الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي: فَاسِدٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَقْدًا آخَرَ كَسَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ صَرْفٍ لِلثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ، فَهَذَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبْطِلَ الشَّرْطَ وَحْدَهُ.
الثَّانِي: شَرْطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْبَيْعِ
نَحْوَ أَنْ يُشْرَطَ أَنْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْهِ، أَوْ مَتَى نَفَقَ الْمَبِيعُ وَإِلَّا رَدَّهُ، أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ وَلَا يُعْتِقَ، أَوْ إِنْ أَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لَهُ، أَوْ يَشْرُطَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، فَهَذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَا كَانَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ فَسَّرَهُمَا بِشَرْطَيْنِ فَاسِدَيْنِ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَضَعَّفَهُ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "، فَإِنَّ الْوَاحِدَ مُؤَثِّرٌ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّعَدُّدِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ مُخْتَلِفٌ فِيهِ بِخِلَافِ الشَّرْطَيْنِ.
[الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْبَيْعِ]
[الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَقْدًا آخَرَ]
فَصْلٌ (الضَّرْبُ الثَّانِي: فَاسِدٌ) يَحْرُمُ اشْتِرَاطُهُ (وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَقْدًا آخَرَ كَسَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ صَرْفٍ لِلثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ فَهَذَا) الشَّرْطُ (يُبْطِلُ الْبَيْعَ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، وَكَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إِلَيْهِ الْمَبِيعَ، نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ إِذَا اشْتَرَاهُ بِكَذَا إِلَى شَهْرِ كُلِّ جُمُعَةٍ دِرْهَمَانِ قَالَ: هَذَا بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، وَلِأَنَّهُ شَرَطَ عَقْدًا فِي آخَرَ، فَلَمْ يَصِحَّ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ، وَحِكْمَتُهُ إِذَا فَسَدَ الشَّرْطُ وَجَبَ رَدُّ مَا فِي مُقَابَلَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُبْطِلَ الشَّرْطَ وَحْدَهُ) هَذَا رِوَايَةٌ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ فَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَصَحَّحَ الشِّرَاءَ مَعَ إِبْطَالِ الشَّرْطِ وَأَطْلَقَ فِي " الْمُحَرَّرِ " الرِّوَايَتَيْنِ.
[الثَّانِي شَرْطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْبَيْعِ]
(الثَّانِي: شَرْطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْبَيْعِ نَحْوَ أَنْ يَشْرُطَ أَنْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْهِ، أَوْ مَتَى نَفَقَ الْمَبِيعُ وَإِلَّا رَدَّهُ، أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ وَلَا يُعْتِقَ، أَوْ إِنْ
بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ، وَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. إِلَّا إِذَا شَرَطَ الْعِتْقَ، فَفِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: يَصِحُّ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ أَبَاهُ، وَعَنْهُ: فِيمَنْ بَاعَ جَارِيَةً، وَشَرَطَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَعْتَقَ فَالْوَلَاءُ لَهُ، أَوْ يَشْرُطَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَهَذَا) شَرْطٌ (بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ) لِقَوْلِهِ عليه السلام:«مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ إِطْلَاقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَلَى اخْتِيَارِهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا بَذَلَ الثَّمَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ يَقْتَضِي إِطْلَاقَ التَّصَرُّفِ، فَالْمَنْعُ مِنْهُ يُؤَدِّي إِلَى تَفْوِيتِ الْغَرَضِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ بَاطِلًا (وَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْبُلْغَةِ " أَنَصُّهُمَا لَا يَبْطُلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاخْتَارَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ ثَابِتٌ، وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا يُعَارِضُهُ، وَالْقَوْلُ بِهِ يَجِبُ، لَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ؛ أَيْ: عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ لَهَا بِالْإِعْتَاقِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى اشْتِرَاطِهِ، وَلِأَنَّهُمُ امْتَنَعُوا مِنَ الْبَيْعِ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ لَهُمُ الْوَلَاءُ، فَكَيْفَ يَأْمُرُهَا بِمَا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَهُ مِنْهَا، وَصِيغَةُ الْأَمْرِ هُنَا لِلتَّسْوِيَةِ نَحْوَ:{فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا} [الطور: 16] وَلِعَوْدِ الشَّرْطِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدِ نَحْوَ: بِعْتُكَ عَلَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهِ فُلَانٌ - يَعْنِي غَيْرَ الْمُشْتَرِي - ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِيَةُ: يَبْطُلُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَأَفْسَدَ الْعَقْدَ، كَمَا لَوْ شَرَطَ عَقْدًا آخَرَ، وَكَجَهَالَةِ الثَّمَنِ، فَلَوْ أَسْقَطَ الْفَاسِدَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَعَلَى الصِّحَّةِ لِلْفَائِتِ غَرَضُهُ، وَقِيلَ: لِلْجَاهِلِ - فَسَادُ الشَّرْطِ - الْفَسْخُ، أَوْ أَرْشُ نَقْصِ الثَّمَنِ بِإِلْغَائِهِ، وَقِيلَ: لَا أَرْشَ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (إِلَّا إِذَا شَرَطَ الْعِتْقَ فَفِي صِحَّتِهِ) أَيْ: صِحَّةِ الشَّرْطِ (رِوَايَتَانِ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ "(إِحْدَاهُمَا: يَصِحُّ) صَحَّحَهُ فِي
عَلَى الْمُشْتَرِي إِنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَمَعْنَاهُ، - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ جَائِزٌ مَعَ فَسَادِ الشَّروطِ، وَإِنْ شَرَطَ رَهْنًا فَاسِدًا وَنَحْوَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْبُلْغَةِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَ " الْفُرُوعِ " وَهِيَ الْمَذْهَبُ لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ (وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إِنْ أَبَاهُ) لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ لِكَوْنِهِ قُرْبَةً الْتَزَمَهُ الْمُشْتَرِي فَأُجْبِرَ عَلَيْهِ كَالنَّذْرِ، وَقِيلَ: هُوَ حَقٌّ لِلْبَائِعِ فَيُفْسَخُ، فَإِنْ أَمْضَى، فَلَا أَرْشَ فِي الْأَصَحِّ، وَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَإِسْقَاطُهُ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يُوجِبُ فِعْلَ الْمَشْرُوطِ، كَمَا لَوْ شَرَطَ الرَّهْنَ، أَوِ الضَّمِينَ فَعَلَيْهِ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ لَهُ بِشَرْطِهِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ، وَقِيلَ: شَرْطُ الْوَقْفِ كَالْعِتْقِ (وَعَنْهُ: فِيمَنْ بَاعَ جَارِيَةً، وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي إِنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَمَعْنَاهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ جَائِزٌ مَعَ فَسَادِ الشُّرُوطِ) . رَوَى الْمَرُّوذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ مَعْنَى حَدِيثِ النَّهْيِ صلى الله عليه وسلم لَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، يَعْنِي أَنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ إِيَّاهُ، وَشَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَهُمَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، لَكِنْ نَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ عَنْهُ جَوَازَ الْبَيْعِ وَالشَّرْطَيْنِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ وَلُزُومِهِ رِوَايَتَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عَنْهُ نَحْوَ عِشْرِينَ نَصًّا عَلَى صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ لِنَقْصِ الْمِلْكِ، وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنِ اشْتَرَى أَمَةً بِشَرْطِ أَنْ يَتَسَرَّى بِهَا لَا لِلْخِدْمَةِ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ لَا يَقْرَبُهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَعِنْدِي أَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ لِمَكَانِ الْخِلَافِ فِي الْعَقْدِ (وَإِنْ شَرَطَ رَهْنًا فَاسِدًا) كَالْخَمْرِ فَسَدَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ لِيَرْجِعَ إِلَيْهِ، عند الِاسْتِيفَاء إِذَا لَمْ يُمْكِنْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهِ، فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ (وَنَحْوَهُ) كَخِيَارٍ أَوْ أَجَلٍ مَجْهُولَيْنِ (فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا