الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ الْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي بِأَنْ يُوَكِّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَيَبِيعَهُ بَعْدَ سَنَةٍ، أَوْ يَبْلُغَهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ مُنْذُ شَهْرٍ فَيَقُولَ: قَبِلْتُ.
وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ، وَالتَّوَكُّلُ فِي شَيْءٍ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَكَالْقَبُولِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَصِحُّ مُؤَقَّتَةً وَمُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ كَوَصِيَّةٍ، وَإِبَاحَةِ أَكْلٍ، وَقَضَاءٍ، وَإِمَارَةٍ وَكَتَعْلِيقِ تَصَرُّفٍ، وَاخْتَارَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ كَتَعْلِيقِ فَسْخِهَا (وَكُلِّ قَوْلٍ) ، وَالْأَصَحُّ (أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ) ، لِأَنَّ وُكَلَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ سِوَى امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَلِأَنَّهُ إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ فَجَازَ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ كَأَكْلِ الطَّعَامِ، وَكَذَا سَائِرُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ كَشَرِكَةٍ وَمُضَارِبَةٍ وَمُسَاقَاةٍ وَنَحْوِهَا (وَيَصِحُّ الْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ) بِلَا شُبْهَةٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ (وَالتَّرَاخِي بِأَنْ يُوَكِّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَيَبِيعَهُ بَعْدَ سَنَةٍ، أَوْ يَبْلُغَهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ مُنْذُ شَهْرٍ فَيَقُولَ: قَبِلْتُ) ، لِأَنَّ قَبُولَ وُكَلَائِهِ عليه السلام كَانَ بِفِعْلِهِمْ وَكَانَ مُتَرَاخِيًا عَنْ تَوَكُّلِهِ إِيَّاهُمْ، وَلِأَنَّهُ إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، وَالْإِذْنُ قَائِمٌ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، أَشْبَهَ الْإِبَاحَةَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْوَكِيلِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَفِي " الِانْتِصَارِ "، وَلَوْ وَكَّلَ زَيْدًا، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، أَوْ لَمْ يَعْرِفُ مُوَكِّلَهُ لَمْ يَصِحَّ.
[الْوَكَالَةُ لَا تَجُوزُ إِلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ]
(وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ فِي شَيْءٍ إِلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) ، لِأَنَّ مَنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ فَنَائِبُهُ أَوْلَى، فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ، أَوْ طَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا لَمْ يَصِحَّ، إِذِ الطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِّيُّ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: إِنْ قَالَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ هَذِهِ، فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي طَلَاقِهَا، أَوْ إِنِ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي عِتْقِهِ، صَحَّ إِنْ قُلْنَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُمَا عَلَى مِلْكِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا، وَكُلُّ مَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ، صَحَّ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِنَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ غَيْرَهُ، وَأَنْ يَنُوبَ عَنْ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ فِي إِيجَابِ نِكَاحٍ إِلَّا عَلَى رِوَايَةٍ، وَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا، وَغَيْرِهَا، وَتَوْكِيلُ الْعَبْدِ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَهُ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا
مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ حَقٍّ آدَمِيٍّ مِنَ الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، وَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الصَّيْدِ، وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ إِلَّا الظِّهَارَ، وَاللِّعَانَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ بِجُعْلٍ، لِأَنَّهُ مِنِ اكْتِسَابِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ بِغَيْرِ جُعْلٍ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَصِحَّةُ وَكَالَةِ الْمُمَيِّزِ فِي طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " رِوَايَتَانِ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ بِلَا إِذْنٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّلَ وَاجِدٌ لِلطَّوْلِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ أَمَةٍ لِمُبَاحٍ لَهُ، وَغَنِيٌّ لِفَقِيرٍ فِي قَبُولِ زَكَاةٍ، لِأَنَّ سَلْبَهُمَا الْقُدْرَةَ تَنْزِيهًا، وَقَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَبِيهِ الْأَجْنَبِيِّ. قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ.
(وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي كُلِّ حَقٍّ آدَمِيٍّ مِنَ الْعُقُودِ) ، لِأَنَّهُ عليه السلام وَكَّلَ عُرْوَةَ بْنَ الْجَعْدِ فِي الشِّرَاءِ، وَسَائِرُ الْعُقُودِ كَالْإِجَارَةِ، وَالْقَرْضِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْإِبْرَاءِ فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُحْسِنُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ، أَوْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى السُّوقِ، أَوْ يَحُطُّ ذَلِكَ مِنْ مَنْزِلَتِهِ
فَأَبَاحَهَا الشَّارِعُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَتَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ،
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ.
وَقِيلَ: التَّوْكِيلُ فِيهِ إِقْرَارٌ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَفِي إِثْبَاتِ الْقِصَاصِ، وَفِي الْمُطَالَبَةِ بِالْحُقُوقِ وَإِثْبَاتِهَا، وَالْمُحَاكَمَةِ فِيهَا حَاضِرًا كَانَ الْمُوَكِّلُ، أَوْ غَائِبًا صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ (وَالْفُسُوخِ، وَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ) ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْإِنْشَاءِ، فَجَازَ فِي الْإِزَالَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَالرَّجْعَةِ) ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ (وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ، وَنَحْوِهِ) كَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَوَارِيثِ، لِأَنَّهَا تَمَلُّكُ مَالٍ بِسَبَبٍ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، فَجَازَ كَالِابْتِيَاعِ، وَالِاتِّهَابِ، وَقِيلَ: مَنْ وَكَّلَ فِي احْتِشَاشٍ وَاحْتِطَابٍ فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَكِيلُ مَا أَخَذَهُ، أَوْ مُوَكِّلُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ (إِلَّا الظِّهَارَ) ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُنْكَرٌ وَزُورٌ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَلَمْ تَجُزِ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ كَالْإِيلَاءِ (وَاللِّعَانَ، وَالْأَيْمَانَ) ، لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ، فَلَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، وَالنَّذْرُ وَالْقَسَامَةُ كَذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْقَسْمُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالزَّوْجِ لِأَمْرٍ يَخْتَصُّ بِهِ، وَالشَّهَادَةُ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالشَّاهِدِ، وَالرَّضَاعُ، لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمُرْضِعَةِ، وَالِالْتِقَاطُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَالْتَقَطَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنَ الْآمِرِ، وَالِاغْتِنَامُ، لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالْحُضُورِ، وَالْغَصْبُ، وَالْجِنَايَةُ، لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ (وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ