الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ
وَهِيَ ضَرْبَانِ: صَحِيحٌ؛ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: شَرْطُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ كَالتَّقَابُضِ، وَحُلُولِ الثَّمَنِ وَنَحْوِهِ.
الثَّانِي: شَرْطٌ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ
كَاشْتِرَاطِ صِفَةٍ فِي الثَّمَنِ كَتَأْجِيلِهِ أَوِ الرَّهْنِ أَوِ الضَّمِينِ بِهِ أَوْ صِفَةٍ فِي الْمَبِيعِ نَحْوَ كَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ صَانِعًا أَوْ مُسْلِمًا، وَالْأَمَةِ بِكْرًا، وَالدَّابَّةِ هَمْلَاجَةً، وَالْفَهْدِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَسْأَلَةٌ: يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، إِذِ الْأَمْرُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ قَوْمٌ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ وَاجِبٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَكَالنِّكَاحِ، وَجَوَابُهُ قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: صَارَ إِلَى الْأَمَانَةِ، وَفِعْلُهُ عليه السلام يُفَسِّرُهُ.
[بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ]
[الشُّرُوطُ الصَّحِيحَةُ فِي الْبَيْعِ]
[الْأَوَّلُ شَرْطُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ]
بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ
وَهِيَ جَمْعُ شَرْطٍ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا هُنَا بِمَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَالْأَوْلَى: هُوَ إِلْزَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْآخَرَ بِسَبَبِ الْعَقْدِ مَا لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ.
(وَهِيَ ضَرْبَانِ: صَحِيحٌ) وَهُوَ مَا يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَفَاسِدٌ وَهُوَ مَا يُنَافِيهِ، وَقُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَى الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ لِسَلَامَةِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكَ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدَمِ.
(وَهُوَ) أَيِ: الصَّحِيحُ (ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: شَرْطُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ) أَيْ: مَطْلُوبِهِ (كَالتَّقَابُضِ وَحُلُولِ الثَّمَنِ) فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ وَتَأْكِيدٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَنَحْوِهِ) مِثْلَ أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يَتَصَرَّفَ، أَوْ يَسْقِيَ الثَّمَرَةَ إِلَى الْجِدَادِ. قَالَهُ فِي " الْبُلْغَةِ ".
[الثَّانِي شَرْطٌ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ]
(الثَّانِي: شَرْطٌ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَاشْتِرَاطِ صِفَةٍ فِي الثَّمَنِ كَتَأْجِيلِهِ) أَوْ بَعْضِهِ قَالَهُ أَحْمَدُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَالْخِيَارِ (أَوِ الرَّهْنِ أَوِ الضَّمِينِ بِهِ) وَالْمُرَادُ إِذَا كَانَا مُعَيَّنَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ لِمَصْلَحَةٍ، وَيَلْزَمُ بِتَسْلِيمِ رَهْنِ الْمُعَيَّنِ إِنْ قِيلَ بِلُزُومٍ بِالْعَقْدِ (أَوْ صِفَةٍ فِي الْمَبِيعِ) مَقْصُودَةٍ (نَحْوَ كَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ صَانِعًا) أَوْ فَحْلًا قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ "(أَوْ مُسْلِمًا، وَالْأَمَةِ بِكْرًا) أَوْ حَائِضًا نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَلَيْسَ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى زَوَالُهُ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا إِنْ لَمْ تَحِضْ طَبْعًا فَفَقْدُهُ يَمْنَعُ النَّسْلَ، وَإِنْ كَانَ لِكِبَرٍ فَعَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ الثَّمَنَ (وَالدَّابَّةِ هَمْلَاجَةً)
صَيُودًا؛ فَيَصِحُّ، فَإِنْ وَفَى بِهِ وَإِلَّا فَلِصَاحِبِهِ الْفَسْخُ، وَإِنْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا كَافِرَةً فَبَانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً، فَلَا فَسْخَ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ قَصْدًا، وَإِنْ شَرَطَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَيْ: مَاشِيَةً، إِذِ الْهَمْلَجَةُ مِشْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (وَالْفَهْدِ صَيُودًا) وَالْأَرْضُ خَرَاجُهَا كَذَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي (فَيَصِحُّ) اشْتِرَاطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّغَبَاتِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ لَفَاتَتِ الْحِكْمَةُ الَّتِي شُرِّعَ لِأَجْلِهَا الْبَيْعُ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ عليه السلام:«الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ لِقَوْلِهِ: (فَإِنْ وَفَى بِهِ، وَإِلَّا فَلِصَاحِبِهِ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي (الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ شَرَطَ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ، فَصَارَ مُسْتَحِقًّا، كَمَا لَوْ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مَعِيبًا، فَإِذَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ مَعَ الْإِمْسَاكِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي، وَالْأَكْثَرُ إِلْحَاقًا لَهُ بِالتَّدْلِيسِ، وَذَكَرَ الْمَجْدُ فِي مُحَرِّرِهِ وَ " الْفُرُوعِ " أَنَّهُ إِذَا أَمْسَكَ فَلَهُ أَرْشُ فَقْدِ الصِّفَةِ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْعَيْبِ، وَقِيلَ: مَعَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ " هَلْ يَبْطُلُ بَيْعٌ بِبُطْلَانِ رَهْنٍ فِيهِ كَجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَمْ لَا كَمَهْرٍ فِي نِكَاحٍ فِيهِ احْتِمَالَانِ (وَإِنْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا كَافِرَةً فَبَانَتْ بِكْرًا مُسْلِمَةً فَلَا فَسْخَ لَهُ) لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، كَمَا لَوْ شَرَطَ الْغُلَامُ كَاتِبًا، فَإِذَا هُوَ أَيْضًا عَالِمٌ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اجْتِمَاعَ الْوَصْفَيْنِ، بَلْ مَتَى شَرَطَ أَحَدُهُمَا: فَبَانَ بِخِلَافِهِ كَفَى (وَيُحْتَمَلُ) هَذَا قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ (أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ قَصْدًا) صَحِيحًا، إِذِ الْمُشْتَرِي قَدْ لَا يُطِيقُ وَطْءَ الْبِكْرِ، وَطَالَبَ الْكَافِرَةَ أَكْثَرَ لِصَلَاحِيَّتِهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ وَلِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَكْلِيفِهَا بِالْعِبَادَاتِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا شَرَطَهُ كَافِرًا، فَلَمْ يَكُنْ، فَلَا فَسْخَ كَاشْتِرَاطِ الْحُمْقِ وَنَحْوِهِ، فَلَوْ كَانَتْ الصفة غير مَقْصُودَةً، كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْأَمَةِ سَبْطَةً فَبَانَتْ جَعْدَةً، أَوْ جَاهِلَةً فَبَانَتْ عَالِمَةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَرَطَهَا جَعْدَةً فَبَانَتْ سَبْطَةً أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ، وَقَالَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " لِأَنَّهُ عَيْبٌ.
تَنْبِيهٌ: يَصِحُّ شَرْطُ كَوْنِ الشَّاةِ لَبَوْنًا، أَوْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ لَا أَنَّهَا تَحْلِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا