الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا رِضَا الْمُحْتَالِ إِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَلِيئًا وَإِنْ ظَنَّهُ مليئا فبان
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جُوِّزَتْ مَعَ الِاخْتِلَافِ لَصَارَ الْمَطْلُوبُ مِنْهَا الْفَضْلَ فَتَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهَا وَاكْتَفَى بِمَا ذَكَرَهُ عَنْ ذِكْرِ التَّسَاوِي فِي الْقَدْرِ، لِأَنَّ الْأَجَلَ إِذَا مُنِعَ لِكَوْنِهِ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ تَقْدِيرًا فَالزِّيَادَةُ الْمُحَقَّقَةُ أَوْلَى.
فَرْعٌ: إِذَا صَحَّتِ الْحَوَالَةُ فَتَرَاضَيَا بِأَنْ يَدْفَعَ خَيْرًا مِنْ حَقِّهِ، أَوْ بِدُونِهِ فِي الصِّفَةِ، أَوْ تَعْجِيلِهِ، أَوْ تَأْجِيلِهِ، أَوْ عِوَضِهِ جَازَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَذَكَرَ فِي " التَّرْغِيبِ " الْأَوَّلَةَ فَظَاهِرُهُ مَنْعُ عِوَضِهِ. وَنَقَلَ سِنْدِيٌّ فِيمَنْ أَحَالَهُ عَلَيْهِ بِدِينَارٍ فَأَعْطَاهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا: لَا يَنْبَغِي إِلَّا مَا أَعْطَاهُ.
[الثَّالِثُ أَنْ يُحِيلَ بِرِضَاهُ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ]
(وَالثَّالِثُ: أَنْ يُحِيلَ بِرِضَاهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ، وَعِلْمِ الْمَالِ، لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ بَيْعًا، فَلَا تَصِحُّ فِي مَجْهُولٍ، وَإِنْ كَانَتْ تُحَوِّلُ الْحَقَّ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا التَّسْلِيمُ، وَالْجَهَالَةُ تَمْنَعُ مِنْهُ فَتَصِحُّ فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ فِي الذِّمَّةِ بِالِائْتِلَافِ مِنَ الْأَثْمَانِ، وَالْحُبُوبِ، وَالْأَدْهَانِ، فَلَا تَصِحُّ بِمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ كَالْجَوْهَرِ، وَفِيمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ كَالْمَذْرُوعِ، وَالْمَعْدُودِ وَجْهَانِ، وَفِي الْحَوَالَةِ بِإِبِلِ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ مِثْلُهَا وَجْهَانِ، فَإِنْ أَحَالَ بِإِبِلِ الدِّيَةِ عَلَى إِبِلِ الْقَرْضِ، صَحَّ إِنْ قِيلَ: يَرُدُّ فِيهِ الْمِثْلَ، وَإِنْ قُلْنَا بِرَدِّ الْقِيمَةِ، فَلَا لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَمْ تَصِحَّ مُطْلَقًا (وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ) ، لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ، وَقَدْ أَقَامَ الْمُحْتَالَ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي الْقَبْضِ فَلَزِمَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إِلَيْهِ كَالْوَكِيلِ (وَلَا رِضَا الْمُحْتَالِ إِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَلِيئًا) بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ نَصَّ عَلَيْهِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَفُسِّرَ الْمَلِيءُ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ الْعِجْلِيِّ أَنْ يَكُونَ مَلِيئًا بِمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَبَدَنِهِ، فَمَالُهُ: الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ. وَقَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ مُمَاطِلًا، وَبَدَنُهُ: إِمْكَانُ حُضُورِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِي " الشَّرْحِ "، وَ " الْمُحَرَّرِ " مَالُهُ:
مُفْلِسًا، وَلَمْ يَكُنْ رَضِيَ بِالْحَوَالَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ وَإِذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ، أَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِهِ، فَبَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا فَالْحَوَالَةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ، وَقَوْلُهُ: إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ، وَبَدَنُهُ: الْحَيَاةُ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْقَبُولِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ قَبْلَ أَنْ يُجْبِرَهُ الْحَاكِمُ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: نَعَمْ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ، فَلَوْ هَلَكَ الْمُحَالُ مُعْسِرًا، أَوْ مَاتَ، أَوْ جَحَدَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَبْرَأُ إِلَّا أَنْ يُجْبِرَهُ الْحَاكِمُ، لَكِنْ تَنْقَطِعُ الْمُطَالَبَةُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ وَيَصِيرُ بِمَثَابَةِ مَنْ بَذَلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ فَامْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ قَبْضِهِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْقَبْضِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ قَبْلَ ذَلِكَ (وَإِنْ ظَنَّهُ مليئا فبان مُفْلِسًا، وَلَمْ يَكُنْ رَضِيَ بِالْحَوَالَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ) ، ذَكَرَهُ فِي " الْوَجِيزِ "، وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْفَلَسَ عَيْبٌ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِ فَاسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ كَالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا رَضِيَ بِالْحَوَالَةِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَعَ الرِّضَا يَزُولُ شَغْلُ الذِّمَّةِ، فَلَا يَعُودُ بَعْدَ زَوَالِهِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ) هَذَا رِوَايَةٌ كَشَرْطِهَا، وَفِي " الْمُغْنِي " احْتِمَالَانِ، وَفِي " الْكَافِي " رِوَايَتَانِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا رَضِيَ الْمُحْتَالُ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِفَلَسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِرِضَاهُ بِدُونِ حَقِّهِ كَالْمَعِيبِ.
(وَإِذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ، أَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِهِ فَبَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا) ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَظَهَرَ حُرًّا، أَوْ مُسْتَحِقًّا (فَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ) ، لِأَنَّهُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ تَبَيَّنَّا أَنْ لَا ثَمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالْحَوَالَةُ فَرْعٌ عَلَى الثَّمَنِ، فَإِذًا يَبْطُلُ الْفَرْعُ لِبُطْلَانِ أَصْلِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي مَسْأَلَةِ حَوَالَتِهِ، وَعَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَمَّا بَطَلَتْ وَجَبَ بَقَاءُ الْحَقِّ عَلَى مَا كَانَ وَيُعْتَبَرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةً، أَوِ اتِّفَاقُهُمْ، فَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ وَكَذَّبَهُمَا الْمُحْتَالُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ حَقَّهُ، كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اعْتَرَفَ هُوَ وَبَائِعُهُ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ، لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِدُخُولِهِمَا فِي التَّبَايُعِ، لَكِنْ إِنْ أَقَامَهَا الْعَبْدُ قُبِلَتْ وَبَطَلَتِ الْحَوَالَةُ، وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْمُحْتَالُ وَادَّعَى أَنَّهَا بِغَيْرِ ثَمَنِ الْعَبْدِ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنِ اتَّفَقَ الْمُحِيلُ وَالْمُحْتَالُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَكَذَّبَهُمَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ
بَاطِلَةٌ، وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ، أَوْ إِقَالَةٍ لَمْ تَبْطُلِ الْحَوَالَةُ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى مَنْ أَحَالَ الْمُشْتَرِيَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحِيلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ عَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا وَإِذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِمَا وَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَلَوِ اعْتَرَفَ الْمُحْتَالُ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَتَقَ لِإِقْرَارِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بَحْرِيَّتِهِ وَبَطَلَتِ الْحَوَالَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ، لِأَنَّ دُخُولَهُ مَعَهُ فِي الْحَوَالَةِ اعْتِرَافٌ بِبَرَاءَتِهِ.
(وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِعَيْبٍ، أَوْ إِقَالَةٍ) ، أَوْ خِيَارٍ، أَوِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ (لَمْ تَبْطُلِ الْحَوَالَةُ) ، لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَرْتَفِعْ هُنَا، فَلَمْ يَسْقُطِ الثَّمَنُ، فَلَمْ تَبْطُلِ الْحَوَالَةُ لِانْتِفَاءِ الْمُبْطِلِ وَكَمَا لَوْ أَخَذَ الْبَائِعُ بِحَقِّهِ عِوَضًا، وَحِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ لَمَّا رَدَّ الْعِوَضَ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِالْعِوَضِ، وَالرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ مُتَعَذِّرٌ لِلُزُومِ الْحَوَالَةِ، فَوَجَبَ فِي بَدَلِهِ وَإِذَا لَزِمَ الْبَدَلُ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي انْتَفَعَ بِمُبْدَلِهِ.
(وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى مَنْ أَحَالَ الْمُشْتَرِيَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحِيلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ عَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ) ، لِأَنَّ دَيْنَ الْبَائِعِ ثَابِتٌ عَلَى مَنْ أَحَالَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَدَيْنُ الْمُشْتَرِي ثَابِتٌ عَلَى الْبَائِعِ ثُبُوتًا مُسْتَقِرًّا، فَصَحَّتِ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُسْتَقِرَّةِ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْطُلَ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا) حَكَاهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " قَوْلًا، وَقَدَّمَهُ فِي " الْكَافِي "، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ تَسْقُطُ بِالْفَسْخِ، فَوَجَبَ بُطْلَانُ الْحَوَالَةِ لِذَهَابِ حَقِّهِ مِنَ الْمَالِ، كَمَا لَوْ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِ إِذْنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَجْهَانِ، وَأَبْطَلَ الْقَاضِي الْحَوَالَةَ بِهِ لَا عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إِذَا كَانَ الْمُحْتَالُ قَبَضَهَا وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ بِإِذْنِهِ (وَإِذَا) أَمَرَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ غَرِيمُهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا (قَالَ: أَحَلْتُكَ قَالَ: بَلْ وَكَّلْتَنِي) فِي قَبْضِهِ وَدَيْنِي بَاقٍ فِي ذِمَّتِكَ (أَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ) بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ (قَالَ: بَلْ أَحَلْتَنِي) بِلَفْظِ
قَالَ: أَحَلْتُكَ قَالَ: بَلْ وَكَّلْتَنِي، أَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ قَالَ: بَلْ أَحَلْتَنِي. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ، وإن اتفقا عَلَى أَنَّهُ قَالَ: أَحَلْتُكَ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْوَكَالَةُ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ، وَإِنْ قَالَ: أَحَلْتُكَ بِدَيْنِكَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْحَوَالَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ) مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي بَقَاءَ الْحَقِّ عَلَى مَا كَانَ وَيُنْكِرُ انْتِقَالَهُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا، لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي اللَّفْظِ، وَهُوَ مَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (وإن اتفقا عَلَى أَنَّهُ قَالَ: أَحَلْتُكَ) ، أَوْ أَحَلْتُكَ بِدَيْنِي (وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْوَكَالَةُ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْكَافِي "، وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَذْهَبُ يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقِّ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْتَالُ يَدَّعِي نَقْلَهُ، وَالْمُحِيلُ يُنْكِرُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَالثَّانِي: يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ لِمُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ الْحَقِيقَةَ وَدَعْوَى خَصْمِهِ الْمَجَازَ فَعَلَيْهِ يَحْلِفُ الْمُحْتَالُ وَيَثْبُتُ حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِقُّ مُطَالَبَتَهُ وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُحِيلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْلِفُ الْمُحِيلُ وَيَبْقَى حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِمَا إِنْ كَانَ الْمُحْتَالُ قَبَضَ الْحَوَالَةَ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَتَلَفَ فِي يَدِهِ، فَقَدْ بَرِئَ كُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ فَوَجْهَانِ (وَإِنْ قَالَ: أَحَلْتُكَ بِدَيْنِكَ) بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اخْتَلَفَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ وَجْهًا وَاحِدًا) ، وَكَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِدَيْنِهِ لَا تَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ مُدَّعِيهَا.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: الْحَوَالَةُ عَلَى مَالِهِ مِنَ الدُّيُونِ إِذْنٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَقَطْ وَلِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ وَمُطَالَبَةُ مُحِيلِهِ، وَإِحَالَةُ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَنْ دَيْنُهُ عَلَيْهِ وَكَالَةٌ، وَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِهِ وَكَالَةٌ فِي اقْتِرَاضٍ، وَكَذَا مَدِينٌ عَلَى بَرِيءٍ، فَلَا يُصَارِفُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي " الْوجيزِ "، وَ " التَّبْصِرَةِ " إِنْ رَضِيَ الْبَرِيءُ بِالْحَوَالَةِ صَارَ ضَامِنًا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُرُوعِ ".