الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَرْبِ، كَمَا يَحْرُمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ
وَمَنْ بَاعَ دَارًا تَنَاوَلَ الْبَيْعُ أَرْضَهَا وَبِنَاءَهَا، وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا كَالسَّلَالِيمِ، وَالرُّفُوفِ الْمُسَمَّرَةِ، وَالْأَبْوَابِ الْمَنْصُوبَةِ، وَالْخَوَابِي الْمَدْفُونَةِ، وَالرَّحَا الْمَنْصُوبَةِ، وَلَا يَدْخُلُ مَا هُوَ مُودَعٌ فِيهَا مِنَ الْكَنْزِ، وَالْأَحْجَارِ الْمَدْفُونَةِ، وَلَا الْمُنْفَصِلُ مِنْهَا كَالْحَبْلِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَهُوَ مُحَرَّمٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَقِيقِهِ، وَلَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ ولَدٍ مُطْلَقًا، أَوْ مُكَاتَبًا فِي مَالِ الْكِتَابَةِ.
[بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ]
الْأُصُولُ: جَمْعُ أَصْلٍ، وَهُوَ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَرْضُونَ وَالْأَشْجَارُ، وَالثِّمَارُ: جَمْعُ ثَمَرٍ كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ وَوَاحِدُ الثَّمَرِ ثَمَرَةٌ، وَجَمْعُ الثِّمَارِ ثَمَرٌ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَجَمْعُ ثَمَرٍ أَثْمَارٌ كَعُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ فَهُوَ رَابِعُ جَمْعٍ.
(وَمَنْ بَاعَ دَارًا تَنَاوَلَ الْبَيْعُ أَرْضَهَا) أَيْ: إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ يَصِحُّ بَيْعُهَا، فَإِنْ لَمْ يَجُزْ كَسَوَادِ الْعِرَاقِ، فَلَا (وَبِنَاءَهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي مُسَمَّى الدَّارِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَصْحَابُ لِذِكْرِ حَرِيمِهَا (وَ) تَنَاوَلَ (مَا يَتَّصِلُ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا كَالسَّلَالِيمِ) وَاحِدُهَا: سُلَّمٌ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ، وَهُوَ الْمَرْقَاةُ وَالدَّرَجَةُ، وَلَفْظُهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّلَامَةِ (وَالرُّفُوفِ الْمُسَمَّرَةِ) ، وَهُوَ شَرْطٌ فِي السَّلَمِ وَحُذِفَ مِنْهُ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ (وَالْأَبْوَابِ الْمَنْصُوبَةِ) وَحَلَقِهَا (وَالْخَوَابِي الْمَدْفُونَةِ، وَالرَّحَا الْمَنْصُوبَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا أَشْبَهَ الْحِيطَانَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْخَوَابِيَ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَدْفُونَةً، وَحَجَرَ الرَّحَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا أَشْبَهَ الطَّعَامَ، وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهَا الْمَعْدِنُ الْجَامِدُ، وَعَنْهُ: وَالْجَارِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهَا فَهُوَ كَأَحْجَارِهَا، لَكِنْ لَا يُبَاعُ مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَيُبَاعُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهِ الْبَائِعُ فَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا هَذَا إِذَا مَلَكَ الْأَرْضَ بِإِحْيَاءٍ أَوْ إِقْطَاعٍ، وَإِنْ كَانَ بِبَيْعٍ فَوَجْهَانِ (وَلَا يَدْخُلُ مَا هُوَ مُودَعٌ فِيهَا مِنَ الْكَنْزِ) ، وَهُوَ الْمَالُ الْمَدْفُونُ (وَالْأَحْجَارُ الْمَدْفُونَةُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُودَعٌ فِيهَا كَالْفَرْشِ، وَالسُّتُورِ (وَلَا الْمُنْفَصِلُ مِنْهَا كَالْحَبْلِ، وَالدَّلْوِ، وَالْبَكَرَةِ، وَالْقُفْلِ، وَالْفَرْشِ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَشْمَلُهُ، وَلَا هُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا،
وَالدَّلْوِ، وَالْبَكَرَةِ، وَالْقُفْلِ، وَالْفَرْشِ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ مَصَالِحِهَا كَالْمِفْتَاحِ وَحَجَرِ الرَّحَا الْفَوْقَانِيِّ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ بَاعَ أَرْضًا بِحُقُوقِهَا دَخَلَ غِرَاسُهَا وَبِنَاؤُهَا فِي الْبَيْعِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَشْبَهَ الْمُودَعَ فِيهَا، وَكَذَا حُكْمُ الرَّفِّ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْوَتَدِ مِنْ غَيْرِ سَمْرٍ، وَلَا غَرْزٍ فِي الْحَائِطِ (فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ مَصَالِحِهَا)، وَهُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا (كَالْمِفْتَاحِ وَحَجَرِ الرَّحَا الْفَوْقَانِيِّ) إِذَا كَانَ السُّفْلَانِيُّ مَنْصُوبًا (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَشْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الدَّارِ لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَلَا هُوَ مُتَّصِلٌ لِمَصْلَحَتِهَا أَشْبَهَ الْقُفْلَ، وَالثَّانِي: بَلَى؛ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهَا أَشْبَهَ الْمَنْصُوبَ فِيهَا، وَفِي الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ الْمَغْرُوسِ فِيهَا احْتِمَالَانِ.
فَرْعٌ: إِذَا كَانَ فِيهَا بِئْرٌ، أَوْ عَيْنٌ مُسْتَنْبَطَةٌ فَنَفْسُ الْبِئْرِ وَأَرْضُ الْعَيْنِ مَمْلُوكَةٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَالْمَاءُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِنْ بَاعَ أَرْضًا بِحُقُوقِهَا دَخَلَ غِرَاسُهَا وَبِنَاؤُهَا فِي الْبَيْعِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ وَيَتْبَعَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ لِلْبَقَاءِ فِيهَا، وَلَيْسَ لِانْتِهَائِهِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ، وَالرَّهْنُ كَالْبَيْعِ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَظْهَرُهُمَا: يَدْخُلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِيهَا بِالْإِطْلَاقِ كَطُرُقِهَا وَمَنَافِعِهَا، وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنَ الْأَرْضِ، فَلَمْ يَدْخُلَا كَالثَّمَرَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تُرَادُ لِلنَّقْلِ وَلَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِهَا بِخِلَافِ الشَّجَرِ، وَالْبِنَاءِ، وَعَلَى هَذَا لِلْبَائِعِ تَبْقِيَتُهُ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " هَلْ يَتْبَعُهَا فِي الرَّهْنِ كَالْبَيْعِ إِذَا قُلْنَا يَدْخُلُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ لِضَعْفِهِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ، وَالْوَقْفُ وَنَحْوُهُمَا.
فَرْعٌ: إِذَا بَاعَهُ قَرْيَةً لَمْ يَدْخُلْ مَزَارِعَهَا إِلَّا بِذِكْرِهَا، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": أَوْ قرينه.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَوْلَى كَالْمُسَاوَمَةِ عَلَى أَرْضِهَا، وَلَا يَدْخُلُ زَرْعٌ، وَلَا بَذْرٌ وَحُكْمُ الْغَرْسِ فِي بُنْيَانِهَا حُكْمُ الْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا بَاعَهُ بُسْتَانًا دَخَلَ فِيهِ الشَّجَرُ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَرْضِ، وَالشَّجَرِ، وَالْحَائِطِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَرْضَ الْمَكْشُوفَةَ لَا تُسَمَّى بِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبِنَاءُ كَالشَّجَرِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالرَّطْبَةِ، وَالْبُقُولِ، أَوْ تُكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ كَالْقِثَّاءِ، وَالْبَاذِنْجَانِ فَالْأُصُولُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَاللَّقْطَةُ الظَّاهِرَةُ مِنِ الْقِثَّاءِ، وَالْبَاذِنْجَانِ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقِيلَ: لَا لِعَدَمِ الِافْتِقَارِ إِلَيْهِ، فَإِنْ بَاعَهُ شَجَرًا لَمْ تَدْخُلِ الْأَرْضُ، ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا، لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَتَنَاوَلُهَا، وَلَا هِيَ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ، فَإِنْ بَاعَهُ شَجَرَةً فَلَهُ تَبْقِيَتُهَا فِي أَرْضِ الْبَائِعِ كَالثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَبْقَى بِالْأُجْرَةِ، إِذْ مَغْرِسُهَا لِلْبَائِعِ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُ: وَيَثْبُتُ حَقُّ الِاخْتِيَارِ وَلَهُ الدُّخُولُ لِمَصَالِحِهَا (وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالرَّطْبَةِ) وَهِيَ الْغَضَّةُ، فَإِذَا يَبِسَتْ فَيُقَالُ لَهَا: قَتٌّ. قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ (وَالْبُقُولِ) ، وَهُوَ مَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ (أَوْ تَكَرَّرَتْ ثَمَرَتُهُ كَالْقِثَّاءِ، وَالْبَاذِنْجَانِ فَالْأُصُولُ لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ أَشْبَهَ الشَّجَرَ (وَالْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ، وَاللَّقْطَةُ الظَّاهِرَةُ مِنِ الْقِثَّاءِ، وَالْبَاذِنْجَانِ لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ أَشْبَهَ ثَمَرَةَ الشَّجَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَبْقَى سَنَةً كَهِنْدَبَا، أَوْ أَكْثَرَ كَرَطْبَةٍ، لَكِنْ عَلَى الْبَائِعِ قَطْعُ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُ فِي الْحَالِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَيَطُولُ زَمَنُهُ مَا كَانَ ظَاهِرًا (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ) ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ أُبِّرَ وَاشْتَرَطَهُ كَانَ لَهُ، فَكَذَا هُنَا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُؤْخَذُ زَهْرُهُ وَتَبْقَى عُرُوقُهُ فِي الْأَرْضِ كَالْبَنَفْسَجِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ كَالرَّطْبَةِ وَكَذَلِكَ وَرَقُهُ وَأَغْصَانُهُ، فَأَمَّا زَهْرَتُهُ، فَإِنْ تَفَتَّحَتْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْبَائِعَ إِنْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ بِحُقُوقِهَا دَخَلَ فِيهَا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ كَالشَّجَرِ (وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَا يُحْصَدُ إِلَّا مَرَّةً كَالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ) ، وَالْجَزَرِ، وَالْفُجْلِ، وَالْفُومِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ (فَهُوَ لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ كَالْكَنْزِ وَالْقُمَاشِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا (مَبْقِيٌّ إِلَى الْحَصَادِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعُرْفُ فِي نَقْلِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ كَالثَّمَرَةِ تُبَاعُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَبْقَى بِغَيْرِ أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّه الْمَنْفَعَةَ حَصَلَتْ مُسْتَثْنَاةً، وَعَلَيْهِ حَصَادُهُ فِي أَوَّلِ وَقْتِ أَخْذِهِ حَسَبَ الْعَادَةِ زَادَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَلَوْ كَانَ بَقَاؤُهُ