الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ
تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ مِنَ الزَّرْعِ
فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ][تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ مِنَ الزَّرْعِ]
ُ هِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الزَّرْعِ، وَهِيَ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُهُ، وَيَقُومُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ.
(تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ) مُشَاعٍ (يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ مِنَ الزَّرْعِ) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتٍ إِلَّا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ، وَزَارَعَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَسَعْدٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَآلُ أَبِي بَكْرٍ، وَآلُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَعَامَلَ عُمَرُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَاءَ بِالْبَذْرِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا.
وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمُسَاقَاةِ رِوَايَةً بِمَنْعِهَا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأَمْرَانِ، وَحَدِيثُ رَافِعٍ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَفِيهِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَدْ أَنْكَرَهُ فَقِيهَانِ مِنَ الصَّحَابَةِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، لَا يُقَالُ: أَحَادِيثُكُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَيْنَ النَّخِيلِ، وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ عَلَى الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ ; لِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ أَوْجُهٍ: أَوَّلًا: أَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ بَلْدَةٌ كَبِيرَةٌ يَأْتِي مِنْهَا أَرْبَعُونَ أَلْفَ وَسْقٍ لَيْسَ فِيهَا أَرْضٌ بَيْضَاءُ، وَتَبْعُدُ مُعَامَلَتُهُمْ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِنَقْلِ الرُّوَاةِ الْقِصَّةَ عَلَى الْعُمُومِ، ثَانِيًا: لَا دَلِيلَ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَمَا قُلْنَاهُ وَرَدَ مُفَسَّرًا، ثَالِثًا: إِنَّ قَوْلَكُمْ يُفْضِي إِلَى تَقْيِيدِ كُلٍّ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، رَابِعًا: إِنَّ عَمَلَ الْخُلَفَاءِ وَالْفُقَهَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ دَالٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، خَامِسًا: إِنْ مَذْهَبَنَا صَارَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِيهِ ; لِأَنَّ الْأَرْضَ عَيْنٌ تُنْمى بِالْعَمَلِ، فَجَازَتِ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهَا بِبَعْضِ نَمَائِهَا كَالْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَالنَّخْلِ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَيْهَا لِكَوْنِ أَصْحَابِ الْأَرْضِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى زَرْعِهَا، وَالْأَكْثَرُ يَحْتَاجُونَ إِلَى الزَّرْعِ وَلَا أَرْضَ، فَاقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ جَوَازَهَا.
شَجَرٌ فَزَارَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ صَحَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ، وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ بَذْرِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هِيَ أَحَلُّ مِنَ الْإِجَارَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ (فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ شَجَرٌ فَزَارَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ صَحَّ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدٌ لَوِ انْفَرَدَ لَصَحَّ، فَكَذَا إِذَا اجْتَمَعَا، وَسَوَاءٌ قُلَّ بَيَاضُ الْأَرْضِ أَوْ كَثُرَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ تَسَاوَى نَصِيبُ الْعَامِلِ فِيهِمَا أَوِ اخْتَلَفَ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْمُعَامَلَةِ أَوِ الْمُسَاقَاةَ فَلَوْ زَارَعَهُ عَلَى أَرْضٍ فِيهَا شَجَرٌ لَمْ يَجُزْ لِلْعَامِلِ اشْتِرَاطُ ثَمَرَتِهَا ; لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ كُلَّ الثَّمَرَةِ، فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ كَانَ الشَّجَرُ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ.
فَرْعٌ: لَا تَجُوزُ إِجَارَةُ أَرْضٍ وَشَجَرٌ فِيهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: أَخَافُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لَمْ يُثْمِرْ، وَذَكَرَ أَبُو عُبِيدٍ تَحْرِيمَهُ إِجْمَاعًا، وَجَوَّزَهُ ابْنُ عَقِيلٍ تَبَعًا وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ أَكْثَرَ ; لِأَنَّ عُمَرَ ضَمِنَ حَدِيقَةَ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ لَمَّا مَاتَ ثَلَاثَ سِنِينَ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ، رَوَاهُ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّهُ وَضَعَ الْخَرَاجَ عَلَى أَرْضِ الْخَرَاجِ وَهُوَ أُجْرَةٌ.
وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِجَارَةَ الشَّجَرِ مُفْرَدًا، وَيَقُومُ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَأَرْضٍ لِزَرْعٍ، فَإِنْ تَلِفَتِ الثَّمَرَةُ فَلَا أُجْرَةَ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنِ الْعَادَةِ فَالْفَسْخُ أَوِ الْأَرْشُ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ كَجَائِحَةٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ) فَيَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهُ الْعَامِلُ فِي قَوْلِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْمُزَارَعَةِ قَضِيَّةُ خَيْبَرَ، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْبَذْرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَاخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي نَمَائِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَالْمُضَارَبَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ نَصٍّ، ثُمَّ هُوَ مَنْقُوضٌ بِمَا إِذَا اشْتَرَكَ مَالَانِ وَبَدَنُ أَحَدِهِمَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ الْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَشَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ فِي الزَّرْعِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ قِيلَ بِصِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ، أَوْ فَسَادِهَا، فَإِنْ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ حَكَمْنَا بِفَسَادِهَا فَعَلَى الْعَامِلِ نِصْفُ أَجْرِ الْأَرْضِ، وَلَهُ عَلَى رَبِّهَا نِصْفُ أَجْرِ عَمَلِهِ،