْدَ تَرَوٍّ وَنَظَرٍ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِذْهَابِ حُرْمَةِ الْمَرْأَةِ وَرَدِّهَا وَإِلْحَاقِهَا بِالسِّلَعِ الْمَبِيعَةِ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَفَرُّقٌ بِقَوْلٍ وَلَا اعْتِقَادٍ، وَلِأَنَّهُ تَبْطُلُ فَائِدَةُ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُمَا الْخِيَارَ بَعْدَ تَبَايُعِهِمَا، وَفَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ بِأَنَّهُ كَانَ يَمْشِي خُطُوَاتٍ لِيَلْزَمَ الْبَيْعُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، وَالْهِبَةُ بِعِوَضٍ؛ إِذِ الْمُغَلَّبُ فِيهَا حُكْمُ الْبَيْعِ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَالْقِسْمَةُ إِنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْكِتَابَةُ، وَمَا تَوَلَّاهُ وَاحِدٌ كَالْأَبِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا فِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْأَشْهَرِ، كَمَا لَوْ بَاشَرَ عِتْقَهُ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رِوَايَةٌ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ مَجْلِسٍ فِي بَيْعٍ وَعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ (وَالصُّلْحُ بِمَعْنَاهُ) أَيْ: بِمَعْنَى الْبَيْعِ، كَمَا إِذَا أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَيَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ (وَالْإِجَارَةِ) لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَثْبُتُ فِيهَا كَالْبَيْعِ، وَقِيلَ: لَا تَلِي مُدَّتُهَا الْعَقْدَ (وَيَثْبُتُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ) عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الْقَبْضُ، وَهُوَ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ (وَعَنْهُ: لَا يَثْبُتُ فِيهِمَا) كَخِيَارِ الشَّرْطِ، وَلِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ فِي الْحَالِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ يُنَافِيهِ (وَلَا يَثْبُتُ فِي سَائِرِ) أَيْ: بَاقِي (الْعُقُودِ) سَوَاءٌ كَانَ لَازِمًا مِنَ الطَّرَفَيْنِ كَالنِّكَاحِ وَالْخَلْعِ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ مِنْهُ الْفِرْقَةَ كَالطَّلَاقِ، وَكَذَا الْقَرْضُ وَالْوَقْفُ وَالضَّمَانُ وَالْهِبَةُ الْخَالِيَةُ عَنْ عِوَضٍ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ دَخَلَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْحَظَّ لِغَيْرِهِ، أَوْ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ فِيهِ لَبَقِيَ الْحَقُّ بِلَا رَهْنٍ فَيَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ، أَوْ جَائِزًا مِنَ الطَّرَفَيْنِ كَالْوِكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْجَعَالَةِ، وَأَمَّا الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ فَقَالَ (إِلَّا فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْحَوَالَةِ وَالسَّبَقِ فِي أَحَدِ
وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فِي أَبْدَانِهِمَا إِلَّا أَنْ يَتَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوَجْهَيْنِ) إِذِ الْمُسَاقَاةُ وَالسَّبَقُ إِجَارَةٌ فِي وَجْهٍ، وَالْحَوَالَةُ بَيْعٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ عَقْدٌ جَائِزٌ، وَالْحَوَالَةُ إِمَّا إِسْقَاطٌ، أَوْ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ، وَالسَّبَقُ جَعَالَةٌ. وَكَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا) عُرْفًا، وَلَوْ طَالَ الْمَجْلِسُ بِنَوْمٍ، أَوْ تَسَاوَقَا بِالْمَشْيِ، أَوْ فِي سَفِينَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ أَقْبَضَهُ فِي الصَّرْفِ، وَقَالَ أَمْشِي مَعَكَ حَتَّى أُعْطِيَكَ، وَلَمْ يَفْتَرِقَا جَازَ، نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَهُوَ شَامِلٌ إِذَا حَصَلَتِ الْفُرْقَةُ بِهَرَبٍ كَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَحْرُمُ الْفُرْقَةُ خَشْيَةَ الاستقالة لظاهر خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَهُ أَحْمَدُ، أَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَوْ جَهْلٍ، وَكَذَا بِإِكْرَاهٍ فِي وَجْهٍ، إِذِ الرِّضَى فِي مُعْتَبَرٍ، كَمَا لَا يُعْتَبَرُ الرِّضَى فِي الْفَسْخِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَوْرَدَهُ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ ": مَذْهَبًا أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُ الْمُكْرَهِ، فَيَكُونُ الْخِيَارُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي زَالَ عَنْهُ الْإِكْرَاهُ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى كَلَامٍ يَقْطَعُ بِهِ خِيَارَهُ انْقَطَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَخَصَّ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " الْخِلَافَ بِمَا إِذَا أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا، فَلَوْ أُكْرِهَا زَالَ خِيَارُهُمَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَبْقَى خِيَارُهُمَا وَجَعَلَ مِنْهُمَا مَا إِذَا رَأَيَا سَبْعًا، أَوْ ظَالِمًا يُؤْذِيهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا: لِأَنَّهَا أَعْظَمُ الْفِرْقَتَيْنِ لَا الْجُنُونُ، وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إِذَا أَفَاقَ، وَفِي " الشَّرْحِ " إِنْ خُرِسَ وَلَمْ تُفْهَمْ إِشَارَتُهُ، أَوْ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ.
بَيَانٌ: الْمَرْجِعُ فِي التَّفَرُّقِ إِلَى الْعُرْفِ لِعَدَمِ بَيَانِهِ فِي الشَّرْعِ، فَإِنْ كَانَا فِي فَضَاءٍ مَشَى أَحَدُهُمَا مُسْتَدْبِرًا لِصَاحِبِهِ خُطُوَاتٍ قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَقِيلَ: يَبْعُدُ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ كَلَامُهُ الْمُعْتَادُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي
بَيْنَهُمَا، أَوْ يُسْقِطَا الْخِيَارَ بَعْدَهُ فَيَسْقُطُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَحَدُهُمَا بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْكَافِي "، وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ فَمِنْ بَيْتٍ إِلَى آخَرَ، أَوْ مَجْلِسٍ، أَوْ صِفَةٍ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُفَارِقًا، وَفِي صَغِيرَةٍ يَصْعَدُ أَحَدُهُمَا السَّطْحَ، أَوْ يَخْرُجُ مِنْهَا كَسَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ، وأما الكبيرة فَيَصْعَدُ أَحَدُهُمَا أَعْلَاهَا وَيَنْزِلُ الْآخَرُ أَسْفَلَهَا.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُئِلَ ثَعْلَبٌ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّفَرُّقِ وَالِافْتِرَاقِ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ عَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: يُقَالُ فَرَقْتَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ - مُخَفَّفًا - فَافْتَرَقَا، وَفَرَّقْتَ بَيْنَ اثْنَيْنِ - مُشَدَّدًا - فَتَفَرَّقَا، فَجَعَلَ الِافْتِرَاقَ فِي الْأَقْوَالِ، وَالتَّفَرُّقَ فِي الْأَبْدَانِ (إِلَّا أَنْ يَتَبَايَعَا عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ بَيْنَهُمَا، أَوْ يُسْقِطَا الْخِيَارَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الْبَيْعِ (فَيَسْقُطُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ "، وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " لِقَوْلِهِ عليه السلام:«فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» أَيْ: لَزِمَ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَنْ خِيَارٍ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ عَنْ خِيَارٍ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» وَالثَّانِيَةُ: لَا يَسْقُطُ فِيهِمَا وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ، وَابْنِ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَحَادِيثِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ» من غير زِيَادَةٌ، وَقَوْلَ الْأَكْثَرِ ذَوِي الضَّبْطِ مُقَدَّمٌ عَلَى رِوَايَةِ الْمُنْفَرِدِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَخْذَ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الزِّيَادَةُ أَوْلَى (وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَحَدُهُمَا بَقِيَ خِيَارُ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهُ خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ، فَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّ مَنْ لَمْ يُسْقِطْهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُ الْقَائِلِ؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ.